تحالف أمني بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا لمواجهة الصين.. واستياء فرنسي

عرب وعالم

اليمن العربي

أعلنت واشنطن، الساعية لتعزيز تحالفاتها في كل الاتجاهات للتصدي لبكين، الأربعاء، تشكيل تحالف أمني استراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يضم كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، في مشروع يهدد بتقويض الطموحات الفرنسية في المنطقة.

 

وأتى الإعلان عن المعاهدة الأمنية الجديدة المسماة "أوكوس"، خلال قمة افتراضية استضافها الرئيس الأمريكي جو بايدن، في البيت الأبيض، وشارك فيها عبر الفيديو كل من رئيسي الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والأسترالي سكوت موريسون.

 

والثمرة الأولى لهذا التحالف ستكون حصول أستراليا على أسطول من الغواصات التي تعمل بالدفع النووي، وهو أمر سيقود كانبيرا لإلغاء طلبية ضخمة أبرمتها مع باريس لشراء غواصات فرنسية الصنع.

 

وقال رئيس الوزراء الأسترالي إن أول مبادرة كبيرة في إطار أوكوس، ستكون حصول أستراليا على أسطول غواصات تعمل بالدفع النووي.

 

تحول استراتيجي

 

ويمثل هذا الإعلان نقطة تحول استراتيجي لا سيما وأنها المرة الأولى التي ستشاطر فيها الولايات المتحدة مثل هذه التقنية الحساسة مع دولة أخرى غير بريطانيا.

 

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن الدولة الوحيدة التي شاركت الولايات المتحدة معها هذا النوع من تكنولوجيا الدفع النووي هي بريطانيا وذلك منذ 1958.

 

ووفقا للصحافة الأسترالية فإن استحواذ كانبيرا على هذه التكنولوجيا المتطورة سيحتم عليها إلغاء صفقة ضخمة بقيمة 50 مليار دولار أسترالي (31 مليار يورو) أبرمتها مع باريس لشراء 12 غواصة تقليدية من طراز "أتاك".

 

ولطالما أطلق على هذا العقد اسم "صفقة القرن" للصناعة الدفاعية الفرنسية.

 

استياء فرنسي

 

وما هي إلا دقائق حتى أعلنت باريس أن تراجع أستراليا عن صفقة أبرمتها مع مجموعة "نافال جروب" الفرنسية للصناعات الدفاعية لشراء غواصات تقليدية، هو قرار مؤسف.

 

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: "هذا قرار مخالف لنص وروح التعاون الذي ساد بين فرنسا وأستراليا".

 

وأضافت أن الخيار الأمريكي الذي يؤدي إلى إقصاء حليف وشريك أوروبي مثل فرنسا من شراكة مزمنة مع أستراليا، في وقت نواجه فيه تحديات غير مسبوقة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يشير إلى عدم ثبات لا يمكن لفرنسا إلا أن ترصده وتأسف له.

 

من جانبها، أبدت مجموعة "نافال جروب" الفرنسية للصناعات الدفاعية خيبة أمل كبرى إزاء الإعلان الأسترالي.

 

وقالت المجموعة في بيان تلقته وكالة فرانس برس، إن الكومنولث الأسترالي لم يرغب في الانخراط في المرحلة التالية من البرنامج، وهو أمر يمثل خيبة أمل كبرى لنافال غروب التي قدمت لأستراليا غواصة تقليدية ذات تفوّق إقليمي وأداء استثنائي.

 

بايدن يطمئن باريس

 

وحاول بايدن طمأنة فرنسا بتأكيده إثر القمة أن الولايات المتحدة تتطلع للعمل بشكل وثيق مع فرنسا وشركاء رئيسيين آخرين في منطقة المحيطين الهادئ والهندي.

 

وقال بايدن إن فرنسا بالخصوص لديها وجود مهم في منطقة الأطلسي-الهندي وهي شريك وحليف أساسي.

 

من جهته قال رئيس الوزراء البريطاني الذي حقق بهذا التحالف نصرا دبلوماسيا كبيرا لاستراتيجيته الرامية لتجنيب بلاده عزلة دولية بعدما خرجت من الاتحاد الأوروبي، إن المعاهدة ستربط بين المملكة المتحدة وأستراليا والولايات المتحدة بشكل وثيق أكثر، مما يعكس مستوى الثقة بيننا وعمق صداقتنا.

 

وإثر القمة الثلاثية قال بيان مشترك إنه بالاستناد إلى تاريخنا المشترك كديموقراطيات بحرية، فإننا نلتزم بطموح مشترك دعم أستراليا في الحصول على غواصات تعمل بالدفع النووي.

 

وأوضح البيان أن ما ستحصل عليه أستراليا هو غواصات تعمل بالدفع النووي وليس مزودة بالسلاح النووي.

 

أساسي وجوهري

 

ووفقاً للمسؤول الكبير في البيت الأبيض فإن هذا قرار أساسي وجوهري. هذا قرار سيلزم أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا لأجيال.

 

ولم يأت أي من القادة الثلاثة على ذكر الصين ولا فعل كذلك بيانهم المشترك الذي اكتفى بالإشارة إلى السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لكن مما لا شك فيه أن التحالف الجديد يهدف قبل كل شيء إلى مواجهة الطموحات الإقليمية لبكين، بحسب "فرانس برس".

 

ولطالما كرر الرئيس الأمريكي منذ انتخابه القول إنه ينوي على غرار سلفه دونالد ترامب، مواجهة الصين، ولكن بطريقة مختلفة تماما عن التي اعتمدها الملياردير الجمهوري والتي اتسمت بمواجهة مباشرة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

 

وقال بايدن الأربعاء إنه يريد الاستثمار في أكبر مصدر لقوتنا ألا وهو تحالفاتنا، وإنه يريد تطويرها لمواجهة تهديدات اليوم والغد بشكل أفضل.

 

ويجمع الرئيس الأمريكي في 24 أيلول/ سبتمبر في واشنطن، رؤساء وزراء كل من أستراليا والهند ناريندرا مودي واليابان يوشيهيدي سوغا لإعادة إطلاق التحالف الرباعي المعروف باسم "كواد" أو "الحوار الأمني الرباعي".

 

وستسمح هذه القمة الرباعية بتعزيز الروابط وتعميق التعاون، سواء على صعيد مواجهة وباء كوفيد-19 أو التغير المناخي.

 

ويريد الشركاء الأربعة كذلك الالتزام بجعل منطقة الهند-المحيط الهادئ مفتوحة وحرة، وهي عبارة دبلوماسية تعتمدها واشنطن للتنديد بالتطلعات الإقليمية الصينية.

 

عقلية الحرب الباردة

 

وقالت السفارة الصينية في واشنطن، إن على الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا التخلص من عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي، وذلك في معرض ردها على الاتفاق الأمني الجديد بين الدول الثلاث.

 

وأضاف المتحدث باسم السفارة الصينية ليو بينجيو، أن الدول الثلاث يجب ألا تشكل تكتلات إقصائية تستهدف مصالح أطراف ثالثة أو تضر بها. وأهم ما ينبغي لها فعله هو التخلص من عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي.

 

من جهتها، أعلنت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا آرديرن، الخميس، أن الحظر الساري على دخول أي قطعة بحرية تعمل بالدفع النووي، مياه نيوزيلندا، سيسري على الغواصات التي تعتزم حليفتها الأوثق أستراليا الاستحصال عليها.

 

وقالت آرديرن في بيان إن موقف نيوزيلندا المتعلق بمنع القطع البحرية التي تسير بالدفع النووي من دخول مياهها لم يتغير.