تعرف على أسباب خسائر أردوغان الفادحة في سوريا وليبيا

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف خبراء عسكريون عن أسباب الخسائر الفادحة التي مٌني بها الجيش التركي وعتاده بمدينة إدلب شمال غربي سوريا، وفي العاصمة الليبية طرابلس، مستعرضين أطماع الرئيس رجب طيب أردوغان.

 

وتعرضت تركيا مؤخرا لأكبر خسارة بشرية في جيشها الذي بدأ تدخله في سوريا منذ 2016، بعد أن أقرت بمقتل 33 من جنودها جراء غارات جوية على إدلب، الخميس، ليرتفع عدد القتلى إلى 54 على الأقل في شهر فبراير/ شباط فقط .. وفق “العين“.

 

ونجحت قوات الجيش السوري الأيام الماضية في تحطيم الأطماع التركية، حيث تمكنت بمساعدة جوية روسية مكثفة من استعادة عشرات البلدات في أكبر تقدم لها منذ سنوات.

 

كما كبد الجيش الليبي المرتزقة الأتراك خسائر كبيرة في العتاد والأفراد خلال الفترة الماضية.

 

وأكد الخبير العسكري وأستاذ الأمن القومي الزائر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بمصر لواء دكتور محمد قشقوش أن أبرز هذه الأسباب غياب الغطاء الجوي للجنود الأتراك المنتشرين في إدلب، وعدم الاحترافية العسكرية، وضعف المعلومات، وأيضا منظومة الدفاع الجوي بمنطقة المعارك.

 

وأضاف " أنقرة كانت تعمل أيضا بمفردها في إدلب دون تنسيق ميداني مع روسيا، فضلا عن عدم تقديرها الكافي لقوة الجيش السوري الذي يستعيد قوته".

 

وتحدث قشقوش عن السيناريو المتوقع في أدلب مؤكدا أن أردوغان سيدفع أثمانا باهظة أكبر بكثير من الأهداف التي سيحققها، حيث سيتعرض لمزيد من الخسائر البشرية والعتاد العسكري، بما يضعف موقفه السياسي في الداخل التركي. 

 

وتوقع أن يدفع هذا الأمر الرئيس التركي للانسحاب التدريجي واستجداء التفاوض مع روسيا حول شكل وكيفية التأمين في إدلب، حيث إنه لا يريد أن يفقد هذه المدينة خشية أن تتحول لاحقا إلى مقر رئيسي لأكراد سوريا على مقربة من حدوده.

 

وعلى صعيد تحركاته على الجبهة الليبية، قال قشقوش إن نظام أردوغان يسعى لتحقيق أهدافه الاقتصادية، بعد تراكم الدين الخارجي، وتراجع قيمة الليرة، فضلا عن أسباب أخرى تتعلق بمحاولات إحياء أوهام العثمانية الجديدة.

 

وتنخرط تركيا في دعم حكومة فايز السراج بالعاصمة الليبية طرابلس والتنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة التابعة له بالمال والسلاح، وإرسال المرتزقة السوريين الموالين لها، على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي بحظر توريد السلاح إلى ليبيا منذ 2011.

 

وبين أستاذ الأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية أن هدف النظام التركي من الاتفاق مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج هو تبادل الأمن بالاقتصاد، بما يعني حضوره عسكريا في طرابلس مقابل اتفاقات في الغاز والطاقة مع حكومة السراج؛ خاصة وأنه يستورد نحو 70 % من الطاقة.

 

ووقّع السراج وأردوغان، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مذكرتي تفاهم في التعاون الأمني والمجال البحري عقب محادثات بمدينة إسطنبول التركية وصدقت عليها لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي الخميس.

 

ونوه قشقوش إلى أن أردوغان دفع بمستشارين عسكريين وعتاد يتمثل في أنظمة دفاع جوي وطائرات مسيرة، ونقل إرهابيين ومرتزقة يقدر أعدادهم بين 4 – 6 ألف إضافة إلى إرهابيي القاعدة وداعش المتواجدين بالفعل على الأراضي الليبية.

 

وأوضح أن النظام التركي يخسر أيضا في ليبيا لاسيما على صعيد عتاده العسكري، حيث خسر في قاعدة مطار معيتيقة الجوية الكثير من الطائرات المسيرة.

 

وتوقع الخبير والمحلل العسكري أنه مع تواصل خسائر تركيا في ليبيا وإدلب، سترتفع أصوات المعارضة في الداخل وستحصد يوما بعد أخر على المزيد من النقاط بين صفوف الأتراك.  

 

ولم يستبعد "قشقوش" أن يسمح أردوعان بأن تكون بلاده بوابة للإرهابيين والمرتزقة يستخدمهم كاحتياطي وأداة في يديه ضد أوروبا في الوقت المناسب. 

