البهائية في اليمن.. طقوس وأحكام دينية تثير الشبهات حولهم (تقرير)

أخبار محلية

باب اليمن
باب اليمن

اليمن العربي- نجلاء حسن


يعيش في اليمن حوالي ألف بهائي، والبهائيون هم الأشخاص الذين يدينون بالدين البهائي، ورغم هذا العدد الذي يجعلهم أقلية في اليمن إلا أنهم يؤكدون في مصادرهم بأنهم أحد المكونات الأصيلة في المجتمع اليمني، وأنهم متواجدين وعلى مر التاريخ في العديد من المدن اليمنية.


الكشف عن أنفسهم بصورة علنية


وبرغم تلك المقولات التي تؤكد بحسبهم على عمق تاريخي للبهائية في اليمن، لم يعلن هؤلاء عن أنفسهم كطائفة دينية موجودة في اليمن إلا في منتصف نوفمبر 2015، وذلك في حفل لم يحظ بكثير من التغطية الإعلامية، لجهة حالة الحرب التي تمر بها البلاد ولأن الحفل كان بسيطاً ودعي إليه مثقفين وأكاديميين وحقوقيين بالإسم.


وبصورة علنية أخرى ظهر البهائيون في صنعاء مجدداً بعد أن نظموا وقفات احتجاجية في أبريل 2016، مطالبين بالإفراج عن أحد اتباع طائفتهم المحتجز في السجون اليمنية منذ العام 2013 بسبب ديانته، بحسب ما يذكر هؤلاء فيما تتهمه السلطات اليمنية بتهم أقلها التخابر مع دولة أجنبية وأكبرها الردة عن الدين الإسلامي.


تلك الوقفات حظيت بتعاطف إعلامي كبير ليعود البهائيين إلى السطح، وتفتح ملفات قديمة لحالات إعتقال مماثلة تعرض لها أشخاص يدينون بالبهائية في أوقات سابقة، كما لا قت تلك الوقفات الاحتجاجية والبيانات المطالبة بإطلاق سراح المحتجز ردود فعل دولية دفعت منظمات حقوقية دولية للتدخل والوقوف إلى جانب البهائي المعتقل والمطالبة بالإفراج عنه.


ماهية الدين البهائي


وللتعريف فإن البهائية أو الدين البهائي ديناً جديداً أنشأه وأظهره حسين علي الملقب "البهاء"، والذي ادعى النبوة، وزعم أن شريعة الإسلام قد نسخت بمبعثه، ومؤسسه في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي هو الميرزا حسين علي الملقب "البهاء".


لذا يعتبره المسلمين بأنه ديناً وضعياً، فيما يرى تابعيه بأنه دين عالمي مستقل كل الاستقلال عن أي دين آخر، كما أنه ليس طريقة صوفية ولا مزيجاً مقتبساً من مبادئ الأديان الأخرى، وليس شعبة من الدين الإسلامي أو المسيحي أو اليهودي، وليس إحياء لأي مذهب عقائدي قديم.


ويؤمن البهائيون بجميع الرسالات السماوية دونما تفريق، لذا يعتقدون بأن ما جاء به ما يسمونه "حضرة بهاء الله" هي واحدة من الرسالات السماوية، ومن الكتاب الذي يعرف بالكتاب "الأقدس" يستمدون تعاليهم الدينية ويعتمدون في تسيير أمور حياتهم على شرائعه ويقصدون في حجهم أماكنه المقدسة لديهم.


كما يحث الدين البهائي اتباعه على التخلي عن كل ألوان التعصب ويمنعهم حمل السلاح والقتال ويجزم بأن هدف كل دين هو إشاعة الألفة والوئام، وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش في المجتمع.


أما رسالة الدين البهائي وبحسب معتنقيه فإنها تهدف إلى :"لتحقيق نظام عالمي جديد يسوده السلام العام وتنصهر فيه أمم العالم وشعوبه في اتحاد يضمن لجميع أفراد الجنس البشري العدل والرفاهية والاستقرار ويُشيّد حضارة إنسانية دائمة التقدم في ظل هداية إِلهية مستمرة".

