قناة "الجزيرة" بين موقفين متناقضين تجاه تونس

اليمن العربي

اثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تونس كانت قناة "الجزيرة" تسلط كثير من الأضواء على المرشح قيس بن سعيّد، وكانت تحشد له اصوات اعلامية من كل حدب وصوب لتلميعه والترويج له، وكأنها الراعي الاعلامي لذلك المرشح، الذي كانت تصبغ عليه كثير من الالقاب والصفات، حتى ان البعض كان يتصور ان بن سعيّد سيكون رئيساً لم تشهد بلدان العالم مثله من قبل ولن تشهد من بعد، وكانت تحتفي به اكثر من القنوات التونسيه نفسها، وكانت ترمز اليه بأنه مثال للمناضل من أجل الحرية، بقولها انه أول شخص يأتي من الزنزانة الى كرسي الحكم في الوطن العربي، وبعد تنصيبه رئيسا استمر الترويج والحشد الاعلامي الى فترة، ولكنه انقطع مؤخرا لأسباب يدركها الشعب التونسي ومن يفهمون شئ في السياسة وتجاذبات المصالح..

ليلة الأحد قلبت قناة الجزيرة المجن لما سبق، وخصصت ساعات متواصلة في بث مباشر وعواجل متلاحقة، للحديث عن مساوئ الرئيس قيس بن سعيّد، وأتت بعيوب لا ندري هل هي فيه أم مختلقه، المهم انها مسحت به وبتاريخه وبالعيش والملح الذي كان بينهم الأرض، وأصبح "قيسا" كأن لم يكن يوما حبيب "ليلى"، فهو الليلة في التعبئة الاعلامية لقناة الجزيرة العدو رقم واحد للديمقراطية والحريات وللدستور ولكل القيم والمبادئ، كل ذلك لأنه اتخذ قرارات جريئة وشجاعة لانقاذ شعبه ووطنه الذي بات على حافة الخطر والانهيار، بسبب المماحكات والصراعات والمكائد الحزبية، التي انتهجها قادة الاحزاب التونسية، وأهملوا شئون الشعب والوطن..

من باب الأخلاق المهنية أن تلتزم وسائل الاعلام غير التونسية، موقفا محايدا عن الخلافات الداخلية التونسية، وأن تكون بعيدة عن تجاذبات الاطراف السياسية في هذا البلد العربي الذي ينشد النهوض والخروج من مشاكله، وأن لاتناصر هذه الوسائل الاعلامية طرفاً على طرف آخر، حتى لا تكون مثل من يصب الزيت على النار المشتعلة أصلاً، فان الشعب التونسي يكفيه مابه من معاناة ومآسي، فدعوه يشق طريقه بنفسه، وليأخذ خياراته ويقرر مصيره الذي يرتضيه.