الخيارات الاستراتجية الواجب اتخاذها خليجياً في اليمن

اليمن العربي

الحديقة الخلفية للمملكة العربية السعودية مصطلح جري اطلاقة علي اليمن عند مناقشة الشان السياسي والدور السعودي باليمن منذ فترة طويلة .
وقد اطلق هذا المصطلح محلل سياسي امريكي وكان يقصد عند اطلاقة وصف العلاقة التي تربط البلدين وظلت الاسس التي تنسق العلاقة تحكمها اخوة ومصالح مشتركة ولكن قد يغلب ما اطلق عليه من مصطلح بحيث انه لا يغيب علي متابع اهمال بعض الامور وعدم تقصي حقائق ووضع حلول لمشكلات قد لا تكون ناجعة واعتماد علي شخصيات لم يكونوا هل للمسئولية .
وبالطبع ادي ذلك الي نتائج وخيمة باهمال الاشجار التي غطت الحديقة وخروج الكثير عن المسار المفترض ان يتم من محافظة علي امن واستقرار وحراسة حدود طويلة ومنع محاولات التهريب للمنوعات مع السماح والتغاظي عن التهريب لبعض الامور .
ولكن بدات ادارة جديدة اتضح لها بان اساس العلاقة خرج عن ما هو مفروض و وتفاجات بان سوء اختيار الاشخاص واهمال الكثير من النقاط ادي الي التطاول والاعتقاد بان يمكن ان يتم الابتزاز وظهور من يريد ان يفرض اجندات خارجية ويثيرالفتنة الطائفية ولادراك ان ذلك سيؤدي الي اشتعال نيران ستصل الي كل ركن في البيت الواحد .
وجاء الادراك متاخر ولكن ليس قبل ان يفوت الاوان واتضح ان السياسة والادارة القديمة خاطئة وان اليمن لم ولن تكون يوما حديقة خلفية او ملحقة بالمملكة وكل من حاول ان يعطي هذا التصور للادارة يقع في خطا استراتجي
و تغير التعامل مع الملف اليمني الي ملف يعد عمق استراتجي و ارتباط وثيق لايقل اهمية عن اي جزء بالمملكة بل يفوق في اهميتة الكثير من المناطق وادركوا القائمين والمهتمين والمرتبطين بصانعي القرار بالمملكة هذه الاهمية وعملوا علي هذا التغيير في ادارة الملف والتعامل مع الافراد وان اي لحظة اهمال او ترك لاي حيثية للريح او للصدف سيؤدي الي تعريض امن وسلامة المملكة ومواطنيها للخطر .
ولهذا ما ان تم الانقلاب علي السلطة الشرعية واحتلال صنعاء في 21 ستمبر 2014 م حتي سارعت الاجهزة لتحليل المعلومات والبيانات الواردة واتخاذ سلسلة من الاجراءات السريعة ادت الي تساقط عدد كبير من المستشارين الذين اوكل اليهم مهام اتضح فشلهم فيها
وبدات المملكة في استعراض عناصر القوة والضعف لديها و تم اعداد صورة متكاملة للوضع وادراكا لخطورته تم الاعداد بسرية تامة لتحالف دولي مكون من دول لديها قدرات مختلفة سياسية وعسكرية واستراتجية ومعلوماتية تم اختيارها بعناية يجمعهم هدف واحد وهو ايقاف مشروع خطير يهدد مصالح دول وعملت علي تعزيز ذلك بقرارت دولية برسم صورة واضحة لما يهدد السلم والامن الدوليين بالعمل علي صدور قرار من مجلس الامن اشتمل علي عدد من النقاط الهامة التي يعد تنفيذها حل متكامل لكل التهديدات التي من اهمها المشروع الخطير القادم من طهران لبسط النفوذ وتغيير خريطة المنطقة والذي ويهدف الي تدمير المنطقة كلها وليس فقط اليمن ولعل اطالة امد الحرب و عدم الحسم بصورة نهائية وما كشفت عنه من عمق هذا المشروع و قوة ادواته .
وبدات الخطوات والخيارات التي اتخذتها المملكة تتشكل فبعد سنوات طويلة من دعم الجيش و حكومة صالح اتضح اتجاه الدعم الي جيش عائلي يحمي مصالح فردية وجد ان الواجب اعادة تشكيل هذا الجيش و لعل ما ذهبت اليةالمبادرة الخليجية من اعادة هيكلة الجيش كان اسلوب ناجع ولكن في ظل الارتباط الرهيب بمصالح العائلة والمنطقة التي ينتمي اليها صالح والتهميش الذي طال القيادات ومن قبلهم الافراد الذين ينتمون الي مناطق تخرج عن مجموعة قري سنحان افرز عن جيش 80% من قيادته ينتمون الي هذه القري والبقية متوزعين علي باقي المناطق .
ونتيجة لسوء توزيع الدورات التدريبية والتعليمية تظهر حقائق مذهلة اذ تنحصر هذه الدورات في مناطق محددة والافراد لم ويتم تاهيلهم بالطبع كجيش نظامي .
ولهذا بداء الخيار الاول باعادة تشكيل الجيش الوطني وتاهيلة بدورات مكثفة ومعسكرات تدريبية في مناطق مختلفة وكان لدولة الامارات بما تمتلكة من قدرات تدريبية واتصالات ومعلومات استخبارية دور كبير حقق نجاح كبير بتشكيل قوةعسكرية نجحت بتحقيق نجاحات حاسمة ليس علي صعيد الحرب ضد الحوثي وصالح فقط وانما ايضا بتطهير مناطق واسعة من براثن اقوي تنظيم للقاعدة في الجزيرة العربية
