موريتانيا.. الحكومة تتصدى لسرقة تركيا الثروة السمكية

عرب وعالم

اليمن العربي

تعهد الوزير الأول الموريتاني محمد ولد بلال بحماية ثروة البلاد السمكية، على خلفية تقرير رسمي فضح الاستنزاف التركي لثروة البلاد السمكية.

 

وجاءت تصريحات الوزير الأول، في رده لأسئلة نواب -خلال جلسة برلمانية- حول مضمون تقرير رسمي نشر الأسبوع الماضي كشف عن استنزاف كبير لثورة موريتانيا السمكية على يد أساطيل الصيد التركية.

 

وأوضح ولد بلال، أن الحكومة الموريتانية انتدبت مكتبا متخصصا لتحقيق في هذه القضية على مستوى البحر، مؤكدا أن الحكومة ستتصرف على ضوء التوصيات التي ستصدر عن هذه الدراسة لحماية ثروة البلاد السمكية وتنظيم قطاع الصيد.

 

وأضاف أن خفر السواحل الموريتاني يقوم بمهمته الموكلة إليه، بغية مراقبة أكثر فاعلية لشواطئ البلاد وحمايتها.

 

من جانبه، شدد رئيس البرلمان الموريتاني الشيخ ولد باية، على أهمية قطاع الصيد البحري بالنسبة لموريتانيا، مؤكدا أن ذلك يستدعى بذل الجهود المطلوبة لترقية القوانين التي تحمي هذه الثروة.

 

وطالب ولد باية، في خطابه مناسبة اختتام الدورة البرلمانية العادية الأخيرة في موريتانيا، بمراجعة اتفاقيات الصيد بشكل يحفظ مصالح الصيادين الموريتانيين، في إشارة إلى الخسائر التي يتعرضون لها بسبب النهب التركي الذي وثقته التقارير الرسمية.

 

وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، سيدي ولد سالم، أكد أن الانخفاض الحاد في مخزون البلاد من أسماك "الأخطبوط"، قد يكون ناتجا بالفعل عن طرق الاستغلال، في إشارة إلى قضية الاستنزاف التركي.

 

وكشفت رسالة والي "نواذيبو" الموريتانية لوزارة الصيد بالبلاد، الأحد الماضي، عن حجم الكارثة والمخاطر المحدقة بالثروة السمكية جراء استنزاف الأسطول التركي لها.

 

هذه الرسالة أشعلت فور انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، حملة إشادة واسعة بشجاعة الوالي، وتأكيدات على ضرورة التصدي للعبث التركي بمقدرات البلاد وثرواتها، وإغلاق الباب أمام هذا "الغول الذي لا يرحم".

 

أرقام رسمية كشفت، الأحد الماضي، عن تراجع مخزون أسماك "الأخطبوط" في موريتانيا بسبب الاستنزاف الذي يمارسه الأسطول التركي.

 

ووفق إحصاء رسمي موريتاني، فإن الكمية التي تم اصطيادها من سمك "الأخطبوط" في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لم تتجاوز 654 طنا، مقابل 4384 في نفس الشهر من 2019.

 

وأرجع الانخفاض الحاد إلى الاستنزاف الذي يمارسه الأسطول التركي للثروة السمكية، وطالبت السلطات بوقف هذا الاستنزاف عبر "تشديد الرقابة" على الأسطول التركي.

 

وأوصى والي "نواذيبو" الموريتانية في رسالته بضرورة إغلاق مصائد البلاد البحرية أمام اصطياد "الأخطبوط" لمدة 4 أشهر، خاصة أنه من أهم صادرات البلاد.

 

وخلال الآونة الأخيرة، تسود حالة من السخط في موريتانيا جراء ما كشفه تقرير رسمي حول نهب تركي لثروة البلاد السمكية خارج الاتفاقية الموقعة بين البلدين في هذا المجال قبل سنوات.

 

وحذر محللون موريتانيون في تصريحات وفقا لـ"العين الإخبارية"، مما تواجهه البلاد من خطر نفاد لهذه الثروة التي يعتمد عليها اقتصاد البلاد، إذا لم يتم وقف تلك الاتفاقيات (وقعت في 2017) مع الجانب التركي وطردهم من شواطئ البلاد البحرية.

