كيف يؤدى السعي بين الصفا والمروة؟

منوعات

اليمن العربي

يعد السعي بين الصفا والمروة ركنا من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به، وهو أمر تعبدي يحمل الكثير من الحكم والدلالات.

 

ومن أبرز حكم السعي أن نتذكر به علو إيمان هاجر عليها السلام، فيسمو إيماننا بالله، وذلك عندما تركها زوجُها أبو الأنبياء إبراهيم مع ابنها إسماعيل، عليهما السلام، في صحراء مكة حيث لا زرع ولا ماء، ومضى نفاذاً لأمر إلهي تلقاه، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذًا لا يضيعنا.

 

وبعد ما نفد ما معها من ماء، عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، فانطلقت دون تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر، فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي.

 

ثم أتت جبل المروة، فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات.

 

ولما بلغ منها التعب منتهاه بعث الله جبريل عليه السلام، فضرب الأرض بجناحيه، فظهر الماء بجوار إسماعيل، لتهرول هاجر نحوه حامدةً وشاكرةً الله، وهي تغرف وتسقي ولدها كي تنقذه، قائلة: "زمّ الماء، زمّ الماء"، أي جرى الماء، ومن هنا كانت تسمية هذه العين بـ"زمزم".

 

والصفا والمروة جبلين صغيرين متقابلين، يقعان شرق المسجد الحرام، ويبعدان عن بعضهما مسافة 395 متراً تقريباً، بين بطحاء مكة والمسجد.

 

وقد جعل الله تعالى من مسعى هاجر بين جبلي الصفا والمروة، شعيرة وركنا من أركان الحج.

 

وقد أَمرنا الله سبحانه وتعالى عند أداء نسك الحج أو العمرة بالسعي بين الصفا والمروة 7 أشواط بادئين بالصفا، في تجسيد لسعي السيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بين جبلي الصفا والمروة بحثا عن الماء وهي خائفة على ولدها الرضيع إسماعيل عليه السلام.

 

ويعد السعي أحد الممارسات الإسلامية التي تهذب النفوس وتوحد الأمة، حيث يسعى الجميع  بين الصفا والمروة، لا فرق بين صغير وكبير، ولا غني ولا فقير، وليس أمامهم سوى طلب الرحمة من الله والتضرع إليه أن يتقبل منهم حجهم لبيته.

 

السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط؛ تبدأ من الصفا، وتختم بالمروة، ويتشرط في السعي أن يكون بعد طواف.

 

فبعد الطواف يتجه الحاج والمعتمر إلى الصفا للسعي سبعة أشواط فإذا دنى من الصفا يبدأ بقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكراً عليم).

 

ثم يصعد إلى الصفا إن تيسر له، ويستقبل الكعبة ويحمد الله تعالى ويكبره ثلاث مرات رافعاً يديه ويدع ويكرر الدعاء قائلاً: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده)، ويكرر هذا الذكر ثلاثاً ويدعو بين ذلك بما شاء، وإن اقتصر على أقل من ذلك فلا حرج ولا يرفع يديه إلا إذا كان داعياً ولا يشير بهما عند التكبير لأن ذلك من الأخطاء الشائعة عند كثير من الحجاج والمعتمرين.

 

ثم ينزل الحاج من الصفا متجها إلى المروة ماشيًا بتؤدة واطمئنان يدعو بما يتيسر له من الدعاء لنفسه وأهله ولعموم المسلمين فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ناويًا بذلك العبادة، لا المسابقة.

 

ويستثنى النساء من ذلك، فالمرأة فلا يشرع لها الإسراع بين العلمين، وإنما المشروع لها المشي في السعي كله، ومن أبرز الأخطاء أثناء السعي إسراع النساء بين العلمين الأخضرين.

 

وعندما يصل إلى العلم الأخضر الثاني يمشي بتؤدة حتى يصل إلى المروة، يصعدها أو يقف عندها، والرقي عليها أفضل إن تيسر ذلك، يستقبل الكعبة ويقول ويفعل كما قال وفعل على الصفا، ما عدا قراءة الآية، وهي قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ" فهذا إنما يُشرع عند الصعود إلى الصفا في الشوط الأول فقط؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.

 

ويدع بما يشاء ثم ينزل ويمشي حتى يصل إلى العلم الأخضر فيركض حتى يصل إلى العلم الثاني ثم يكمل مشيه كالمعتاد إلى أن يرقى الصفا وهكذا يكمل سعيه على هذه الصفة سبعة أشواط فيكون ذهابه من الصفا إلى المروة شوطاً ورجوعه من المروة إلى الصفا شوطاً آخر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ما ذُكِر، وقال: خُذوا عَني مَنَاسِكَكُم.

 

يُستحب أن يُكثر  الحاج في سعيه من الذِّكرِ والدعاء بما تيسر، وأن يكون متطهرًا من الحدث الأكبر والأصغر، ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك.

 

كذلك يجوز للمرأة الحائض والنفساء أداء السعي دون الطواف لأن الطهارة ليست شرطًا في السعي، وإنما هي مستحبة.

 

ولا حرج على الحاج إذا بدأ السعي ماشياً وشعر بالإرهاق أو ألمَّ به عارض صحي - لا قدر الله - أن يكمل سعيه راكباً العربة.