بعد اشتداد الخلاف بينهم.. هل يحدث معركة دامية بين القاعدة وداعش؟ (تقرير)

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بدا الخلاف واضحاً؛ بل ومتنامياً بين تنظيمي "القاعدة" و"الدولة"، مع تكرار الاتهامات وعدم الاتفاق بين الطرفين، التي أظهرت على السطح حجم الصراع الدائر بين التنظيمين المحظورين عالمياً.

 

وأكد مراقبون ومختصون في شؤون الجماعات الإسلامية، أن "الصراع الذي يتسع بين التنظيمين يعتبر تطوراً طبيعياً للجماعات الجهادية الإسلامية، وذلك في ظل حالة من التباعد الجغرافي والفكري يعيشها قادة تلك الجماعات، نتيجة الملاحقات الأمنية وعدم التواصل فيما بينهم"، لافتين إلى أنها "مرشحة للتشظي أكثر فأكثر"، بحسب "الخليج أون لاين".

 

وهاجم زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في 6 يناير، زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، متهماً إياه بالكذب والافتراء على القاعدة لتشويه صورتها و"عملها الجهادي"، قائلاً: إن "الأولوية في الجهاد يجب أن تكون لضرب أمريكا".

 

- خلافات تنظيمية

وكشف عام 2013 عن أولى تلك الخلافات العميقة والأيديولوجية بين قادة التنظيمين، أبو بكر البغدادي وأيمن الظواهري، حين طالب الأخير "داعش" بالتعاون مع الجماعات الإسلامية الأخرى، ليقابل التنظيم تلك الدعوة بالرفض وعدم استعداده لتقاسم السلطة، بالإضافة إلى رفض البغدادي القرارات القيادية التي أصدرها الظواهري بإعلان أبو بكر البغدادي أميراً لـ"دولة العراق الإسلامية"، وأبو محمد الجولاني أميراً لجبهة النصرة في الشام، وكل منهما لمدة سنة من تاريخه.

 

الباحث والخبير في الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، قال، إن جذور الخلاف بين القاعدة أو جبهة النصرة "كانت منذ بدايات تشكلها والتحاقها بالعمل العسكري في سوريا، جزءاً من (دولة العراق الإسلامية)، إلا أن (النصرة) اختارت عدم الإعلان عن هويتها التابعة لـ(القاعدة)؛ لأغراض تكتيكية محضة، لكن لجوء الجولاني إلى الاستقلال عن (الدولة)، بتعميق نهج الجهاد المحلي داخل سوريا، دفع البغدادي إلى الإعلان عن قرار الدمج، وأنه صاحب القرار والولاية في هذا الشأن فقط".

 

- تعايش مؤقت

أبو هنية وصف طبيعة العلاقة الحالية بين القاعدة وتنظيم الدولة بـ"التعايش الحذر والمؤقت، وتقاسم العمل في مناطق النفوذ"، مضيفاً: "ففي الوقت الذي تمضي فيه (الدولة) في مشروعها الجهادي الدولي، تركز جبهة النصرة على مقاتلة النظام السوري داخل الأراضي السورية فقط".

 

- خلافات متجذرة

وتجدر الإشارة إلى أن الصراع بين القاعدة وتنظيم الدولة، هو نتاج خلافات قديمة لم تكن ظاهرة، لكنها كانت موجودة منذ "بيعة" أبو مصعب الزرقاوي لأسامة بن لادن، واستمرت إلى ما بعد مقتل الزرقاوي مع قائد التنظيم حمزة المهاجر، الذي أصبح أحد مكونات "الدولة الإسلامية في العراق" التي أُعلن قيامها في العراق عام 2006 بزعامة أبو عمر البغدادي.

 

وتشير وثائق عُثر عليها في مخبأ بن لادن، سربتها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إلى اختلافات في التصورات والأهداف الاستراتيجية وتحديد الأولويات بين "القاعدة" وفرعه، فزعيم تنظيم القاعدة السابق كان يتحفّظ على إطلاق اسم "الدولة" ويفضل عليه اسم الإمارة، ويرى ضرورة الابتعاد عن وصف أميرها بـ"أمير المؤمنين".

 

- خلافات عابرة للحدود

أما اليمن، فلم يكن أحسن حالاً؛ إذ أُعلن عن تشكيل "ولاية صنعاء"، التي بايعت أبو بكر البغدادي، زعيم "الدولة"، ليخترق التشكيل الجديد مناطقَ سيطرة القاعدة في اليمن، ما دفع الأخيرة إلى المسارعة بإعلان نفي علاقتها بالعمليات التي نفذها خصمه.

 

وأعلنت حركة "الشباب المسلمين" الصومالية، التابعة لـ"القاعدة"، اعتقال عدد من المقاتلين الأجانب في صفوفها بتهمة "الترويج لداعش"، ما دعا الأخير إلى إصدار تسجيلات مصورة، حملت عناوين "الحقْ بالقافلة" و"اسمع منا أيها المجاهد الصومالي" و"أيها المجاهد في الصومال عليك بالجماعة"، في محاولة لكسب ولاء عناصر الحركة.

 

- خلافات فقهية

الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان، قال، إن "تنظيم القاعدة وجه تهماً كالمبالغة في التكفير لقادة داعش، وبعدم الأهلية لتنزيل الأحكام الشرعية موضعها، وأن (الشرعيين) الذين يقودونه (حدثاء الأسنان) ولا يفقهون تنزيل (كفر النوع) على (العين) في حق المسلمين السُّنة وأصحاب المذاهب الأخرى، وتتهمه القاعدة أيضاً بأنه يكفّر مخالفيه من التنظيمات الجهادية، وكأنه هو جماعة المسلمين دون غيرهم! وأنه يستهين بالدماء ويبالغ في قتل كل من خالفه من المسلمين".

 

وقال أبو رمان: "ترى القاعدة أن البغدادي قد أعلن الخلافة دون تمكين، وأنه اقتصر على بيعة أصدقائه من تنظيمه في العراق من غير شورى المسلمين مع ما تحمله كتب الفقه من نواقض تنتقص من خلافة البغدادي لعدم توافر الشروط به، وإعلان القاعدة أن كل بيعة للبغدادي حتى من بعض التيارات الجهادية هي باطلة".

 

- مرحلة اللاعودة

وصل الحد في الاختلاف بين القاعدة وداعش إلى اغتيال عددٍ من قيادات كل طرف، ليتضح للجميع أن حجم الفجوة بين الطرفين أصبح كبيراً، وأن كلاً منهما يتبع مدرستين تختلفان عمودياً وأفقياً عن الأخرى.

 

يؤكد أبو رمان أن السبب الرئيس للاختلاف بين الاتجاهين أو التيارين الجهاديين اليوم، أن "القاعدة بعد المراجعات أصبحت أكثر حرصاً على عدم الاصطدام بالمجتمع المحلي وعدم التوسّع في التكفير مع المخالفين، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية عدوها الأولى بالقتال، بينما تنظيم الدولة يرى ضرورة فرض سيطرته وهيمنته على المناطق التي يسيطر عليها كأولوية قصوى".