 

الطقوس الدينية لدى البهائيين


هذا الشعار والأهداف البراقة لم تعف البهائيين في اليمن أو غيرها (يتواجد معتنقي هذه الديانة في عديد دول عربية وإسلامية وغربية) من التعرض للإضطهاد والملاحقة والنبذ.


فالحج لدى البهائيين اليمنيين  وغيرهم يلزمهم بالتوجه إلى المركز العالمي للبهائيين، والذي يقع في مدينتيّ عكا وحيفا في الأراضي المحتلة بفلسطين ويزور الحجاج البهائيين المباني على منحدر جبل الكرمل، ويوجد بها هياكل تتضمن مقر بيت العدل الأعظم وهو وهو المؤسسة العليا الحاكمة للديانة البهائية، ومبنى مركز التعليم الدولي، ومركز لدراسة النصوص والمحفوظات البهائية الدولية، والتي تم إنشاؤها في حدائق واسعة.


ولتوضيح السبب في الحج إلى هذه الأماكن بالتحديد فإنه يعود إلى فترة حكم الإمبراطورية العثمانية وقامت بنفي من يسمونه "حضرة بهاء الله" وصحبه من بغداد إلى إسطنبول فأدرنة وصولا إلى فلسطين حيث سجنته في قلعة عكا في عام 1868م إلى أن توفي هناك في عام 1892م، فأصبحت بذلك عكا وحيفا حاضنة الأماكن المقدسة للبهائيين.


الشعائر الدينية الأخرى


وبرغم معرفة المعتقد بالبهائية بهذه الشعيرة إلا أن معظم البهائيين وبخاصة في الدول العربية والإسلامية لا يستطيعون تنفيذها وذلك للصراع الذي تشهده المنطقة وللأجراءات المعقدة لمحاولات الوصول إلى هناك لجهة الأوراق الرسمية والتأشيرات وغيرها.


فيما توجد شعائر أخرى في الدين البهائي وهي الصلاة والصوم فيما لا يقر هؤلاء بالزكاة.


ولدى البهائيين ثلاثة انواع من الصلاة وللفرد حرية اختيار أي منها ليصليها في يومه وتغنيه عن الأخرى، والصلاة لديهم انفرادية ويقوم بها الشخص عادة في البيت ولاتمارس صلاة الجماعة إلا في دفن الميت، ويجتمع البهائيون للمشاركة في قراءة الأدعية والمناجاة أو للمشاورة بصورة منتظمة إما في البيوت أو في الأماكن العامة أو في ابنية خاصة تعرف بمشارق الأذكار.


ولأن هذه الأبنية غير موجودة في اليمن وفي معظم الدول الإسلامية يجتمع هؤلاء في أعيادهم، كما يجتمعون في أحد البيوت عوضاً عن مشارق الأذكار.


أما الصوم لديهم فيبدأ في الثاني من مارسكل عام ويستمر لمدة 19 يوم يمتنع فيها الصائم البهائي عن الأكل والشرب من الشروق وحتى الغروب، ويكون في اليوم 21 مارس هو يوم عيدهم وهو عيد "النيروز"، ويعد بداية سنة بهائية جديدة، فنيروز باللغة الفارسية تعني سنة جديدة، ويتم فيه قراءة العديد من الأدعية ومنها لوح النيروز ثم الاحتفال.


ويحرم الدين البهائي مذهبات العقل من مخدرات ومشروبات كحولية، كما لا يعتقدون بالرهبنة والتكهن والدروشة والاعتصام في الصوامع والاعتزال عن الناس فهذا ممنوع عند البهائيين.


هذه الشعائر المختلفة جعلت من البهائين فئة "منبوذه" ورغم رفضهم وصفهم بالأقلية في اليمن إلا أنهم كذلك، بخاصة وأن الدولة لا تعترف بدينهم وتقر قوانين اليمن بأن دين الدولة هو الإسلام، ويتمسك البهائيون بتوقيع ومصداقة اليمن على اتفاقيات دولية تضمن حرية الأديان على أراضيها.


عادات وطقوس الزواج عند البهائيين


وبناء على هذا فإن الزيجات البهائية ليست موثقة بعقود رسمية في اليمن وغيرها - ونتحدث هنا بعمومية عن البهائيين لعدم اختلاف أوضاعهم في العالم العربي والإسلامي- لعدم الاعتراف بها أصلاً كدين كما هو الحال في عدد من الدول والتي لا يحظى فيها معتنقي الديانة البهائية بأوراق رسمية تمكنهم من ممارسة حقوقهم المدنية بالمساواة مع الديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية على سبيل المثال والتي تعترف بها الدول كديانات سماوية.


