ذكري 17 ستمبر سقوط المكلا او انتصار ثورة 

اليمن العربي

تحل ذكري 17 ستمبر وكعادة كل عام ينبري عدد من الكتاب الحضارم باقلامهم ويكيلوا اللوم علي الثوار ويعتبروا ان ما حدث جريمة ضد حضرموت، وتناقل مسمي السقوط علي الالسنة وكأن ما حدث هو سقوط للهاوية وللاسف استلذ ثوار الربع ساعة الاخيرة بهذا المصطلح وكانوا يرددوه منذ اللحظات الاولي لانتصار الثورة في حضرموت .

 

ويتلقي الثوار الحقيقيين هذه الكلمات بالم مضاعف فبعد ان انتصروا بثورتهم السلمية والتي تضامن معهم فيها كل فئات المجتمع بدء بالجنود والضباط الذين يشكلون عصب السلطنة القعيطية والكثيرية وحتي ابناء الارياف وحققوا انتصار ويحذوهم الامل في تحقيق وطن يتحقق فيه المساواه والعدالة وينهض الا ان هذه الامال تحطمت بعد ان التف علي ثورتهم الانتهازيين واستغلوا الفرصة وحداثة عهد الثوار وحرفوا مسارها

 

وحتي نكون منصفين لابد من استعراض الوضع الحقيقي قبل يوم  استلام مقاليد السلطة من السلاطين وقبلها اود تسجيل اعجابي الشديد وانبهاري بمؤسس حضرموت الحديثة عظمة السلطان صالح القعيطي العبقري الذي غير من تاريخ السلطنة وصاحب المواهب المتعددة الا ان ذلك لا يمنع من استعراض الوضع بحيادية حتي لا يستغل احد التاريخ غير المؤثق ويزينة فهناك حقائق لابد من ايرادها ومنها ان معظم  ابناء حضرموت في تلك الفترة كانوا يتجهوا الي الهجرة في ظروف بالغة الصعوبة معرضين حياتهم للخطر نظرا للوضع المعيشي الصعب الذي يعيشون فيه وقد اتجهوا بهجرتهم الي دول الخليج وافريقيا بصنابيق متهالكة قل من ينجو منهم ولكنه مصير فرضته عليهم الظروف فلم تكن الحياة وردية كما يتصور البعض .

وايضا لا يخفي علي احد المجاعة التي مرت بها حضرموت وقضي فيها الالف خلال حكم السلطنات ولا يفوت متابع ولا قاري الصراع علي السلطة القائم علي اشده وفشل المصلحين في ان يتم توحيد حضرموت بالرغم من جهود المصلحين والمفكريين وانعكس الصراع في المهجر علي الداخل .

ليس هذا فقط ولكن يجب ايضا ان نذكر الحروب التي خاضتها السلطنات خلال تلك الفترة من اجل تثبيت حكمها والدماء الحضرمية التي سقطت وللتذكير لمن ينسي حرب المدحر مع قبائل دوعن والتي كان يقودها مليل سالم باسلوم  و قبلها معركة حوتة مع قبائل حجر و قبلها انتفاضة الحموم

 

وامتداد لهذا الوضع نجد المواجهه الدامية بين السلطان صالح والجماهير الذين اصروا علي ان لا يكون القدال السوداني وزير للسلطنة مطالبين بوزير وطني وقتل خلالها العشرات بما يسمي انتفاضة القصر .

 

وحقيقة قد يذهب البعض الي ان هذه امور طبيعية عند تاسيس دولة لابد من الصدام ولكن تبقي هذه الاحداث توضح ان الحياه لم تكن وردية مثلما يتصور البعض

 

وكل هذه الاحداث جعلت من الوطنيين يحلمون بوطن افضل تكون لهم السيادة فيه وبالفعل نجد ان خلال الستينات كانت حضرموت ساحة لتجاذب القوي السياسية المختلفة فنجد الاستقطاب لابناء حضرموت علي اشده سواء للجبهه القومية او جبهه التحرير او حزب البعث اوحزب الشعب وغيرها من التيارات السياسية وكان الشباب خلال هذه الفترة لديهم من الوعي والاتصال الخارجي ما يجعلهم يحاولوا ان يعملواعلي التغيير وهذا المشهد لا ينحصر علي حضرموت بل عم العالم العربي كله وكانت التيارات الثورية تعطي امثلة وتصور عن مستقبل افضل وانخرط المخلصين الشجعان في التيارات السياسية المختلفة املين في التغيير بل ان الكثير منهم عاد من ارض المهجر تاركا العيش الرغيد ليناضلوا وكانت حربهم واضحة فلم ترفع بندقية ضد حضرمي، ولم يتم استهداف الحضارم خلال سنوات الثورة بل كانت معظم العمليات ضد المندوب البريطاني، ومن المذهل ان نجد ان هناك تحالف بين تيارات سياسية مختلفة لتحقيق هذه الغاية رغم اختلاف مشاربهم فنجد ان احدي العمليات يستخدم فيها سلاح حزب البعث، و ينقله اعضاء جبهه التحرير وينفذه اعضاء الجبهه القومية وكانوا يتدربون بصورة مشتركة ولعل ما يؤكد اخلاص الثوار الاوائل هي سلمية ثورتهم فلم يقتل احد وتم تسليم السلطة بسلاسه من قبل السلاطين بتنازلهم وتوحدت حضرموت عندما انتقل الثوار الي سيئون ليضموا السلطنة الكثيرية الي السلطنة القعيطية وتصبح حضرموت كتلة واحدة بعد سنوات طويلة من الاقتسام ولم تراق الدماء ولم يتم الاستيلاء علي الثروات او نهبها وانما كان الاخلاص والامل في المستقبل هو من يقودهم ويعترفوا بكل المناضليين فما حدث بعدن من صراع بين جبهه التحرير والجبهه القومية لم يظهر في حضرموت .

