محاكمة "جنرالات مونترو" تمس نواة الجيش في تركيا

عرب وعالم

اليمن العربي

بعد مرور قرابة شهرين على بيانهم الشهير، استدعت النيابة العامة التركية في العاصمة أنقرة بشكل مفاجئ 84 جنرالاً بحرياً متقاعداً من الجيش التركي.

 

كان هؤلاء الجنرالات، بالإضافة إلى عشرين آخرين، قد وقعوا في أوائل شهر أبريل الفائت بياناً مُشتركاً، عبروا فيه عن رفضهم لخطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شق قناة بحرية اصطناعية غرب مدينة اسطنبول، تربط بحر أيجة بالبحر الأسود، وتالياً يُمكن للسفن أن تعبر من خارج ممر البوسفور البحري، الرابط الوحيد راهناً بين البحرين المذكورين.

 

وسائل الإعلام ومراكز الدراسات والبحوث السياسية المهتمة بالشأن التركي، كانت قد سمت كتلة الجنرالات الموقعين على ذلك البيان وقتئذ بـ"جنرالات مونترو". وذلك إشارة إلى "اتفاقية مونترو" الشهيرة، التي وقعتها تركيا عام 1936 مع القوى الدولية في عصبة الأمم في ذلك الوقت، والذي بموجبه سُمح لتركيا بالسيطرة العسكرية والإدارية على مضيقي البوسفور والدردنيل البحريين، لكن بمجموعة من الشروط التي تُقيد سيادتها الكاملة على المضائق التي ضمن أراضيها، بحيث تكون مُجبرة على السماح المطلق للسُفن التابعة للدول المطلة على البحر الأسود بالمرور كيفما تشاء، وتقيد مرور السفن التي ليس لتلك الدول ببعض المعايير الإجبارية.

القناة الاصطناعية التي تنوي السلطات التركية حفرها بشكل موازٍ لمضيق البوسفور البحري، ويعرضها الرئيس أردوغان على أنها مشروعه الاستراتيجي الذي سيُخلد اسمه، تبدو وكأنها إخلال بذلك الاتفاق التاريخي، ويمس الأمن القومي لعدد من الدول، بالذات روسيا، التي كانت الجهة الرئيسية الراعية لذلك الاتفاق. وبيان جنرالات الجيش الشهير جاء بمثابة تحذير للرئيس أردوغان، بحيث أن الإخلال والخروج عن مضامين اتفاقية مثل "معاهدة مونترو"، أنما تعضد الأساسات التي قامت عليها الدولة التركية، حيث جنرالات الجيش التركي يعتبرون أنفسهم أمناء عليها. وذلك البيان أظهر أردوغان كشخص غير حريص على الأمن القومي التركي بعيد المدى.

 

طوال الشهرين الماضيين، كانت وسائل الإعلام والنقاش العام في تُركيا يدور حول "صراعات الإرادات" الذي يدور بين أردوغان وطبقة جنرالات الجيش الحاليين، الذين تربطهم وشائج عاطفية وسياسية ورمزية بالقادة المتقاعدين من الجيش، ويعتبرونهم "الآباء" الذين إذا مُست مكانتهم فأن هيبة المؤسسة العسكرية ونفوذ الجيش ضمن الدولة والسلطة والمجتمع التركي ستكون محل خطر.