سنظل نخلد ذكراك

اليمن العربي

جدي الشهيد اللواء صالح بن يسلم بن سميدع الرجل الشهم والاأ الحنون ها أنا على الموعد كما عودتنك أخاطبك في يوم استشهادك، في ذكراك الثامنة والاربعون يوم قرر القتلة إعدامك وإخماد صوتك للأبد، ويوم أراد الله لك لقاءه صائماً شهيداً طاهراً لتدون اسمك في التاريخ بأحرف من ذهب في سجل الشهداء - كما نحسبك-.

قبل أيام كنت أزور معرض للصور أقامته مؤسسة حضرموت للتراث والتاريخ ورئيسها العزيز الأستاذ خالد سعيد مدرك خاص بالتاريخ العسكري لحضرموت، لقد شاهدتك تتصدر قاعة المعرض إلى جانب إخوانك ورفاق السلاح من القادة والضباط وغيرهم من أبناء حضرموت الشرفاء الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل حضرموت وأهلها وإعلاء شأنها، رجال لا يخافون في الله لومة لائم، لكنهم ذهبوا بعد ذلك ضحية الحقد والطيش من قبل من تولوا الحكم في حضرموت بعد سبتمبر 1967م رفاق الشيطان في ظل الحكم الشيوعي السلطوي البائد.

لقد سمعت أحد زوار المعرض وهو يقول: هؤلاء الرجال بحق لم يفكروا في يوم في مال أو جاه، ولم يخلفوا القصور أو الفلل أو كيلو مترات من الأراضي، ولم يعيثوا فساداً في الأرض، أنهم نموذج الحضرمي النزية الشريف. وهنا أجدها فرصة لأتوجه بالشكر للأستاذ خالد مدرك على هذه اللفتة الكريمة بحق هؤلاء.

لقد كانت قامتي تعانق السماء وقلبي يطير فرحاً عندما أسمع كلمات الإشادة بك وبزملائك الشرفاء رحمهم الله لقد ظلمتم كثيراً وهضمت حقوقكم، وعندما يكون الظلم من ذوي القربى فهو أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.

لقد آن الأوان لتكريمكم أيها الأبطال الرجال يا من قدمتم أرواحكم فداء لحضرموت وأمنها واستقرارها، إن كل هؤلاء الذين في الصور كانوا ينتشرون في أنحاء حضرموت جبالها وسهولها وصحاريها، ليس لنهب الناس أو ترويعهم بل لحفظ الأمن والسكينة لسكانها وفرض النظام والقانون التي كنا نعيشه خلال تلك الفترة، هم رجال نخوة وشهامة عملوا في ظروف صعبة وقاسية.

جدي العزيز ذكراك كل عام تثير لدينا الكثير من الألم و تبعث الأشجان، وتنكت حرقة الفراق، ولكن كما أوصيتنا أن لا نحزن، بل نحتفل بها فهي ذكرى البطولة والشجاعة والشهادة والحظ الطيب الذي نلته أنت يوم لقيت ربك صائماً طاهراً في يوم من أفضل الأيام عند الله عز وجل - يوم عاشوراء- لقد كنت تردد دائماً، اللهم ارزقني الشهادة وحسن الخاتمة والعمل الطيب فوجدته الحمد لله، لقد كنت أباً حنوناً باراً بأهلك، ذهبت إلى سواكن بالسودان خصيصاً لزيارة قبر والدك المقبور هناك رحمه الله، وزرت ربعك، وكنت واصلاً لرحمك عطوفاً بأقربائك محباً للجميع .

أحب ان أخبرك أن حضرموت منذ عهدك تتقاذفها الأهواء ويتجاذبها غير أهلها لم تستقر على حال أصبحت تائهة مرة لهذا وأخرى لذاك لم تجد من يقودها لبر الأمان.

ويعيد لها أمجاد أبنائها، حال أبنائها شذر مذر لم تجتمع كلمتهم ولا توحدوا خلف رأي سديد، فقدت عليهم البوصلة ولا زالوا يبحثون عنها.

جدي العزيز لقد تبوأت مناصب عليا وحملت أعلى الرتب العسكرية، وخضت أشرس المعارك لتثبيت أركان الدولة وإحلال الأمن والاستقرار، وعملت في ظروف المجاعة المخيفة وأسهمت في إنقاذ العديد الأسرى من الموت، وتخرج على يدك المئات من الطلاب والطالبات من أبناء مدارس البادية لم يكن لك من هدف سوى أرضاء الله ومن ثم ضميرك لم تحوز على أموال وعقارات بل إنك فزت بمحبة الناس الذين لازالوا يذكرونك إلى يومنا هذا بالخير.

هذا ما كنت تتمناه وتسعى إليه حققت كل أهدافك وأمانيك وختمتها بالشهادة في يوم مشهود لايزال إلى اليوم يمثل قصة يرويها الناس برغم مرور مايقارب النصف قرن على استشهادك قصة بطل نحت في الصخر ترك الغربة والاغتراب و عاد ليشارك في بناء وطنه حضرموت، كتب أروع الصفحات في التضحية والفداء عاش مرفوع الرأس واستشهد مرفوع الرأس ناطقاً بالشهادة صائماً لوجه الله راضياً عما قدمه له الرحمه والمغفرة والخزي والعار للقتلة المجرمين ولا نامت أعين الجبناء.