هل ستتخلى "دول الخليج" عن النظام المصري؟ سياسي إماراتي يكشف عن مُفاجأة

تقارير وتحقيقات

الخليج والسيسي
الخليج والسيسي

العلاقات الخليجية – المصرية.. شهدت في الفترة الأخيرة توتر إلى حد ما وفقًا لما تداوله وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية، وزاد من هذا الاحتقان الأداء الإعلامي المصري الذي لا يترك فرصة إلا ويقوم بمهاجمة المملكة العربية السعودية التي تعتبرها دول الخليج قائدة لهم، ولكن على المستوى الرسمي يتحفظ المسؤولين عن إعلان وجود أي خلاف مع مصر، مؤكدين دومًا أن علاقتهم بالقاهرة على ما يُرام.

بداية الخلاف الخليجي - المصري

بدأ الخلاف الخليجي – المصري، بتصويت القاهرة في مجلس الأمن الدولي لصالح مشروع القرار الروسي حول الوضع في سوريا، الذي لم يلق تأييدا إلا من أربع دول، حيث انتقدت السعودية وقطر تصويت مصر، كما وصف المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، عبد الله المُعلمي، تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي، بالمؤلم.

وقال المعلمي بعيد التصويت "كان مؤلما أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي (المصري).. ولكن أعتقد أن السؤال يُوجه إلى مندوب مصر".

وأضاف أنه يرثي موقف تلك الدول التي صوتت لصالح القرار الروسي، مؤكدا أن بلاده ستواصل دعمها للشعب السوري بكل الوسائل، واصفًا المندوب السعودي طرح روسيا مشروعا مضادا، واستخدامها الفيتو ضد مشروع القرار الفرنسي بالمهزلة، مشيرا إلى أن المشروع الروسي لم يحصد سوى أربعة أصوات.

إحباط واستياء خليجي من أداء السيسي والتخلي عن مصر غير وارد

من جانبه قال المحلل السياسي والأكاديمي الإماراتي البارز، عبدالخالق عبدالله، إن ثمة حالة من “الإحباط والاستياء” الخليجي من أداء نظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، داخليًا وخارجيًا، الذي “بات يمثل عبئًا سياسيًا وماليًا يصعب تحمله طويلًا”، مشددًا في الوقت نفسه، على أن “التخلي عن مصر غير وارد حاليًا، لما تمثله من أهمية، وهي قادرة على تجاوز عثراتها”.

حجم المساعدات الخليجية لمصر

“عبد الله” مضى موضحًا، في حديث للأناضول، أن “حجم المساعدات الخليجية لمصر، منذ أحداث يوليو 2013، تجاوزت 20 مليار دولار أمريكي، لكنها لم تنعكس (إيجابًا) على المستوى المعيشي للشعب المصري”، مدعومًا باحتجاجات شعبية وقوى سياسية ودينية.

وتعتبر كلًا من السعودية والإمارات من أبرز الداعمين لنظام «عبد الفتاح السيسي»، سياسيًا واقتصاديًا، منذ الإطاحة بمرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

دول الخليج حريصة على استقرار مصر

و”رغم الاستياء والاحباط، فإن دول الخليج”، وبحسب المحلل السياسي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، “حريصة على استقرار مصر، وملتزمة بدعم القاهرة بكل ثقلها السياسي والمالي، فالتخلي عن مصر غير وارد حاليًا، لكن في الوقت نفسه ميزانية الدعم ليست مفتوحة، وهناك جهد لتنويع مصادر مساعدة مصر، مثل دخول صندوق النقد الدولي على الخط، وربما الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية”.

دعم خليجي لمصر رغم احتياج دول الخليج لأموال لمواجهة أعباء حرب اليمن

ووفق الأستاذ في قسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات، فإنه “يومًا بعد آخر يتصاعد شعور الإحباط تجاه أداء النظام في مصر، وتحوله إلى عبء سياسي ومالي يصعب تحمله طويلًا”، موضحًا أن “دول الخليج استثمرت أكثر من 20 مليار دولار خلال فترة قصيرة، وهو مبلغ تم اقتطاعه من ميزانيات دول الخليج، في ظل انخفاض أسعار النفط، إذ إن دول الخليج كانت بحاجة لهذه المبالغ أكثر من أي وقت آخر، ليس فقط داخليًا، ولكن أيضًا لمواجهة أعباء الحرب في اليمن”.

