هل تستغل المعارضة الايرانية ذكرى مظاهرات 2009 فى ازاحة روحاني

عرب وعالم

اليمن العربي




استغل كبار المسؤولين الإيرانيين، الخميس، ذكرى مظاهرة 92 ديسمبر لتجديد المواقف الغاضبة من أحداث انتخابات الرئاسة في 2009، وذلك بعد يوم من تحذير الرئيس الإيراني حسن روحاني من توظيف المناسبات السياسية من أجل تصفية حسابات حزبية.

ففي نهاية ديسمبر 2009، اجتمع أنصار المرشد الإيراني من جميع مناطق إيران للمشاركة في مظاهرة واسعة؛ رداً على سلسة احتجاجات بدأت منذ يونيو 2009 وامتدت لفترة ثمانية أشهر.

وبحسب صحيفة الشرق الأوسط، فقد أوحت المواقف الصادرة من المسؤولين، الخميس، بأن إيران دخلت فعلياً أجواء الانتخابات الرئاسية في مايو 2017 قبل معرفة هوية المرشحين لمنافسة روحاني الذي ينوي الترشح لولاية ثانية، ورأى أغلب المسؤولين أن الاحتجاجات اندلعت عقب رفض المرشحَين السابقين ميرحسين موسوي، ومهدي كروبي، قبول نتائج الانتخابات، واتهام السلطات بتزوير النتائج لمصلحة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وكان مجلس "صيانة الدستور" قد أعلن الأربعاء عن انتخاب أحمد جنتي رئيساً للجنة التنفيذية للانتخابات الرئاسية المقبلة، كما اختار عضو الفريق القانوني في المجلس، عباس كدخدائي، متحدثاً باسم اللجنة؛ لتقطع إيران الخطوة الرسمية الأولى باتجاه الانتخابات قبل تسلم أوراق المرشحين.

والخميس أعلن حزب "مؤتلفة" الإسلامي الأصولي، في مؤتمره العام بمدينة مشهد، أنه يخوض رسمياً الانتخابات الرئاسية المقبلة عبر مرشحه مصطفى ميرسليم، وفق ما نقلت وكالة "إيسنا" عن أمين عام الحزب، محمد نبي حبيبي.

وشغل ميرسليم منصب وزير الثقافة والإعلام في حكومة رفسنجاني الثانية بين عامي 1994 و1997، وتعرف فترة وزارته على أنها "العصر الجليدي" في الثقافة الإيرانية. كما يعد ميرسليم من الشخصيات المقربة لخامنئي، وكان مرشح خامنئي (في زمن رئاسته للجمهورية) لمنصب رئيس الوزراء قبل ترجيح كفة ميرحسين موسوي بقرار من الخميني.

مع ذلك ينتظر أغلب أنصار روحاني موعد تنفيذ أبرز وعوده الانتخابية بالتوصل إلى تسوية داخلية ترفع القيود التي تعرقل الإصلاحيين، وتؤدي إلى "عفو" خامنئي عن قادة التيار الإصلاحي ميرحسين موسوي ومهدي كروبي، اللذين كان رفضهما القاطع الانتخابات الرئاسية شرارة البداية لثمانية أشهر ساخنة دخل فيها النظام الإيراني بشكل غير مسبوق في حالة طوارئ خشية إسقاط النظام، وكادت الاحتجاجات في 2009 تتحول من احتجاج لأنصار تيار سياسي إلى ثورة شعبية ضد النظام.

انطلاقاً من ذلك، أصبحت ذكرى "التاسع من دي" (29 ديسمبر 2009) حركة رمزية يستمد منها نظام "ولاية الفقيه" تأكيد شرعيته، كما تحولت مواقف المسؤولين تعبيراً عن تجديد البيعة لولي الفقيه رأس السلطة في إيران، الذي استهدفته شعارات المتظاهرين الغاضبين. كذلك تحول اسم المظاهرة إلى كلمة رمز لاستهداف كروبي وموسوي اللذين يرفضان التنازل عن تهمة النظام بتزوير نتائج الانتخابات لمصلحة أحمدي نجاد.

