الرعاية التركية لم تقتصر على الإرهاب العالمي بل تعدته إلى الإرهاب المحلي

اليمن العربي

الرعاية التركية لم تعد تقتصر على الإرهاب العالمي، بل تعدّته إلى الإرهاب المحلي، حيث كشف الكاتب التركي عبدالله بوزكورت أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تدخّل لوقف التحقيقات في ملف "جبهة غزاة الشرق العظمى الإسلامية"، الجماعة التركية الإرهابية التي تحوّلت إلى شريك صامت في حكومة الرئيس التركي.

 

ووفق تقرير لموقع 24 الاخباري، فإن حكومة أردوغان أوقفت مراقبة الجبهة في يناير (كانون الثاني) 2014، عندما أجرت تغييراً كبيراً في عناصر الشرطة التركية، التي تُعدّ وكالة إنفاذ القانون الرئيسية في تركياونقل بوزكورت، في تحقيق في موقع "نورديك مونيتور" السويدي، عن مسؤول استخباراتي سابق قوله: "لقد تعرّضنا لضغوط من حكومة أردوغان لشطب جبهة غزاة الشرق العظمى الإسلامية كمنظمة إرهابية بدءاً من 2010، والتوقّف عن مراقبة مسلحي الجماعة".

 

وكشف المسؤول الاستخباراتي، الذي اشترط الضابط قبل الكشف عن هذه المعلومات والوثائق، حجب اسمه، حفاظاً على سلامته وسلامة أفراد عائلته، الذين ما زالوا في تركيا أن "مسؤولي الاستخبارات ردّوا على طلب اردوغان بأنهم لا يستطيعون التعامل مع الجماعة الإرهابية كمجموعة مسالمة عندما تُروّج لأيديولوجية عنيفة وهجمات مسلحة، بينما تتمّ محاكمة أعضائها، وإدانتهم لتورّطهم في هجمات إرهابية متعدّدة وقاتلة".

 

لكنه أكد أن حكومة أردوغان أوقفت مراقبة الجبهة في يناير (كانون الثاني) 2014، عندما أجرت تغييراً كبيراً في عناصر الشرطة التركية، التي تُعدّ وكالة إنفاذ القانون الرئيسية في تركيا، مع تعديل وزاري غير مسبوق وإقالات عديدة.

وجاءت الإقالات بعد تحقيقات الفساد في ديسمبر (كانون الأول) 2013، التي جرّمت أردوغان وأفراد عائلته وشركاءه التجاريين والسياسيين في مخطط لخرق العقوبات الإيرانية. وطُلب من القيادة الجديدة في الشرطة وقف جميع التحقيقات مع الجماعة ووقف مُراقبة المُسلّحين وأنشطة المراقبة، وفقاً للمعلومات والوثائق التي كشفها الضابط السابق.

إطلاق سراح الزعيم

 

وفي 22 يوليو (تموز) 2014، أمّنت حكومة أردوغان إطلاق سراح زعيم "جبهة غزاة الشرق" صالح عزت إردش، المعروف باسم صالح ميرزابيو أوغلو، الذي أُدين ويقضي عقوبة بالسجن المؤبد لارتكابه أعمال إرهابية.

 

وبرأ القضاة، الذين اختارهم أردوغان للمحكمة الجنائية العليا الرابعة عشرة في إسطنبول وهم: جانل روزجار وجيم قارجا ومحمد تشيلك، زعيم الجماعة من جميع التهم في إعادة محاكمة رُتبت على عجل في 2 مارس (آذار) 2016. أما المدعي علي كايا، الذي عارض حكم البراءة، فأقالته الحكومة التركية بسرعة من منصبه.

 

بعد سلسلة من الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها "غزاة الشرق" بين 1994 و1998، اعتقلت الشرطة ميرزابي أوغلو في 1998 في منزله، حيث خبأ العديد من الأسلحة ومبلغاً كبيراً من النقود بالعملة الأجنبية. وفي 4 فبراير (شباط) 2001، أدانته المحكمة الجنائية العليا الثالثة في باكيركوي بتهم عدة وحكمت عليه بالإعدام. وأيّدت محكمة الاستئناف العليا الإدانة في 18 أبريل (نيسان) 2002، لكن الحكم تحوّل إلى سجن مدى الحياة في 2004 بعد أن ألغت تركيا عقوبة الإعدام.

 

وأعلنت جبهة "غزاة الشرق العظمى" الإرهابية مسؤوليتها عن مجموعة من الأعمال الإرهابية في تركيا، بما في ذلك ما قالت السلطات التركية عنه إنه هجوم مشترك مع تنظيم "القاعدة" في تنفيذ تفجيرات إسطنبول عام 2003 التي طالت معبدين يهوديين، وفرع مصرف "إتش إس بي سي" والقنصلية العامة البريطانية، وهجوم عام 2008 على القنصلية الأمريكية العامة في إسطنبول وقتل العشرات في التسعينيات.

 

ويُظهر تقرير الإستخبارات التركية السرية لعام 2009، الذي حصل عليه "نورديك مونيتور"، أن الشرطة اعتقلت حوالي 1186 من مقاتلي الجبهة، وصادرت 146 بندقية من عيار مختلف، و80 قنبلة يدوية ومواد لصنع المتفجرات، وتمّ إحباط 28 مؤامرة إرهابية يجري التخطيط لها.

 

واليوم، ترحّب حكومة أردوغان بالعديد من شخصيات "غزاة الشرق"، مع تعيين بعضهم في مناصب رئيسية في الإدارة، منهم: حمزة يرليكايا، كبير مستشاري الرئيس أردوغان وعضو مجلس إدارة "بنك وقف"، ثالث أكبر بنك مملوك للدولة في البلاد، قد أقام علاقات وثيقة مع مجموعة "غزاة الشرق". في 24 يوليو (تموز) 2020، زار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قبر ميرزابي أوغلو مباشرة بعد صلاة الجمعة الأولى التي أقيمت في آيا صوفيا، ورافقه تانر يلدز وزير الطاقة السابق والسياسي الإسلامي المعروف.

 

تُوفي ميرزابي أوغلو في مايو (أيار) 2018، لكن شبكته لا تزال حيّة وتتوسّع. وتُدير "غزاة الشرق" تجنيد الجهاديين الأتراك الذين ينتهي بهم المطاف في سوريا للقتال مع تنظيمي "القاعدة" و"داعش". كما سجنت حكومة أردوغان رؤساء الشرطة المخضرمين والمدعين العامين والقضاة الذين لعبوا دوراً في قمع خلايا "غزاة الشرق" في الماضي