ماذا ينتظر أوروبا سياسياً واقتصادياً في 2017؟

اقتصاد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تنهي الأسواق العالمية العام في حلة جديدة، ولكن النشوة قد تكون قصيرة الأجل، مع استهلال العام المقبل في أوروبا بالشك المتزايد في الأداء الاقتصادي والسياسي.

 

 

وحتى قبل تنصيبه الشهر المقبل، رئيساً للولايات المتحدة، بدأ المستثمرون الاحتفال بخطط دونالد ترامب لخفض الضرائب، ورفع القيود والتحفيز الاقتصادي.

 

وساهم في دعم هذا المزاج بشكل أكبر، الخطوة التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي، بضخ المزيد من الأموال الرخيصة في اقتصاد منطقة اليورو.

 

أحداث منتظرة

ولكن الأسواق العالمية قد تغرق في فترة من الاضطراب، متأثرةً بأي واحد من سلسلة من الأحداث الكبرى المنتظرة العام المقبل، بما في ذلك سلسلة من الانتخابات الأوروبية  التي لا يمكن التنبؤ بها، والمحادثات المشحونة، حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأزمة يورو محتملة جديدة بسبب اليونان، أو البنوك الايطالية، أو تحولات جذرية في واشنطن تحت قيادة ترامب.

 

وقال كبير الاقتصاديين في مجموعة هولندا الدولية المصرفية متعددة الجنسيات "آي إن جي" كارستن برزيسكي "قد يستغرق الأمر عاماً لإعادة تعريف أوروبا".

 

انتخابات أوروبية

والحقيقة أن الانتخابات في هولندا، فرنسا، ألمانيا، وربما حتى إيطاليا، إلى جانب التهديد الذي يشكله تصاعد الموجة الشعوبية التي سادت المنطقة في 2016، يُمكن أن تؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الأوروبي.

 

في هذه الأثناء، يدخل اقتصاد منطقة اليورو التي تضم 19 عضواً عام 2017 على أساس متين.

 

وقال الاقتصادي في بنك كومرتس الألماني كريستوف فايل، إن "اقتصاد منطقة اليورو مصاغ بشكل جيد".

 

وانخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى في سبع سنوات، ونما النشاط التجاري بأسرع وتيرة له هذا العام في الربع النهائي، وفق مؤشر مديري المشتريات في ديسمبر (شهر كانون الأول).

 

ورغم ذلك، يتوقع المحللون أن تواجه الأسواق ارتفاعاً في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة العام المقبل، وسط محاولة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كبح جماح الضغوط التضخمية المتوقعة التي أطلقتها خطط ترامب بخفض 5.7 تريليون دولار من الضرائب، وبرنامج للبنية التحتية بقيمة تريليون دولار.

 

ويقلق برزيسكي أيضاً من أن ينتهي 2017 "سنةً أخرى من الانتظار، والفرص الضائعة" لأوروبا، مع اضطرار الحكومات لوضع القضايا الرئيسية جانباً مثل تطوير البنية التحتية، والإصلاح المالي والتكامل الأوروبي في مواجهة التحديات الكبرى.

 

تهديد ترامب

ويهدد الرئيس الأمريكي المنتخب أيضاً بإحداث هزة عنيفة، بتشكيكه في دور الولايات المتحدة في حلف "الناتو"، وفتح الطريق أمام مزيدٍ من التعاون مع روسيا في سلسلة من التغريدات عبر موقع تويتر، كانت في كثير من الأحيان عدوانية ومتناقضة.

 

كما أن اختباراً مبكراً للكيفية التي ستنتهي إليها علاقة أوروبا الجديدة مع واشنطن في العام المقبل، من المرجح أن يأتي عندما تبدأ ألمانيا المضي قدماً في خططها عند رئاستها للمجموعة الـ20 الاقتصادية.

 

ووضعت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل بالفعل جدولاً لأعمال مجموعة الـ20 يُركز على التجارة العالمية، والمضي قدماً مع أهداف تغير المناخ، وتأمل أيضاً درء الخطر الذي يشكله ارتفاع الشعوبية والقومية.

 

وقد يكون مثيراً للاهتمام كيف من شأن هذا أن يختلط مع أولويات ترامب.

 

ويقول محللون إن ألمانيا وأوروبا قد لا تكونان سعيدتين جداً بهجمات ترامب على السياسة الاقتصادية الصينية، إذ هما، إلى حد ما، متشابهتان مع هواجسهما الخاصة عن ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

 

خدعة صينية

ولكن ترامب جعل التراجع عن اتفاقات التجارة العالمية موضوعاً مركزياً في حملته الانتخابية الرئاسية، ووصف الاتفاق العالمي حول التغير المناخي ذات مرة بـ"خدعة صينية، مصممة لإسقاط الشركات الأمريكية".

 

وانضمت ميركل أيضاً إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند هذا الشهر في قيادة تحرك الاتحاد الأوروبي لتمديد العقوبات ضد موسكو، بسبب دور الكرملين في أزمة أوكرانيا، ما يمكن أن يمهد الطريق لمعركة عبر الأطلسي حول العقوبات على روسيا.

 

وقال المحلل في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين هيربرت ديتر "العالم يتغير حول ميركل".

 

سنة صعبة

وأضاف "إنها ستكون سنة صعبة للغاية، إنها تواجه مشاكل في كل جوانب الشؤون الدولية تقريباً، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإيطاليا، والولايات المتحدة، وحتى اليونان يمكن أن تستعيد توازنها".

 

وكان فوز ترامب المُربك للموازين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتصويت بريطانيا الصادم في يونيو (حزيران) يونيو على الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتحول إلى الأحزاب اليمينية الشعبوية في أوروبا، أطلق المخاوف من أن أية نتيجة مارقة أخرى في أي من الانتخابات الوطنية في العام المقبل، يُمكن أن تمثل تهديداً رئيسياً للاتحاد الأوروبي.

 

وسجل حزب "البديل من أجل ألمانيا" المعادي للأجانب أخيراً انتصارات مذهلة في انتخابات الولايات على خلفية أزمة اللاجئين في ألمانيا.

 

ماضي ألمانيا النازي

ومع ذلك، يعتقد المحللون السياسيون أن ماضي ألمانيا النازية سيبُعد حزب البديل عن أي دور رئيسي في الحياة السياسية في البلاد في السنوات القادمة.

 

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة حاجو فونكه"لن يكون هناك ترامب في ألمانيا".

 

ويعتقد برزيسكي أيضاً أن 2017 قد ينتهي على صعيد أكثر إيجابية.

 

الانتخابات الفرنسية

وتُشير استطلاعات الرأي في فرنسا إلى تقدم المرشح المحافظ فرانسوا فيون على مرشحة الجبهة الوطنية المعادية للأجانب، مارين لوبان، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام المقبل، إلى جانب توقع فوز ميركل بانتخابات سبتمبر( أيلول) المقبل في ألمانيا.

 

ويقول برزيسكي إن فوز كل من فيون، وميركل، يُمكن أن يساعد على استعادة الشعور بالاستقرار في قلب أوروبا، وتفعيل الشراكة الفرنسية الألمانية باعتبارها القوة الدافعة للمشروع الأوروبي.