ومنذ الـ 26 من مارس 2015، تقود السعودية تحالفًا عسكريًا عربيًا في اليمن، يضم معظم دول الخليج، في مواجهة تحالف جماعة “أنصار الله” (الحوثي) والمخلوع علي عبد الله صالح، المتهم بتلقي دعمٍ إيرانيٍ للإطاحة بالحكومة الشرعية في اليمن.

استقرار مصر من قوة الخليج

قبل أن يستدرك بقوله إن “دول الخليج بدأت تثار فيها تساؤلات حول: كم سنصرف؟.. كم سننفق؟ كم سنساعد؟.. لكن مصر أهم من أن تتخلى عنها دول الخليج؛ فاستقرار مصر من استقرار دول الخليج، وانتعاشها وقوتها قوة إضافية لدول الخليج”.

أسباب استياء الخليج من النظام المصري

أسباب الإحباط، وفق المحلل السياسي الإماراتي، تتلخص في “الأداء الذي لم يتحسن ولم يصل إلى مستوى التوقعات مع بداية نظام الرئيس السيسي (قبل أكثر من عامين)، فالأوضاع بدلا من أن تتحسن ظلت على ما هي عليه، وأحيانًا في تراجع”.

عبد الله تابع بقوله إنه “بعد سنتين من استثمارات ومساعدات دول الخليج (في مصر)، لم تأت نتائج ملموسة، وهذا يضيف إلى رصيد الإحباط من أداء النظام في مصر”.

الإحباط الخليجي لا يقتصر على أداء النظام المصري داخليا فحسب، إذ كشف المحلل السياسي الإماراتي عن “استياء يتصاعد من الدبلوماسية المصرية، التي يصعب تحقيق حد أدنى من التنسيق معها تجاه قضايا مصيرية”.

ومفسرًا، تابع “كان متوقعًا أن يكون هناك حد أدنى من التوافق والتنسيق في القضايا المصيرية، لكن لم نصل إلى هذا الحد بين أهم الأطراف العربية حاليا: الرياض، والقاهرة، وأبو ظبي، العواصم التي تمثل الاعتدال العربي حاليًا.. هذا الحد من التنسيق، أصبح ضائعًا وغير متبلور.. ومن هنا الاستياء”.

ذلك الاستياء، وبحسب عبد الله، “يمكن رصده في قضايا عديدة، فمثلًا في مواجهة إيران، توجد مؤشرات مختلفة وأحيانًا متناقضة في سياق غزل ما يدور بين القاهرة وطهران، فضلًا عن عدم وضوح موقف مصر بشكل حازم تجاه التمدد الإيراني (في العالم العربي)”.

وأعرب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في تصريحات يوم الـ 10 من ديسمبر الجاري، عن متانة علاقات القاهرة مع الرياض، ونفى وجود تقارب مع طهران إلا عبر مؤتمرات متعددة الأطراف.

إضافة إلى ملف إيران، فبينما تدعم معظم دول الخليج قوات المعارضة السورية، أعرب السيسي، في تصريحات في نوفمبر الماضي، عن تأييده لما وصفها بالجيوش الوطنية في الدول العربية، ومنها سوريا، في إشارة إلى قوات نظام بشار الأسد.

وساطة إماراتية

“مصر تثق بالإمارات، التي هي أقرب للقاهرة، والسعودية تثق أيضًا بالإمارات، التي هي الأقرب إليها خليجيًا”. بل واعتبر أن “الإمارات مهيأة لهذا الدور (الوساطة)، ومن مصلحتها أن يكون هناك توافق كلي وكامل بين الرياض والقاهرة؛ لأنه عندما تضع إمكانيات الإمارات بجانب قدرات السعودية، إضافة إلى ما لدى مصر من رصيد وثقل، فسيكون الوضع العربي بمجمله في أحسن حال”.