هل إدارة بايدن مستعدة لتقويض ما حققته إدارة ترامب بشأن إيران؟

عرب وعالم

اليمن العربي

قال العالم السياسي الأمريكي والباحث في جامعة هارفارد مجيد رفيع زاده، إن قاعدة أساسية في المفاوضات تتمثل في الحفاظ على نفوذ ضد الطرف الآخر أو كسبه، ولكن إدارة بايدن تفعل على نحو يثير الحيرة عكس تلك القاعدة تماماً في نهجها التفاوضي مع النظام الإيراني. ويقول رفيع زادة، الذي يشغل أيضاً رئيس المجلس الأمريكي الدولي الخاص بالشرق الأوسط في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إنه قبل وقت قصير على توجه وفد أمريكي إلى فيينا، للتفاوض من جديد على الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي الكارثي المبرم عام 2015، والذي بالمناسبة لم توقعه إيران أبداً، فجر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قنبلة عندما صرح للصحفيين إن بلاده على استعداد لرفع العقوبات المفروضة على إيران. وتساءل رفيع زادة مندهشاً "لماذا تقول الإدارة للزعماء الإيرانيين قبل المفاوضات إنها على استعداد لرفع العقوبات بينما لم تحصل بعد على أي شيء في المقابل من الملالي؟"، وبالطبع استشعر النظام الإيراني على الفور نقطة الضعف والشعور باليأس وبدأ في رفع سقف مطالبه. ثم عرضت إدارة بايدن تقديم مليار دولار للملالي نظير تجميد إنتاج اليورانيوم الذي يتم تخصيبه بنسبة 20%، وقوبل ذلك بالرفض من جانب إيران، التي طلب قادتها 30 مليار دولار نظير التجميد لمدة شهر واحد. وفيما يفترض أنه مسعى للحصول على مزيد من النفوذ والتنازلات، أعلنت إيران خلال تلك المفاوضات أنها بدأت اختبار أجهزة الطرد المركزي النووية الأكثر تقدماً لديها، وأضاف رفيع زاده أنه لا يبدو أن إدارة بايدن تدرك أن النظام الإيراني هو الذي في حاجة ماسة للاتفاق النووي، وليس الولايات المتحدة. وبعد أن بدأت الإدارة السابقة في ممارسة الضغط على النظام الإيراني خلال السنوات القليلة الماضية، شهد الملالي انتفاضتين كبيرتين، والنظام الإيراني في حالة إفلاس الآن على الصعيدين السياسي والاقتصادي. ويبدو أن النظام الإيراني يجد في الوقت الحالي صعوبة شديدة في مواصلة تمويل ميليشياته وكل قواته سواء داخل إيران أوخارجها، وللمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عقود، أدلى حسن نصر الله، زعيم ميليشيا حزب الله الذي يعمل بالوكالة لحساب إيران، صنفته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وجامعة الدول العربية وإسرائيل، من بين دول أخرى على أنه منظمة إرهابية، ببيان عام طالب فيه المواطنين التبرع بالمال للحزب. وفقدت العملة الإيرانية، الريال، أكثر من نصف قيمتها في عام 2020 فقط، وهو انخفاض يجعلها واحدة من أكثر العملات عديمة القيمة في العالم، وبدءأ من العاشر من الشهر الجاري، تم تداول الريال في الأسواق غير الرسمية عند 25500 مقابل الدولار الأمريكي. كما يواجه الملالي الذين يديرون نظام حالة من أسوأ حالات العجز في الميزانية على مدار أربعة عقود منذ توليهم السلطة، ويعاني النظام الإيراني حالياً عجزاً في الميزانية يبلغ 200 مليون دولار في الأسبوع، و من المتوقع زيادة هذا العجز إذا استمر الضغط على طهران، مما سوف يؤدي إلى رفع معدل التضخم وانخفاض أكثر لقيمة العملة. ووقع النظام الإيراني أيضاً اتفاقاً سرياً لمدة 25 عاماً مع الصين يمنح الأخيرة حقوقاً ضخمة بشأن موارد إيران، وترددت تقارير مفادها أن الصين سوف تضخ استثمارات بنحو 400 مليار دولار في صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات الإيرانية، ونظير ذلك، سوف يتم منح الصين الأولوية في تقديم العطاءات بشأن أي مشروع جديد في إيران مرتبط بهذه القطاعات. وسوف تقوم الصين أيضاً بنشر 5 آلاف من عناصر قواتها الأمنية على أراضي إيران، وعلى ما يبدو سوف يتضمن الاتفاق الذي لم يتم الإعلان عن بنوده والتي تم تسريبها فقط، بيع نفط وغاز إيراني بأسعار مخفضة للصين لمدة 25 عاماً. وذكر رفيع زادة أن الاتفاق الذي يبدو أنه يهدف أيضاً إلى تقويض وضع الولايات المتحدة في المنطقة، قوبل باحتجاجات شديدة من جانب الشعب الإيراني. وعلى المستوى الإقليمي، يواجه النظام أيضاً عزلة شديدة في الوقت الذي أصبحت فيه إسرائيل والدول العربية أكثر قرباً من بعضهما البعض، وفي الوقت الحالي، يشن قادة إيران الذين ربما يشعرون باليأس، هجمات على القواعد الأمريكية في العراق وأفغانستان في محاولة واضحة لإرغام الولايات المتحدة على التفاوض وفق شروطهم. ومع ذلك، تواصل إدارة بايدن المضي قدماً في "الاتفاق النووي" الفاشل، الذي يسمح بأن تصبح إيران قوة نووية كاملة وشرعية في غضون سنوات قليلة فقط، رغم معارضة شديدة من جانب الكونغرس الأمريكي. وعرض بعض الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس 8 خطط للحيلولة دون عودة الحكومة الأمريكية إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني). وتضمنت هذه الخطط تشديد العقوبات ضد إيران وإعلان عدم دعم الاتفاق التووي الإيراني، ومعارضة تخفيف العقوبات، وكل هذه الخطط جزء من محاولة لمنع الولايات المتحدة من العودة إلى اتفاق يُفترض أنه خطير، ليس فقط بالنسبة للشرق الأوسط وأوروبا، ولكن أيضاً لأمريكا الجنوبية، حيث يدبر حزب الله كما في فنزويلا "أعمالاً شريرة" على الجبهة الجنوبية لأمريكا. وفي عام 2030، سيكون لدى إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم بدون سقف محدد وزيادة عدد ونوعية أجهزة الطرد المركزي أيضاً بدون سقف محدد لذلك، كما بدأت تقوم بذلك بالفعل. وقيام إيران بتخصيب اليورانيوم بأي مستوى، وهي خطوة صغيرة للغاية لا يتم الاهتمام بها لتخصيب اليورانيوم من مستويات "مقبولة" إلى مستويات "نووية"، يعرض العالم للخطر خاصة في الوقت الذي قد تشعر فيه دول أخرى في المنطقة، بأنها مضطرة على نحو يمكن تفهمه لبدء برامجها النووية لتكون بمثابة عامل ردع. وأوضح رفيع زادة إنه سيكون أمراً جيداً أن تقوم الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على طهران لخرقها القرار 2231، الذي يدعو إيران إلى عدم القيام بأي نشاط يتعلق بصواريخ باليستية يتم تصميمها لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام مثل هذه التكنولوجيا الخاصة بتصنيع صواريخ باليستية. واختتم تقريره بقوله إن "قادة إيران يواصلون تخصيب اليورانيوم لصنع قنابلهم النووية، وإعداد صواريخ باليستية لحملها، ويستمرون في ترديد هتافات (الموت لأمريكا) و(الموت لإسرائيل)".