ما هي المضاعفات طويلة الأمد للمتعافين من كورونا؟

منوعات

اليمن العربي

يبدي أطباء قلقاً إزاء مضاعفات محتملة قد تطال بعض الأشخاص على صعيد صحة القلب والأوعية الدموية بعد أشهر على إصابتهم بكورونا، رغم أنه من المبكر جداً الجزم بوجود علاقة سببية في هذا الإطار.

 

قبل أيام، أكدت أكاديمية الطب الفرنسية المخولة الإعلان عن الآراء العلمية التي يجمع عليها الجسم الطبي في فرنسا، أن "المراقبة السريرية للقلب والأوعية الدموية ضرورية لدى جميع المصابين بكورونا، حتى لو كانت الإصابة خفيفة".

 

وأشارت الأكاديمية إلى وجود "صلات خطرة" بين كورونا وأمراض القلب والأوعية الدموية، بناءً على دراسات حديثة عدة.

 

ومن المعلوم سابقاً أن مرضى القلب والأوعية الدموية يواجهون مخاطر أكبر للإصابة بالأشكال الخطرة من كورونا. ويعود ذلك خصوصاً إلى أن الفيروس، Sars-Cov-2، يتشبث بـ"مستقبِل" - إنزيمة ACE2 - موجود بشكل خاص في خلايا الأوعية الدموية.

 

كوفيد طويل الأمد

 

لكن ماذا عن التأثيرات على صحة القلب والأوعية الدموية لدى الناس عموماً؟ وإذا ثبت حصولها، هل يمكن أن تطرأ بعد فترة طويلة من الإصابة؟ أسئلة تزيد الضبابية المرتبطة بما يُعرف بكوفيد طويل الأمد، وهي مجموعة أعراض دائمة هناك قصور في فهمها وتحديدها.

 

وأشارت الأكاديمية إلى أنه "تم الإبلاغ حتى الآن عن تبعات دائمة على صحة القلب والأوعية الدموية فقط لدى مرضى دخلوا المستشفى، ضمن سلسلة صغيرة ومع فترة متابعة قصيرة".

 

ارتفاع عدد مرضى القلب

 

لكن دراسة كبيرة أجريت في الولايات المتحدة ونشرتها مجلة "نيتشر" الشهر الماضي غيّرت المعادلة، بحسب الأكاديمية التي قالت إن نتائجها "تنبئ بزيادة كبيرة في أمراض القلب والأوعية الدموية في جميع أنحاء العالم" بعد جائحة كورونا.

 

أجريت هذه الدراسة على أكثر من 150 ألفاً من قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي أصيبوا جميعاً بكورونا، وهي تقيس وتيرة اضطرابات القلب والأوعية الدموية في السنة التي تلي الإصابة، وتقارنها بمجموعات تضم قدامى محاربين لم يصابوا بالعدوى.

 

وبيّنت نتائج الدراسة أنه "بعد 30 يوماً من الإصابة، يكون الأفراد المصابون بكورونا أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية"، بينها خصوصاً حالات احتشاء أو التهاب في القلب أو سكتات دماغية.

وتشير الدراسة إلى أن هذا الخطر "موجود حتى لدى الأفراد الذين لم يدخلوا المستشفى" بسبب كورونا، رغم أن درجة هذا الخطر أدنى بكثير لدى هؤلاء المرضى.

 

تشكيك في نتائج الدراسة

وأشاد باحثون كثر بهذا البحث، سيما أنه أجري على عدد كبير جداً من المرضى وعلى فترة طويلة. مع ذلك، أبدى خبراء تشكيكاً أكبر في صحة النتائج.

وقال الإحصائي البريطاني جيمس دويدج لوكالة فرانس برس إنه "من الصعب للغاية استخلاص استنتاجات هامة" من هذه الدراسة، متحدثاً عن وجود الكثير من التحيزات المنهجية في البحث. ومن بين مواضع التحيز الواضحة بحسب دويدج هو أن قدامى المحاربين الأميركيين، رغم عددهم الكبير، هم فئة متجانسة للغاية، لأنها تتكون إلى حد كبير من رجال كبار السن. لذلك فهي ليست بالضرورة تمثيلية، حتى لو سعى معدو الدراسة إلى تصحيح هذه التحيزات الإحصائية.

 

ويظل هذا التصحيح غير كافٍ بنظر دويدج الذي يشير إلى مشكلة أخرى: الدراسة لا تميز بوضوح إلى أي مدى تحدث الاضطرابات بعد فترة طويلة من الإصابة.

 

من هنا، ثمة اختلاف في النتيجة إذا ما تعرض المريض للاضطرابات القلبية الوعائية بعد فترة قصيرة من الإصابة بكوفيد لا تتعدى شهراً ونيّف، أو بعد عام تقريباً. وبجسب جيمس دويدج، لا تسمح الدراسة بالتمييز بشكل كاف بين "المضاعفات طويلة المدى من تلك المرتبطة بالمرحلة الحادة من المرض".

 

مع ذلك، فإن هذا العمل "يستحق التنويه لمجرد أنه موجود"، وفق ما قال طبيب القلب الفرنسي فلوريان زوريس لوكالة فرانس برس.

 

ولاحظ زوريس أيضاً عيوباً كثيرة في الدراسة، لكنه يعتبر أنها تجعل من الممكن دعم الفرضيات التي يعتبرها أطباء قلب كثر محتملة في ما يتعلق بفيروس Sars-Cov-2الذي، مثل الفيروسات الأخرى، يمكن أن يسبب التهاباً دائماً. ويذكّر بأنه في عشرينيات القرن الماضي، سجلت أمراض القلب والأوعية الدموية ازدياداً كبيراً في أعقاب جائحة الإنفلونزا الإسبانية.