 

المحلل السياسي الموريتاني والناشط المدني، حمزة المحفوظ، اعتبر أن رسالة والي نواذيبو، يحيى ولد الشيخ محمد فال، دقت ناقوس خطر الاستنزاف التركي، وكانت "بمثابة صرخة استغاثة من أجل التدخل لوقف الاستنزاف التركي لثروتنا السمكية" على حد تعبيره.

 

وأوضح المحفوظ وفقا لـ"العين الإخبارية"، أن "هذه الصرخة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ما يتحدث عنه النشطاء والمنظمات المحلية والدولية، من اجتثاث وتدمير لهذه الثروة منذ دخول تركيا بأساطيلها الضخمة في المياه الموريتانية".

 

واعتبر أن "الأساطيل التركية تقوم باصطياد كافة أنواع الأسماك وبكميات مهولة، في تحد سافر لجميع الاتفاقيات والأعراف بتواطؤ من مسؤولين محليين همهم الوحيد هو منافعهم الشخصية وأرباحهم الخاصة".

 

وأوضح أن "سلوك الأتراك معروف تجاه ثروات الوطن العربي، ويتجلى ذلك في استغلالهم للحرب في سوريا وسرقتهم للنفط وامتهانهم لتجارة السلاح والبشر هناك، تماما كما هو حاصل في الشأن الليبي، إذ يستغل الأتراك اليوم ضعف بنية الدولة الليبية للاستحواذ على ثروات ليبيا واستنزافها".

 

وطالب المحفوظ الدولة الموريتانية بمواجهة البطش التركي بالثروة السمكية ومراجعة جميع الاتفاقيات وتقديم الضالعين في هذه الجرائم للعدالة وتغريم الأساطيل التركية من أجل تعويض الخسائر الفادحة التي لحقت بهذا القطاع.

 

وأكد على ضرورة تشديد الرقابة ضد هؤلاء الأتراك وانتهاج قدر كبير من الصرامة في هذا المجال، وإلا فإن هذا التدهور سيصل مدى لا رجعة فيه، وحينها لن يكون للرجعة من سبيل.

 

أما الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني، محفوظ الجيلاني، فاعتبر أنه لم يعد من المقبول السكوت على عبث شركات الصيد الصناعي التركي التي تعيث فسادا بالمياه الإقليمية الموريتانية.

 

وشدد الجيلاني، في تصريحات وفقا لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة تعطيل الاتفاقيات المبرمة مع هذه الشركات ووقفها عند حدها وأن تفرض عليها غرامات وتطردها من المياه الموريتانية بعدما تبين من تجاوز وتعد فاضح على ثروة البلاد.

 

وأوضح أن هناك تقارير ميدانية من قبل مختصين في القطاع يتحدثون عن أساليب خداعية يمارسها هذا الأسطول، حتى تصل شباكه إلى مناطق محظورة، حيث يعتدي على عينات نادرة من الأسماك ما يؤثر على الأحياء البحرية ويخل بالتوازن البيئي ويهدد هذه الثروة الطبيعية بالانقراض.

 

وأشار إلى أن هجوم الأتراك على هذه الثروة السمكية واجتياحهم لها هو عدوان على الشعب الموريتاني واستهداف له في لقمة عيشه لا سيما أن هذه الثروة الاستراتيجية هي أهم مصدر للبلاد.

 

وأكد على أنه من العار على الرئيس التركي أن يعمد لتفقير الشعب الموريتاني واستهدافه في قوته ومصدر حياته لا سيما في ظل استنزافه الشرس لهذه الثروة عبر استخدامهم لتقنيات مميتة ومدمرة لهذه الثروة.

 

ولفت إلى أن "السرقة التركية للثروات البحرية الموريتانية لا تختلف عن جرائمهم بحق الشعب السوري والعراقي والليبي، وتنسجم مع أطماعه الاستعمارية والتوسعية"