ويذكر موقع ويكبيديا أن الزيجات في البهائية تستلزم موافقة طرفي الزواج الذين يوقعان على وثيقة الزواج، كما تقرأ آيات معينة عند إتمام العقد وهي بأن يقول الزوج "إنا لله راضون" والزوجة "إنا لله راضيات"، ويتم كتابة عقد زواج بهائي، وعند الزواج من ديانة أخرى يتم كتابة عقد زواج بهائي بالإضافة إلى عقد زواج الديانة الأخرى.


إذ تؤكد عدد من المصادر ان الدين البهائي لا يمنع الزواج من الأديان الأخرى، فقط يشترط موافقة الأبوين وهو ما يحول دون الزواج العرفي.


كما يحرم الدين البهائي تعدد الزوجات، ويحرم العلاقة خارج إطار الزوجية، ويحرم زواج المحارم، كما لا يسمح للزوجين بالإنفصال قبل مرور عام على زواجها إذا لم يتفقا وأردا الطلاق، وخلال هذا العام يسعى المقربون إلى محاولة الإصلاح بينهما ويسمى لديهم بعام الاصطبار.

 

الميراث في الدين البهائي


وكما تحتلف الطقوس الدينية الخاصة بالزواج تختلف الأمورالمتعلقة بالميراث، إذ يحرص البهائيين على كتابة وصايا للميراث، ولا تطبق أحكام المورايث عندهم إلا في حالة عدم كتابة المتوفي لوصيته، وتقسم التركات في هذه الحال على الذكور والإناث بالتساوي، ويفضل منحها للشباب والصغار عن منحها للكهول وتعتمد على احتياج الفرد لها بحسب وصايا من يعتبرونه رسولهم "حضرة بهاء الله"، كما تنص البهائية على إعطاء ثلث الميراث للدولة، والمقصود بالدولة هنا هى الدولة البهائية.

 

اعتناق البهائية بدون شروط


إلى ذلك تسمح الديانة البهائية بدخول أي شخص يريد الانضمام لها، ولا توجد إجراءات رسمية لذلك، وتذكر مواقعهم على شبكة الانترنت أنه لا توجد شروط لاعتناق البهائية سوى الإيمان بحضرة بهاء الله وجميع الرسل السماوية وجميع المبادئ التي تقوم عليها البهائية.


كما لا يرغم البهائيين ابنائهم على اعتناق البهائية منذ مولدهم، فيترك لأي منهم حرية اختيار الدين المناسب له وتحرى الحقيقة مثلما يراها.


كذلك لا يوجد رجال دين في البهائية فلا قديسين أو كهنة، ويؤمن البهائيون بأن الحقائق الدينية نسبية وليست مطلقة، لهذا فلا يزعم البهائيون بأن دينهم هو الأفضل، ولكنه الدين المناسب لهذا العصر، وسيأتي رسل أخرى تناسب العصور القادمة ولا بد لهم أن يؤمنوا بها حيث يوجد نص صريح في كتاب الأقدس ينص على ذلك، بحسب زعمهم.


ولأن الطقوس التي يتبعها البهائيين غير معلنة لعدم توفر أماكن العبادة الخاصة بهم "مشارق الأذكار" في اليمن وغيرها، ولأنهم متحفظون على تفاصيل كثيرة حول ديانتهم بما لا يجعل معتقداتهم الدينية والاجتماعية واضحه، ناهيك عن عددهم القليل مقارنة بالتعداد السكاني لليمنيين والذي وصل إلى 26 مليون وأكثر من نصف المليون نسمة في آخرالاحصاءات.


لأجل ذلك وغيره أصبح من السهل نسج الإشاعات حول هؤلاء، ما يعرضهم للملاحقات القانونية لجهة ديانتهم، والأذى على المستوى الاجتماعي والنبذ أيضاً إذا ما أعلنوا هويتهم، الأمر الذي يوسع دائرة الناقمين عليهم.