وهو امر اشار اليه المحلل السياسي العربي عمار علي حسن من ان مواجهه تنظيم القاعدة ضرورة حتمية لا تقل اهمية عن مواجهه الانقلابيين منذ اشهر طويلة واتضح ان للمخلوع ذراع قوي ومؤثر في تنظيم القاعدة والذي استخدم المساعدات اللوجستية والمالية المقدمة من الولايات المتحدة لمواجهه تنظيم القاعدة منذ عام 2002 في تكوين قاعدة من الارتباطات .
ومع استمرار الحرب اتضح عدم تماسك منظومة المساعدات الانسانية وعدم وصولها الي المدنيين الاكثر تضررا من الحرب فسارعت المملكة بانشاء مركز الملك سلمان وعملت علي اكتساب قاعدة جديدة لتوزيع المساعدات وتم الدخول في اتفاقيات مع المنظمات ذات الخبرة وتمت تغطية هذا الجانب الهام بمساندة مؤسسة الهلال الاحمر الاماراتي ذات الخبرة والتي حققت نتائج ايجابية علي الارض ودروس مستفادة استطاع اكتسابها القائمين بالعمل الانساني في مركز الملك سلمان .
ولم يقف نشاط المؤسسات الخيرية علي توزيع المساعدات الغذائية وانما فرضت الحاجة الي التدخل باعادة تاهيل المنشات الصحية والتعليمية
وقد اتضح من سير المعارك ان التحالفات القبلية التي تكونت في الماضي لم يكن لها قيمة فعلية عند وقت الجد وانها لازالت علي ارتباطاتها وبدات تشكيل تحالفات جديدة تستند الي مصالح مشتركة تترابط بصورة فعلية مع استحقاقات المرحلة .
وبالطبع اهمية موقع اليمن الاستراتجي وتواجدها علي خطوط الملاحة البحرية لم يكن بحاجة للحرب لابرازه ولكنها اكدت الي الحاجة الي اتخاذ استراتجية جديدة
ولعل المعطيات السابقة من الممكن ان تصل بنا الي تحديد بعض من الخطوط العريضة التي يعتقد انها ستشكل اولويات لدي القيادة المرحلة المقبلة فمن الخطوة الاولي الخاصة بانشاء الجيش الوطني واعادة تشكيلة وتنظيمة ودعمة وتوسيع تجربة جيش النخبة الحضرمي التي تعتبر تجربة ناجحة بكل المقاييس .
ثم تاتي الخطوة التالية وهي العمل علي اعادة الخدمات والانشطة الاقتصادية للمناطق المحررة بصورة قطعية ولعل ذلك يجب الا يقتصر علي مجرد اعادة الوضع الي ما كان علية وانما العمل علي خلق مناطق اقتصادية وصناعات في تلك المناطق لتكون قبلة للتصدير وان يتم تحقيق ما يرجي من اليمن لتكون عدن نقطة تصدير وسيطرة تجارية للتجارة في القرن الافريقي وهو ما لن يتحقق ان لم تتجة قدرات المملكة ودول الخليج بصورة كاملة وبخطط اقتصادية متكاملة لانشاء صناعات هامة ونقل هذا الجزء من مستهلك للصناعات الخليجية الي منتج لمنتجات مصنعة وليس مجرد مواد اولية ولعل اعطاء المغتربين والمستثمرين اليمنيين وضع خاص والسماح لهم بنقل الاموال بحرية تامة سيكون جزء هام من تكوين القاعدة الصناعية
وتغيير التحالفات القبلية ونقلها الي الصورة الاكاديمية والثقافية خطوة متزامنة مع الخطوات السابقة فالتحالفات التي كونتها خلال الفترة الماضية اثبتت فشلها ولعل التواصل مع النخبة المثقفة والمبني التواصل معها علي تحقيق المصالح العامة للوطن هوالاجدي والاولي والذي سيحقق الاستقرارالمنشود .
ولان النخبة المثقفة والاكاديمية طالها ما طال الجيش من غبن وظلم لاقتصار الابتعاث العلمي علي فئة محددة طوال فترات طويلة ومن استطاع الخروج من تلك البوتقة عدد قليل لا يغطي الحاجة المجتمعية وفرض واقع الهجرة علي تلك النخبة في التخصصات العلمية والعزوف عن التخصصات الادبية والاجتماعية فان ذلك سيؤدي الي تكوين اتجاة وسعي في اتجاة بناء قاعدة جديدة وذلك بتوسيع الابتعاث في المناطق المحرومة ودعم الجامعات بكادر علمي وتحسين اداءة لمواكبة الحاجات الملحة المتسارعة


وفي الختام فان العمل بوتيرة متسارعة وبخطط منظمة طويلة الاجل تحقق الامن والاستقرار ليس لليمن فقط ولكن للمنطقة باسرها واقع فرضته ازمة صححت من مسار علاقات متشابكة عميقة وتاريخية
وتحول مصطلح الحديقة الخلفية الي مصطلح عقيم لا يمت للواقع بصلة وان اليمن بالنسبة للملكة ودول الخليج جزء لا يتجزاء ولا يقل اهمية عن اي دولة خليجية لابد من الاخذ بيد ابناءة لاعادة بناءة واعادة نهضتة واعتبار ذلك فرض تفرضة الجغرافيا والتاريخ و الامن المشترك وليس مساعدة اختيارية يمكن تجزئتها .

جمال محسن
رئيس التحرير