 

وقال إن أطماع تركيا تتصاعد في محاولة لتوسيع هيمنتها بالمنطقة العربية، خاصة بعد رفض الاتحاد الأوربي انضمام أنقرة، وهو ما دفع أردوغان للانتقام عبر إطلاق موجات من المهاجرين واللاجئين نحو القارة العجوز، ملمحا في هذا الصدد إلى انتهاء العمل باتفاقية لوزان الموقعة في سويسرا 1923 وتنتهي في 2023 والتي أنهت الخلافة العثمانية.

 

وحول طبيعة ترجمة الأطماع التركية عمليا، أضاف "يستهدف النظام التركي تطويق العالم العربي ودول الخليج ومصر، عبر محاولات الانتشار العسكري في حزام يمتد من شمال سوريا إلى شمال العراق (منطقة بوعشيقة) في محاولة لتهديد الأمن القومي العربي.

 

وأردف"أطماع أنقرة امتدت سابقا وتحديدا في الفترة من 2014 – 2016 إلى حد القيام بشراء البترول المسروق من تنظيم داعش بشمال العراق (الموصل) ، وهو أمر لا يتماشى مع أخلاقيات السياسة".

 

من جهته قال الخبير الاستراتيجي والعميد المتقاعد بالجيش اللبناني ريشار داغر: أن أنقرة تعرضت لخسائر بشرية كبيرة يوم 27 فبراير/ شباط الماضي في إدلب؛ لعدم استعدادها للمواجهة العسكرية على الأرض بشكل كاف، فضلا عن عنصر المفاجأة حول حجم الضربات السورية المكثف بالتنسيق مع روسيا".

 

وأردف "ساهم غياب بطاريات الصواريخ على الأرض المضادة للطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، أيضا في زيادة الخسائر التركية"

 

وأشار إلى أن الحضور التركي قبل 27 فبراير/ شباط الماضي كان يتركز على نقاط مراقبة وبعض العسكريين الذين يشاركون مع قوات المعارضة في القتال، لكن بعد ذلك بيومين انخرطت أنقرة بشكل رسمي وكامل في العمليات العسكرية.

 

وعلى صعيد سيناريوهات التطورات الميدانية في سوريا، لفت داغر إلى أن التطور الأبرز خلال اليومين الماضين يتمثل في التحول المخيف في طبيعة الحرب القائمة في سوريا من نمط المواجهات التي كانت تجري بين الوكلاء من كلا الجانبين إلى نمط المواجهة العسكرية المباشرة.

 

وعن هذا التحول قال إنه يحمل طابع اللعب على حافة الهاوية مما قد يهدد بسيناريوهات مواجهة دولية بين قوى كبيرة فيما لو خرج الوضع عن السيطرة.

 

وعلى الجانب الليبي، أكد الخبير الاستراتيجي اللبناني أن الحضور التركي في سوريا موجود بقدرات كبيرة، يختلف كثيرا في ليبيا حيث إن الأتراك يحاربون في ميدان معركة بعيد عن أراضيهم وحدودهم، إضافة إلى أنه لا يزال يقتصر على مجموعات صغيرة من الجنود النظاميين الذين يعملون وفقا مستشارين ومساعدين لا مقاتلين.

 

وفي السياق ذاته، قال العميد الدكتور خالد حمادة مدير المنتدى الاقليمي للاستشارات والدراسات لـ"العين الإخبارية" إن تركيا أرسلت حشودا كبيرة من قواتها منذ أكثر من شهر لإدلب وصل لنحو 7 آلاف جندي وأكثر من 2000 آلية عسكرية.

 

وتابع قام الجيش السوري بهجوم معاكس – برغبة روسية - لوقف تقدم الجيش التركي.

 

ولفت إلى أن الخسارة الكبيرة التي منيت بها أنقرة بمقتل 34 جنديا، إثر قصف جوي سوري، بالتنسيق مع روسيا، حيث تعرض الأتراك للقصف في نقطة تبعد حوالي 12 كم عن قوات الجيش السوري، دون أن يكونوا في نقطة اشتباك.

 

 ونبه الخبير العسكري إلى أن روسيا لازالت تتمسك باتفاق أستانة وسوتشي، ما يعني قبولها ببقاء نقاط المراقبة التركية في المنطقة، لكنها في الوقت ذاته ترفض أي نفوذ لأنقرة.

 

واتفاق أستانا الذي وقع عام 2017 نص على مناطق خفض التصعيد وعزل التنظيمات الإرهابية مثل هيئة تحرير الشام وغيرها التي تسيطر على أغلب مناطق غرب إدلب.

 

فيما توصل أنقرة وموسكو بموجب اتفاق سوتشي العام الماضي بتسير دوريات مشتركة في المناطق الحدودية السورية.

 

وفي ليبيا، قال مدير المنتدى الاقليمي للاستشارات والدراسات أن أنقرة تسعى لتمدد نفوذها دون أي أسانيد أو مسوغات للتدخل.

 

وبالمقابل الجيش الوطني بقيادة حفتر بدعم الجهات الدولية والأوربية والعربية.