مكاسب وخسائر.. 19 عاماً على اجتياح العراق

عرب وعالم

اليمن العربي

يستيعد العراقيون ذكرياتهم في هذه الأيام التي تصادف بداية انطلاق الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة وانتهت بإسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين في الـ9 من أبريل عام 2003.

 

وكانت العمليات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة وبريطانياً وأكثر من 30 دولة أخرى، بدأت في فجر الـ20 من مارس/ آذار بالتحرك براً عبر صحراء الكويت الحدودية مع العراق يرافقها عمليات قصف جوي استهدفت منشآت حيوية ومباني حكومية حساسة.

 

في حينها كان أغلب العراقيين ممن شهدوا تلك الأحداث يترقبون تلك العمليات وسط خوف وقلق كبيرين من تداعيات تلك الحرب غير المتكافئة.

 

ذكريات الحرب

 

مع أول قذيفة نار أمريكية في سماء العراق، خرج الرئيس صدام حسين في خطاب متلفز، ظل خالداً في ذاكرة أغلب العراقيين حين استهل كلمته بعد منتصف الليل ببيت شعر "أطلق لها السيف لا خوف ولا وجل...أطلق لها السيف وليشهد لها زحل".

 

وفيما كانت تستعد جحافل الجيوش الأمريكية التقدم من صوب الجنوب العراقي، كانت عاصفة ترابية تضرب تلك الصحراء مما أعاق تأخر إطلاق ساعة الصفر لبرهة من الوقت.

 

وزعمت الولايات المتحدة ومن ورائها بريطانيا، أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل تشكل تهديداً للأمن والسلام العالميين مما وفر لها الذرائع باتخاذ قرار الحرب وإزالة النظام العراقي.

 

وجاءت الخصومة ما بين نظام صدام حسين والولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، عقب غزو الجيش العراقي للجارة الكويت ومن إجباره على الخروج منها بعد نحو 5 أشهر تحت وقع ضربات نيران التحالف الدولي.

 

وتحرك مجلس الأمن الدولي حينها بقرارات صارمة ضد العراق فرضت بموجبها حصارا اقتصاديا وأنهت صناعتها العسكرية وفرضت حملات تفتيش دولية بحثاَ عن أسلحة دمار شامل، كان يشتبه بامتلاكها من قبل نظام صدام حسين.

 

اتهم حينها رئيس الولايات المتحدة جورج بوش الأب، الرئيس الراحل، صدام حسين بأنه يمثل تهديدا حقيقيا لأمريكا وحلفائها لأنه "استخدم أسلحة الدمار الشامل سابقا كما استخدمها ضد شعبه".

 

كما اتهمه بتحدي مطالب الأمم المتحدة بعدم تقديم إقرار جدير بالثقة عن برامجه للأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية لمفتشي المنظمة الدولية"، الذين استأنفوا عملهم التفتيشي في العراق أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2002.

 

ومهدت تلك الإجراءات الأممية لإضعاف البلاد مؤسساتياً واقتصادياً وعسكرياً بما هيأ لسقوط نظام صدام حسين، خلال 19 يوماً في الحملة العسكرية التي أطلقت عليها الولايات المتحدة "الحرية من أجل العراق".

 

وبحسب إحصائيات أعلن عنها البنتاجون فإن قرابة 170 ألف جندي أمريكي شارك في الحملة العسكرية التي قادت لسقوط النظام العراقي بقي منه فيما بعد نحو 50 ألف قبل أن يعلن عن انسحابهم عام 2011.

 

ومع اقتراب العقدين من انقضاء تلك الأحداث إلا أنها ما زالت محل جدل وتضارب في قراءتها على المستويين الدولي والمحلي وينسحب ذلك حتى داخل الأوساط العامة والشعبية.

 

مكاسب وخسائر

 

يقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون السياسية، حسين علاوي، إن ما حدث هو عملية إسقاط لنظام صدام حسين ولم تسقط بغداد ولم يطح بالدولة كما يصف البعض لتلك الأحداث.

 

ويضيف علاوي، أنه ورغم كل الملاحظات التي تؤخذ على تداعيات ما حصل في أبريل 2003، إلا أنها أنتجت لنا نظاماً ديمقراطياً وأشاعت مفاهيم التداول السلمي للسلطة والحقوق والحريات.

 

ومع التسليم أن المشروع الديمقراطي في العراق مازال يحتاج إلى عملية تحديث وتطوير وكذلك النظام المؤسساتي على مستوى الحكومة والدولة من خلال عمليات الإصلاح الشامل حتى نحصد ثمار ذلك التغيير بالشكل الصحيح والأنجع، بحسب المستشار السياسي لرئيس الوزراء، يضيف علاوي.

 

بدوره يرى الخبير العسكري والأمني، صبحي توفيق، أن مخلفات الحرب الأمريكية في العراق لها وقع كبير وتأثيرات جمة سمحت بظهور القوى والمليشيات والفصائل المسلحة وتحكمها في معظم مؤسسات الدولة.

 

ويضيف توفيق، أن العراق ما بعد 2003، بات ساحة لقوى اللادولة ومعتركاً للسلاح المنفلت الذي يوجه صوب كل اتجاه دون ان تفرض عليه السيطرة من قبل السلطات الحكومية وهذا خلاف ما كانت عليه البلاد ما قبل ذلك التاريخ.

 

وشكلت المليشيات المسلحة ومن ورائها القوى الولائية لإيران أكبر وأعقد التحديات التي واجهتها الدولة ما بعد 2003، بما هدد بضياع المنجز الديمقراطي المتحقق وتعريض سمعة البلاد إلى الإساءة الدولية.

 

من جانبه يرى المحلل السياسي، نجم القصاب، أن الأداء السياسي للطبقات التي تحكمت في قرار البلاد ما بعد سقوط نظام صدام حسين، كان سيئاً للغاية بما تسبب بحالة من الإحباط واليأس لدى المواطن العراقي الذي بدأ يفقد الثقة بالمناخ والأجواء الديمقراطية.

 

ويلفت القصاب، إلى أن اغلب الذين تعاقبوا على إدارة البلاد سواء على المستوى السياسي أو الحكومي عملوا من أجل خدمة مصالح خارجية على حساب الوطن والمواطن وهو ما حدى بالبلاد أن تكون بيئة بامتياز للفساد وضياع الثروات وفقدان أبسط الخدمات التي تكفل العيش الكريم للفرد العراقي.