تقرير : تدخلات تركيا في ليبيا والمتوسط والقوقاز هي جزء من إستراتيجية "الوطن الأزرق"

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

قال تقرير نشره موقع ”أتلانتيكو“، أنّ التدخلات التركية اللافتة في الفترة الأخيرة من ليبيا إلى شرق المتوسط وصولا إلى القوقاز، هي جزء من استراتيجية ينفذها الرئيس رجب طيب أردوغان، لإحياء الإمبراطورية العثمانية والسعي إلى استقلالية الطاقة التي تسعى أنقرة إلى تحقيقها بالقوة، عبر تجسيد مفهوم ”الوطن الأزرق“.

 

وأوضح التقرير أنّه ”منذ بدء الاشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا في ناغورنو كاراباخ في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، سعى المجتمع الدولي لصدّ نوايا تركيا في هذا الصراع“.

 

وبحسب موقع إرم نيوز، أشار التقرير إلى أنّ ”التدخل في ليبيا في نهاية عام 2019، والاستكشافات والتنقيب في شرق البحر الأبيض المتوسط مع خطر تصاعد التوترات مع اليونان، وأعضاء حلف شمال الأطلسي الآخرين، الصيف الماضي، وأخيرا الدعم العسكري الظاهر لأذربيجان في صراعها مع أرمينيا، كلها محطات لتنفيذ هذه الاستراتيجية“.

 

وتابع: ”في شرق البحر الأبيض المتوسط، يستجيب التوسع العثماني الجديد لأردوغان قبل كل شيء لهدف الاستقلال الذاتي للطاقة، وكذلك لطموحات جيوسياسية“.

 

واستنتج أن ”عقيدة ما يسمى بـ ”الوطن الأزرق“ التي تحظى بشعبية كبيرة بين القوميين الأتراك المتطرفين وداخل الجيش تهدف إلى منح تركيا السيطرة على مساحة بحرية واسعة تمتد من البحر الأسود إلى بحر إيجه وإلى حد بعيد في شرق البحر المتوسط لاستغلال مواردها“.

 

وأشار التقرير في هذا السياق إلى أن ”الدعم المقدم لحكومة الوفاق في طرابلس لم يكن دون مقابل لأنقرة، التي حصلت بموجب الاتفاقية البحرية التركية الليبية الموقعة في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2019، على الوصول إلى المناطق الاقتصادية الغنية جدا بموارد الغاز، ولكن تطالب بها اليونان وقبرص“.

 

”وبالإضافة إلى ذلك تتفاوض تركيا، منذ أيلول/سبتمبر الماضي، على إمكانية إجراء عمليات التنقيب عن النفط في ليبيا التي تضم أفضل وأكبر الموارد في إفريقيا“.

 

ووفق التقرير، فإنّ ”النشاط الدبلوماسي والعسكري المفرط في تركيا الذي لوحظ في السنوات الأخيرة، والذي اشتد بشكل كبير منذ أن خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية، في نهاية مارس / آذار 2019، هو في الواقع ترجمة ملموسة لتطلعات أردوغان لإحياء الخلافة العثمانية“.

 

وأضاف الموقع أنّ ”أردوغان، بصفته الرجل المناهض لأتاتورك، الذي سعى إلى جعل تركيا دولة حديثة، لا يتصور عظمة بلاده إلا من خلال نموذج الأمة القادرة على توجيه العالم العربي، المسلم السني“.

 

وأوضح أنّه ”أثناء ظهور الربيع العربي في عام 2011 مارست تركيا أيضا، ولو لفترة وجيزة، نوعا من الإغراء لشباب العالم العربي من خلال الظهور كنموذج للمجتمع الإسلامي الديمقراطي المثالي، في مواجهة الاستبداد“.

 

ووفق تقرير الموقع، ”تشكل التوترات بين اليونان وتركيا التي لوحظت طوال صيف عام 2020، تطبيقا مباشرا لهذه العقيدة، وتستجيب لرغبة أنقرة المتزايدة في إعادة النظر في التقسيم الإقليمي الذي تعتبره غير مواتٍ“.

 

وتابع: ”في هذا الصدد يبدو أن احتمال حدوث مواجهة واسعة النطاق مع اليونان أمر يمكن تصوره إلى حد كبير، بل إنه مرغوب فيه بالنسبة للأكثر تطرفا من الصقور الأتراك، لا سيما أن النزاع يؤثر أيضا على قبرص، وهي موضوع خلاف آخر لم يتم حله بين الدولتين“.

 

واعتبر التقرير أنّ ”الدول الأوروبية وكذلك روسيا، تتفهم بشكل منطقي مخاطر الاضطرابات الجيو اقتصادية التي تولدها مغامرات أردوغان في شرق البحر المتوسط، دون أن تنجح في الوقت الحالي في تحديد الرد المناسب، وبالتالي فإن تدخل تركيا في نزاع ناغورنو كاراباخ ليس سوى أحدث مظهر من مظاهر هذه الاستراتيجية الشاملة“.

 

وفي شباط/فبراير عام 2019م، أطلقت القوات التركية أكبر مناورات عسكرية في تاريخ البحرية التركية، بمشاركة (103) سفن حربية وعشرين ألف جندي تركي، وحملت رسميا اسم ”الوطن الأزرق“، الاسم الذي لم يكن مألوفا في حينه، ولم يكن معلوما ما المقصود به تحديدا.

 

سرعان ما جاء التوضيح للاسم، في الرابع من آذار/ مارس 2019م، مع ظهور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مؤتمر صحفي على هامش المناورات العسكرية، وظهرت خلفه خريطة موضحة لحدود الوطن الأزرق ومساحته، وكتب عليها بالتركية: (Mavi Vatan)؛ أيّ ”الوطن الأزرق“.

 

وبحسب الخريطة المُعلَنة، فإنّ الوطن الأزرق هو مناطق في البحار المحيطة بتركيا: البحر الأسود، وبحر مرمرة، وبحر إيجة، والبحر المتوسط، يكون لتركيا الحق في استغلال واستثمار جميع الموارد الواقعة ضمن حدودها.

 

وتبلغ مساحة ”الوطن الأزرق“ كما هي محددة في الخريطة (462,000) كم مربع؛ أي ما يعادل نصف مساحة تركيا، التي تساوي نحو (783,562) كم مربع