حرب "الخطابات" تعمق الصراع بين "القصرين" في تونس

عرب وعالم

اليمن العربي

شغلت الرأي العام التونسي خلال الفترة الأخيرة "الخطابات والرسائل"المتبادلة بين هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية والرئيس التونسي قيس سعيد.

 

تلك الرسائل أو" المكاتبات" تعكس عمق التجاذب الحاد بين قصر قرطاج (رئاسة الجمهورية ) وقصر القصبة (رئاسة الحكومة ).

 

وفي ردّ قوي على قرار رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي بإعفاء نهائي لخمسة وزراء، محسوبين على الرئيس، وجّه قيس سعيد مكتوبا إلى رئيس حكومته الذي اختاره منذ شهور اتهمه فيه بخرق الدستور.

 

هذا الخطاب أسال  الكثير من الحبر حول تردي العلاقات بين المشيشي وسعيد ،حيث أن سعيد لم يستقبل رئيس حكومته منذ أكثر من شهرين رغم صعوبة الظرف العام الذي تعيشه تونس ،وفق عديد المتابعين.

 

"الكتاب المرسل" كما بينته رئاسة الجمهورية التونسية يتعلّق بالجوانب القانونية للتعديل الوزاري وخاصة بتجاهل بعض أحكام الدستور.

 

كما تضمن هذا الكتاب أيضا تذكيرا بجملة من المبادئ المتعلقة بضرورة أن تكون السلطة السياسية في تونس معّبرة عن الإرادة الحقيقية للشعب كما ورد في صفحة رئاسة الجمهورية التونسية.

 

وقد أكّد رئيس الجمهورية في هذا الصدد أن "اليمين لا تقاس بمقاييس الإجراءات الشكلية أو الجوهرية، بل بالالتزام بما ورد في نص القسم وبالآثار التي ستترتب عنه لا في الحياة الدنيا فقط ولكن حين يقف من أدّاها بين يدي أعدل العادلين".

 

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي واصل بهذه الخطوة الإجرائية نظريا تكريس منطق تحدي رئيس البلاد وعزله، عبر إخراج الوزراء الموالين له من الحكومة سواء منهم الخمسة الذين أعفاهم من مهامهم ،الاثنين، أم الثلاثة وزراء الآخرين الذين أقالهم سابقا وهم وزراء الثقافة والبيئة والداخلية.

 

معركة ممتدة

 

صراع الصلاحيات الذي يديره رئيس الحكومة نيابة عن زعيم الحركة الإخوانية النهضة راشد الغنوشي، أحدث أزمة سياسية ودستورية كبيرة غرقت فيها تونس وليست تؤذن بانفراج قريب.

 

فرئيس الحكومة التونسية لم يتوان منذ أن اختاره رئيس الدولة التونسية لرئاسة الحكومة بعد سقوط حكومة إلياس الفخفاخ عن قلب معادلة الولاء من كونه "مختار من الرئيس" ليصبح "مساند الغنوشي" وذراع تنفيذ سلطته في تونس.

 

ودخلت معركة الشرعية والصلاحيات أشدّها بين قيس سعيد المتمسك بالدستور ومقتضياته والأحقية الشعبية ومنطقها وبين زعيم الحركة الإخوانية الحريص على عدم المساس بنفوذ تنظيمه ومصالحه في البلاد وخارجها.

 

اصطفاف المشيشي في خندق الإخوان واتباعه سياستهم التنفّذية عبر المهيمنة على دواليب الدولة ومناصبها ودسّ الموالين لهم في مفاصلها الحيوية، بعد محاولاته المتكررة التشكيك في صلاحيات رئيس الدولة داخل تونس والخارج سيرا على خطى الغنوشي، ضاعف حدة الصراع بين الإخوان والرئيس.

 

وعلى إثر يخوض المربع الأول " المشميشي- الإخوان" معارك "غير أخلاقية ولا دستورية" ضد سعيد منذ انتخابات 2019، تحدث عنها سعيّد في خطاباته وكلماته للشعب التونسي كلّها.

 

الشارع التونسي ومساندة سعيد

 

وكما لم يدخر المشيشي والإخوان جهدا لعزل الرئيس، لم يتردد قيس سعيد في كشف مخططات زعيم الإخوان الغنوشي وتلميذه رئيس الحكومة المشيشي، لتأتي حادثة محاولة تسميم الرئيس ساعات بعد كلمته في اجتماع مجلس الأمن القومي وإعلانه رفض أداء وزراء التعديل الحكومي اليمين الدستورية أمامه.

 

وكان هؤلاء الوزراء تم المصادقة على توليهم مناصبهم من كتلة النهضة والكتل المساندة لها بمجلس نواب الشعب ضد إرادة المعارضة والشارع التونسي الذي كرّر عبر الاحتجاجات المتعددة مطالبته بمحاسبة الإخوان ومن يدعمهم وضد إرادة الرئيس.

 

كما فضح هؤلاء وجود شبهات فساد وتضارب مصالح تتعلق بأربعة من وزراء هذا التعديل، كما أثبتته واحدة من أقوى منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مكافحة الفساد "أنا يقظ" وكما أكده قيس سعيد الذي حصل على ملف شبهات الفساد وتضارب المصالح.

 

الشارع التونسي انتفض منذ أواخر السنة الماضية وخصوصا خلال فترة إحياء ذكرى الثورة العاشرة مطالبا بحل البرلمان التونسي الذي تهيمن عليه الحركة الإخوانية ومحاسبتها ومن يدعمها من الكتل والنواب المستقلين على سنوات الإحباط والإفلاس الذي يعانيهما التونسيون شعبا ومؤسسات بسبب تمكن النهضة وأذرعها من الهيمنة على الساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى أركان الدولة التونسية.