في مشهد، قال خطيب الجمعة المتشدد، أحمد علم الهدى، إن الاحتجاجات كانت تستهدف إسقاط شخص خامنئي. ورداً على دعوات الإفراج عن موسوي وكروبي، قال: إن "البلاد ليست سائبة حتى ترفع الإقامة الجبرية عنهما".

من جهته، قال عضو مجلس "خبراء القيادة"، أحمد خاتمي، إن النقاش حول أحداث 2009 مستمر "ما لم يستسلم أهل الفتنة وقادتها للحق ويقروا بخيانة الشعب"، محذراً من تحريف "ملحمة 9 دي".

في هذا الصدد، قال سادن "الهيئة الرضوية"، إبراهيم رئيسي، وهو من بين أبرز الأسماء المتداولة لخلافة المرشد الإيراني علي خامنئي: إن "قضية تزوير الانتخابات كانت تستهدف ثقة الشعب في المسؤولين التي استمرت ثلاثة عقود". ووجه انتقادات إلى تيار الرئيس الحالي بقوله: إن "البعض يتخفى وراء خط الخميني لكنه يتجاهل معاييره"، متهماً تلك الأطراف بتجاهل دعوة خامنئي إلى الابتعاد عن الأمريكيين والبريطانيين، وفق ما نقلت عنه وكالة "فارس".

خلاف ذلك، سار النائب في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني، علي مطهري، على نهج روحاني في رفضه توظيف ذكرى التظاهر في الصراعات الحزبية، وقال عبر حسابه في "تويتر": إنه "بغض النظر عن أخطاء الجانبين في أحداث 2009، فإن الشعب الإيراني شارك في مظاهرة (9 دي) لحفظ الثورة".

من جانبه، قال خطيب جمعة طهران، كاظم صديقي: إن "التزام الشعب بولاية الفقيه.. الشرط الأساسي للحفاظ على النظام"، مضيفاً: إن "التراجع عن ولاية الفقيه سيؤدي إلى هزيمة النظام وليس الدين"، وفقاً لوكالة "إيسنا".

لكن تعليق رئيس اللجنة الاقتصادية في ثلاث دورات برلمانية سابقة، أحمد توكلي، أظهر أن النظام يواجه حالياً "مخاطر أكبر من الثورة المخملية التي لن تنجح في إيران"، وحذر توكلي من "انهيار النظام بسبب الفساد الاقتصادي".

وفي توضيح أنواع الفساد، أشار إلى أنه تجاوز الفساد السياسي إلى الفساد المنظم، مشدداً على أنه يسبق المرحلة الأخيرة "السيطرة على النظام، التي تحرف بموجبها القرارات السيادية لمصالح شخصية وهي نقطة النهاية لكل نظام"، بحسب وصفه.

لكن عضو اللجنة الثقافية العليا للثورة الإيرانية ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون في 2009، عزت الله ضرغامي، اتهم غرفة عمليات بقيادة أمريكية بأنها وراء اندلاع الاحتجاجات في إيران، وقال: إن "وسائل إعلام غربية كانت متفائلة تجاه إسقاط النظام على مدى أشهر من الاحتجاجات".

من جانب آخر، اختار حلفاء الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، في "جبهة الصمود" تنظيم مؤتمر سياسي لاستغلال المناسبة، وفي المؤتمر تحدث مدرس حوزة قم العلمية، محمد تقي مصباح يزدي، الذي يعتبر الأب الروحي لأحمدي نجاد، عن الانقسام إلى تيارين؛ الأول لا يشعر بمسؤولية تجاه القضايا السياسية والاجتماعية، وتيار ثانٍ مستعد لدفع أي ثمن بهذا الخصوص.

وكان القضاء الإيراني، الخميس، من بين أنشط الجهات الرسمية للتعليق على الموضوع؛ في طهران وفي تبريز شمال غربي معقل أتراك إيران، المكان الذي شهد احتجاجات واسعة، استضيف المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري الذي اعتبر "هذا اليوم نقطة تحول للنظام الإيراني ينبغي التعلم من عبره".