هل نربي رجالا ... أم خرفانا!

اليمن العربي

المتابع للاحداث المأساوية، التي تعصف بحضرموت من أزمات خانقة في الكهرباء والمشتقات وارتفاع اسعار قوت الشعب وهبوط العملة والمرتبات اليتيمة، ووصول شعبها الى حد المجاعة ، وما ترتب على ذلك من مصادمات بين السطة المحلية والنخبة والأمن الحضرمي من جهة، والشباب الغاضب، وبلوغ الفتنة والاحتقان ذروتها بين الطرفين، دون تدخل من العقلاء والنخب الحضرمية المهمشة، للتغلب على هذه الفتنة ، ودرء المخاطر التي تحاك ضد حضرموت من أعدائها ، كل ذلك يوصلنا الى قناعة تامة، باننا نساس كالخرفان وليس كالرجال.

وهذه السياسة لاتنطبق على حضرموت فقط، بل في كل اليمن وعموم بلاد العرب والمسلمين. فلقد

بات واضحا ان كل الحكومات الجبريه العاضة  في هذه  البلاد، تسعى بكل ماأوتيت من قوة وسياسات وأعلام وأموال ، لتحويل كل رعاياها، الى قطيع من المواشي والخرفان المهجنة والمطيعة ، والتي لاتستطيع مواجهة حكامها مطلقا، حتى بكلمة أف.

ولم يعرف هؤلاء الحكام، ان من يتعامل مع شعوبه بهذه السياسة، ويحولهم الى قطيع خرفان، بهدف أستمرار خنوعهم وبقاء ملكهم العاض، فانهم، وبدون ان يدروا قد تحولوا أيضا الى خرفان مهجنة، أمام حكومات الأستكبار العالمية، التي تمتلك القوة والمنعة والجبروت والرجال ألأشداء، في مواجهة خرفانهم الذليلة، التي لاتغني ولاتسمن من جوع، وتنتظر هي وحكامها بخنوع واستسلام سكاكين الجزارين، من بقية أمم الاستكبار، التي تداعت علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها.

 

ونستذكر هنا لإستنهاض الهمم واقعة،

حصلت لاجدادنا،من الرعيل الاسلامي الأول،الذين فتحوا العالم وأسقطوا الامبراطوريات ، عندما كنا نحن وحكامنا رجالا لاخرفانا، وكانت الواقعة في عهد داهية العرب وأميرهم معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنه.

"دخل ذات يوم، رجل يسمى جاريه، وكان من أنصار سيدنا علي رضي الله عنه ، على أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان وكان عند معاوية ثلاثة من وزراء قيصر الروم .

وقد حاول معاوية ان يعير الرجل بمواقفه مع سيدنا علي، الا ان الرجل كان خصما قويا معه ولم يهابه او يهادنه خوفا على حياته.

وقد إشتد الحوار بينهما وكان مماقاله  معاوية:

ويحك يا جارية، ما كان أهونك على أهلك إذ سموك جارية !

فرد جارية:

أهون على أهلك أنت الذين سمّوْك معاوية، وهي الكلبة التي شبقت فعوت، فاستعوت الكلاب!

- فصاح معاوية:

اسكت لا أم لك !

- قال جارية :

بل تسكت أنت يا معاوية ، لي أم ولدتني وللسيوف التي لقيناك بها، وقد أعطيناك سمعاً وطاعة على أن تحكم فينا بما أنزل الله، فإن وفيت، وفينا لك، وإن ترغب فإنا تركنا رجالاً شداداً، وأدرعاً مداداً، ما هم بتاركيك تتعسفهم أو تؤذيهم .

ثم خرج جارية من المجلس غاضباً دون أن يستأذن الخليفة !

 

فالتفت الوزراء الثلاثة إلى معاوية، فقال أحدهم:

إن قيصرنا لا يخاطبه أحد من رعاياه إلا وهو راكع، ملصق جبهته عند قوائم عرشه، ولو علا صوت أكبر خاصته، أو ألزم قرابته، لكان عقابه التقطيع عضواً عضواً  أو الحرق، فكيف بهذا الأعرابي الجلف بسلوكه الفظ، وقد جاء يتهددك، وكأن رأسه من رأسك؟

 

فابتسم داهية العرب معاوية، ثم قال:

أَنَا أَسُوسُ رِجَالاً وَلَا أَسُوسُ خِرَافاً، رِجَالاً لَا يَخَافُونَ فِي الحَقِّ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وكل قومي كهذا الأعرابي، ليس فيهم واحد يسجد لغير الله، وليس فيهم واحد يسكت على ضيم، وليس لي فضل على أحد إلا بالتقوى، ولقد آذيت الرجل بلساني، فانتصف مني، وكنت أنا البادئ، والبادئ أظلم !

 

فبكى أكبر وزراء الروم بحرقة، فسأله معاوية عن سبب بكائه، فقال:

كنا نظن أنفسنا أكفاء لكم في المنعة والقوة قبل اليوم، أما وقد رأيت في هذا المجلس ما رأيت، فإنني أصبحت أخاف أن تبسطوا سلطانكم على حاضرة ملكنا ذات يوم ! "

وجاء ذلك اليوم بالفعل، فقد تهاوت بيزنطية وفارس وبقية أمبراطوريات العالم الاخرى تحت ضربات الرجال، فكأنها بيت العنكبوت... فهل يعود المسلمون رِجَالاً، لَا يَخَافُونَ فِي الحَقِّ لَوْمَةَ لَائِمٍ؟؟؟ام يستمروا في خنوعهم كالخرفان التي تنتظر من يذبحها، من علوج الأمم، التي تداعت عليهم!!!