على رأسهم أردوغان.. ماذا وراء "تودّد" المسؤولين الأتراك إلى مصر؟

عرب وعالم

اليمن العربي

أثارت التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، والرامية إلى التقارب مع مصر، تساؤلات عن أسباب هذا التغير في الخطاب، وآثار ذلك على العلاقات المصرية التركية وعلى القضايا الإقليمية، وفي طليعتها الملف الليبي.

 

وجدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، التذكير بأنّ هناك تعاونًا بين القاهرة وأنقرة على مستوى تبادل المعلومات الاستخباراتية، في إشارة إلى وجود علاقات ومصالح مشتركة في المنطقة، لا سيما في علاقة ترسيم الحدود البحرية وبالملف الليبي.

 

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أكّد، أمس الخميس، أن مصر احترمت حقوق تركيا في اتفاق القاهرة مع اليونان وقبرص بشأن مناطق الصلاحية البحرية، رغم أن العلاقات السياسية ليست جيدة بين القاهرة وأنقرة، فيما اعتُبر خطاب تهدئة مع القاهرة.

 

وأشار الوزير إلى أنّ احتمال التوصل مع القاهرة إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية يبقى قائمًا.

 

وقبل أسبوع، تحدثت إذاعة فرنسا الدوليّة عن تقارب بين القاهرة وحكومة الوفاق الليبية، قالوا إنه بدفع من تركيا لتصحيح العلاقات مع مصر في ضوء المتغيرات الميدانية في ليبيا.

 

واعتبر مراقبون أنّ تودد النظام التركي إلى مصر ومساعيه للتقرب منها في هذه المرحلة تحكمه عدة معطيات ومتغيرات في المنطقة، لا سيما في علاقة بالوضع في ليبيا، وبحالة التوتر القائمة بين تركيا واليونان في منطقة شرق المتوسط.

 

تغير واضح

 

وقال الباحث في العلوم السياسيّة محمّد أمين العاقل، في حديث لموقع ”إرم نيوز“: إنّ ”الخطاب التركي بدأ يشهد تغيرا واضحا حيال مصر في الأسابيع الأخيرة؛ لسببين: أولهما الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا بين قوات الجيش وحكومة السراج، والثاني الانحياز الأوروبي الواضح لليونان في معركتها مع تركيا، التي تزاحمها النفوذ في منطقة شرق المتوسط“.

 

وأوضح العاقل أنّ ”المؤشر الأول يعني أنّ الوضع الميداني في ليبيا على الأرض سيتغير على النحو الذي لا ترتضيه تركيا، الساعية إلى استدامة حالة الفوضى وعدم الاستقرار في ليبيا؛ من أجل إيجاد مناخ ملائم للتمدّد ودعم نفوذها هناك بالاتفاقيات التي تبرمها مع حكومة الوفاق، إضافة إلى استفادتها على المستوى العسكري، ما قد يدعوها إلى إعادة مراجعة صفقاتها العسكرية مع حكومة الوفاق، وإعادة النظر في مواقفها من الصراع الليبي عموما، والأخذ في الاعتبار مواقف القوى الإقليمية التي تقف ضد مشروعها للتمدد في ليبيا، وأولها مصر“، وفق تعبيره.

 

عزلة

 

وأكد العاقل أنّ ”المؤشر الثاني أنّ تركيا وجدت نفسها اليوم وحيدة في صراعها مع اليونان التي حظيت بدعم أوروبي واضح، وتبدو مواقفها أيضًا قريبة من القاهرة، ما يعني أنّ تركيا باتت تعيش حالة من العزلة الإقليمية التي تسعى إلى كسرها من خلال التقارب مع مصر“.

 

من جانبه، رأى المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي مختار اليزيدي أنّ ”تصريحات أردوغان والمسؤولين الأتراك الأخيرة حول مصر واحتمالات التقارب معها تعكس رغبة لدى أنقرة في إعادة ترتيب علاقاتها الدولية، في ضوء المتغيرات الإقليمية التي جعلت الموقف التركي من عدة قضايا متنافرا مع الإجماع الدولي.

 

وأوضح اليزيدي، أنّ دول جنوب شرق المتوسط المجتمعة قبل أيام في أجاكسيو بفرنسا أظهرت تقاربا في وجهات النظر حيال النزاع بين تركيا واليونان، وأبدت تأييدها للتوجه نحو فرض عقوبات على تركيا التي زادت أطماعها في منطقة شرق المتوسط، وباتت تقوم بأعمال استفزازية لليونانيين والأوروبيين عامة، بالتنقيب عن النفط والغاز في منطقة خارجة عن مجال نفوذها“.

 

وأكد اليزيدي أنّ هذه العزلة على المستوى الأوروبي دفعت أنقرة إلى التوجه جنوبا؛ عسى أن تحقق تقاربا مع مصر وتصل إلى تفاهمات بشأن ترسيم الحدود البحرية معها، ما يتيح لها مجالا أرحب للتحرك والتوسّع والمناورة بعيدا عن أنظار الأوروبيين، وفق تعبيره.