 

ولكن حدث ما لم يحسب حسابة الثوار المخلصين دخل معهم ثوار الربع ساعة الاخيرة واستهدفوا الثوار الحقيقيين قاتلوهم واتهموهم وسرعان ما ظهر بالمكلا قيادات من خارجها يقودوا ويحرفوا المسار الثوري الطاهر ويغيروا من مسار الثورة واصبح الثوار المتعاضدين الحقيقين هم المستهدفون وصنفوا كيمين رجعي ويسار متطرف وتم اضطهادهم ومطاردتهم وقتل بعضهم وتم نفي البعض الاخر وانعزل البعض واستسلم النذر البسيط منهم للتيار الجارف و اضطر الي ان يجاري الوضع ويتنازل عن احلامه

 

وان عدنا الي السبب فاننا نحن ابناء حضرموت السبب فلم يفتح الباب للمخلصين ،ولم نلتف حول اخوتنا الثوار لنقوي ونشد عضدهم بل اعتبرهم البعض انهم جناة ولا زال هناك من يشل سيفه الي اليوم علي كل من انتسب للجبهه القومية دون ان يفرق بين الثائر الحقيقي والمتسلق ودون ان يفرق بين المخلص الذي بذل دمه من اجل وطنه وحريته وبين من ارتضي الرضوخ .

وهذا الخلاف يشب فيه دوما الثوار المزيفيين ويطلقوا النكات علي الثوار الحقيقيين لتحقيق اغراضهم بتفريق المجتمع وهاهي السنوات دارت وتضاءالت الجبهه القومية ورحل الثوار فلماذا لم يتحد هولاء حاملي السياط ويغيروا من الوضع القائم ولماذا لم يستطيعوا خلق حاضنة شعبية تلف ابناء حضرموت ان خلافاتنا التي يتم صب الجاز عليها كلما بدات توحدنا المعاناة ستظل الخنجر المسموم الذي تطعن به حضرموت دوما .

لا اعرف ما السبب  والفائدة من اشعال نار الحقد ونكئ جراح مرت عليها عشرات السنوات اليس من المدهش ان نجد حضرمي يرفض ان يضع يده في يد اخيه الحضرمي لان والده او جده كان في الجبهه القومية وان نجد دكتور قانوني له الكثير من المنجزات لصالح حضرموت يعلن ان حربه مازالت مستمرة ضد الجبهه القومية .

الحرب الحقيقية اليوم هي بيننا وبين كل من يمنع عن حضرموت حقوقها ومن يضطهد حضرموت ومن يحارب ابنائها ايا كان انتمائه السياسي بلا عنصرية عمياء ولا احقاد  ساعيين لاحقاق الحق دون تجاوز ، ولا توجد حرب بييننا يجب ان تعود الروح التي كانت سائدة في 17 ستمبر ولكن بحذر لا يعيدنا الي الماضي البغيض، وان لا يترك المجال للانتهازيين المتسلقين الباحثيين عن مصالحهم علي حساب وطنهم .

 

حقيقة لا انكرها بان قراءة التاريخ وكتابته وتسجيله بشفافية امر بالغ الاهمية ، ولا يمكن ان يتم السير في المستقبل ان لم نقراء التاريخ و نقره ونستفيد منه، ولن نتقدم ابدا ما لم تكن هناك عدالة انتقالية تصحح من الاوضاع القائمة وتعترف لكل ذي حق بحقة وتقر بالاخطاء التي جرت فلم تتقدم رواندا ولا المغرب و لا اسبانيا الا بعد ان تخلصت من الماضي بالاعتراف بماسيه والاقرار باخطائه .

 

ولهذا فاني اعتبر ذكري  يوم 17 ستمبر يجب ان يكون يوم المراجعة واعادة كتابة التاريخ والاقرار بالاخطاء والمخطئين ولكن ليس لدافع الانتقام وانما بدافع اعادة البناء والاعتبار.

 

ومن غير المقبول ان يظل هذا الباب مفتوح ليفرق حضرموت في هذه المرحلة التاريخية الهامة التي تعتبر مرحلة الاستحقاق .