أطفال ونساء صنعاء يفترشوف على الأرصفة بحثاً عن لقمة العيش

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تشهد أرصفة وطرقات العاصمة اليمنية صنعاء، خلال هذه الأيام إنتشاراً لظاهرة بيع الأطفال والنساء، أو ما يُعرف بظاهرة “الجولات” محليًا، بالإضافة إلى ظاهرة التسول، نتيجة الحرب وارتفاع معدلات النزوح.

حيث تشاهد أطفال تركوا مدارسهم ليلتحقوا بسوق العمل في تقاطعات الشوارع وعلى الأرصفة،  بعد أن طحنتهم الظروف القاسية، وحوّلت واقعهم إلى مأساة لا تنتهي، لتتحول مشاهد الأطفال وهم يمتهنون البيع عند التقاطعات وقرب إشارات المرور وفي الأسواق العامة وعلى الأرصفة، إلى مشهد من يوميات المواطن اليمني.

بالإضافة إلى أطفال آخرين “يبيعون علب المياه المعدنية والمجلجل- حلاوة السمسم – وإكسسوارات السيارة والهواتف و عددًا من البضائع الصينية الرخيصة”، تلك هي المنتجات التي يبيعونها للمارة، ليس الأطفال فقط من وجدوا في الرصيف ملاذًا أخيرًا لمواجهة مخاوف الجوع، كذلك للنساء نصيب من دوامة التيه هذه.

ومثالاً على ذلك إليكم قصة الطفل "عبدالله" كالتالي: 

يتجول الطفل "عبد الله" البالغ من العمر 9 أعوام في شوارع صنعاء، وهو يحمل صحن حلاوة السمسم، والتي تسمى محليًا “المجلجل”، ويسترق النظر إلى الأطفال وهم منشغلون باللعب وفي أوقات يشاركهم اللعب.

ويستيقظ عبدالله باكرًا لشراء حلاوة السمسم من معمل صغير قريب من المنزل الذي يقطنه مع أمه وأخوانه، قبل أن يبدأ مشوار التجول لساعات تحت الشمس في شوارع صنعاء المزدحمة، ليكون الرصيف هو محطة الاستراحة الوحيدة حتى الانتهاء من بيع الحلاوة والعودة الى المنزل ببضع مئات من الريال.

ويذكر أن الطفل عبدالله، يواظب على الدوام في مدرسته، لكن شهر فبراير من العام 2015، قلب حياته رأسًا على عقب، عندما  أحضر والده الجندي في قوات الأمن المركزي – القوات الخاصة سابقًا- جثة هامدة، بعد أن هاجم مجهولون نقطة على مدخل صنعاء، حيث قُتل والده في ذلك الحادث، ليصبح في ليلة وضحاها هو رب الأسرة والمعيل لها.

وكما أن عبدالله هو أكبر أخوانه، ويسكن في منزل إيجار في حي مذبح الفقير، وطوال الأشهر التي انقطعت فيها رواتب منسوبي الدولة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، اضطر الطفل إلى أن يتجول يوميًا في الشوارع وهو ينادي : “مجلجل.. مجلجل”.

ولكن أسوأ ما يذكره عبدالله، موقف زرع الحزن في قلبه، عندما صرخ في وجهه صديق والده أن ينظف ثيابه ويديه قبل ان يبيع للناس , وقال في حديث طويل لمراسل إرم نيوز في صنعاء: ذات نهار صادفت عند أحد التقاطعات الضابط الذي قَدِم إلى منزلنا بعد أيام من مقتل والدي للتعزية، وجلب معه ” موانة المطبخ”- قمح ودقيق وسكر وزيت ورز – وتعهد لجدي أن يعتني “بأطفال الشهيد”، كان برفقة أطفاله، اقتربت وطلبت منه أن يشتري مني لكنه نهرني بشدة.

نساء على الرصيف

أخفت عينيها بلثمة سوداء ولبست الكفوف النسائية، وتنقلت طوال ساعات النهار بين السيارات في تقاطع بحي حدة وسط صنعاء، لتبيع للمارة وسائقي المركبات الميداليات التي صنعتها بيدها من حبات الخرز الملونة وبعض القطع القماشية المطرزة.

وتقول سيدة أربعينية تدعى “تقية”، تبيع المياه المعدنية في التقاطع ذاته “إن الفتاة هي أرملة تبيع مشغولات يدوية تصنعها بنفسها منذ شهرين”، وبحسب  السيدة تقية التي تحدثت لـ”إرم نيوز”، فإن الفتاة تتجنب مخالطة البائعات هنا، ربما لخوفها من معرفة هويتها.

وقالت وهي تبتسم”المعيشة مرة  يا ابني والكل يلقط رزقه وربك كريم” لتعرّج  إلى معاناتها، فقد سُرّح زوجها من معمل الخياطة الذي كان يعمل به عقب دخول الحوثيين العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وبسبب فقدانه إحدى قدميه في حادث مروري في شبابه لم يجد عملًا. لتتابع: لدي خمس بنات وولد صغير وأنا من “يشقا عليهم”.

مستقبل غامض

وحذّر رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة أحمد القرشي، في حديث خاص له من تنامي ظاهرة أطفال الجولات، قائلًا: إنها “نتاج طبيعي لتنامي معدلات الحرب والنزوح بشكل كبير وغير مسبوق أيضًا”.

ولفت القرشي، الى وجود “مؤشرات غير مرئية وستظهر مستقبلًا مخاطرها الاجتماعية، كالانخراط مع الجماعات الإرهابية بسهولة، وفي الجريمة كالسرقة، وفي الانحرافات الأخلاقية كالإتجار بالبشر والدعارة”.

وأشار إلى أن الغياب التام لدور مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية والإيواء والتأهيل إلى جانب الضعف الحاد في دور المنظمات “ساهم في تنامي تلك الظواهر وغيرها بشكل خطير وكبير جدًا”.