أردوغان يعمل على زعزعة إستقرار دول القارة الأوروبية

عرب وعالم

اليمن العربي

يعمل تحالف الشر، المشكل بعناية شديدة في أروقة المؤسسات الحكومية في أنقرة، لضرب استقرار دول القارة الأوروبية من الداخل وزعزعة استقرارها، في وقت تلوح فيه تركيا بالحرب على حدود القارة الجنوبية وبالتحديد في شرق المتوسط.

 

وتعد ألمانيا والنمسا أكثر الدول الأوروبية المتأثرة بالأنشطة التركية المثيرة للجدل في القارة العجوز، لامتلاك الدولتين جالية تركية كبيرة، إذ يبلغ عدد الأتراك نحو 4 ملايين نسمة في الأراضي الألمانية، فيما يبلغ عددهم 700 ألف في النمسا المجاورة.

 

وقبل أيام، قالت صحيفة "كرونه" النمساوية إن سلطات إنفاذ القانون في فيينا تتبعت أثر جاسوس تركي خلال التحقيق في اشتباكات يوليو/تموز الماضي بين نشطاء أكراد وأتراك في قلب العاصمة النمساوية.

 

وبحسب موقع العين الإخبارية، نقلت الصحيفة عن وزير الداخلية كارل نيهامر قوله "المشتبه به اعترف أنه جزء من شبكة تجسس تنقل المعلومات إلى الحكومة التركية"، مضيفا "كان المشتبه به سجينا في تركيا، وكان شرط الإفراج عنه هو العمل كجاسوس على الرعايا الأتراك المقيمين في النمسا". 

 

وقبل ذلك بشهرين، وبالتحديد في يونيو الماضي، قامت مجموعة من تنظيم الذئاب الرمادية القومي المتطرف الذي يعد ذراعا طولى لأردوغان، بمهاجمة مظاهرة نظمها أكراد ويساريون في قلب فيينا، ما تسبب في إصابة شرطيين.

 

وخلال السنوات الماضية، خاصة منذ صيف 2016، كثفت التنظيمات التركية الخاضعة كلية لإدارة أنقرة، مثل الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب"، واتحاد "اتيب"، وحركة الرؤية الوطنية "ميللي جورش"، وأخيرا تنظيم الذئاب الرمادية، بالتعاون مع الإخوان الإرهابية، تحركاتها لزعزعة استقرار المجتمعات الأوروبية، ونشر التطرف، والتجسس على المعارضين الأتراك.

 

في عام 2016، فجر السياسي البارز والمتحدث باسم حزب الخضر "يساري مشارك في الحكومة الحالية" في الشؤون الأمنية، بيتر بليتس، قضية التجسس التركي.

 

وقال بيلتس آنذاك إنه يملك وثائق تخص السفارة التركية في فيينا، وتؤكد أن أردوغان يتجسس بشكل ممنهج على معارضي الحكومة عن طريق عملاء المخابرات التركية والمنظمات التابعة لحزب العدالة والتنمية.

 

ولفت بيلتز إلى أن عمليات التجسس التركي تستهدف "جميع الأشخاص من أصول تركية وكردية وعلوية من المعارضين"، مضيفا "الوثائق تؤكد أن منظمات تركية تعمل في النمسا مثل أتيب وميللي جورش "الرؤية الوطنية" وغيرها، ساهمت في بناء شبكة كبيرة من المخبرين الأتراك في الأراضي النمساوية".

 

ولا يتوقف تجسس أردوغان على معارضيه على النمسا، حيث يمتد أيضا لألمانيا، وفي هذا الإطار ذكرت وثيقة للبرلمان الألماني تعود إلى فبراير 2019، واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها: "تقوم تنظيمات أتيب وديتيب والرؤية الوطنية الخاضعة بالكامل لمؤسسة الشؤون الدينية التركية في أنقرة "ديانيت"، بالتجسس على المعارضين الأتراك والأكراد المقيمين في ألمانيا".

 

ووفق تقرير لصحيفة نويه زوريشر السويسرية "خاصة"، فإن السلطات الألمانية وجهت منذ 2016 تهم التجسس إلى 19 إماما تابعين لاتحاد ديتيب، بعد أن قاموا بالتجسس وكتابة تقارير موجهة للحكومة التركية عن أعضاء في حركة الداعية فتح الله غولن.

 

وبخلاف التجسس، تعمل المنظمات التركية في شبكة منظمة لنشر الأفكار المتطرفة والإرهاب وخلق مجتمع موازٍ يهدد تماسك واستقرار المجتمع في النمسا وألمانيا، وفق تقارير صحفية.

 

وفق صحيفة كورير النمساوية "خاصة"، فإن "أتيب" و"ديتيب" هما أذرع أردوغان الطولى في النمسا وألمانيا، وتتلقى تمويلا لأنشطتها ورواتب أئمتها من مديرية الشؤون الدينية التركية "حكومية"، وتخضع لتأثير مباشر من النظام التركي وحزب العدالة والتنمية.

 

ولفتت الصحيفة إلى أن مؤسسات "أتيب" "وديتيب" ملاذ للإسلاميين، ومفرغة لمؤيدي التنظيمات الإسلامية وأردوغان

 

ومنذ 2016، ترصد السلطات الأمنية في النمسا وألمانيا تنسيقا يصل لحد التحالف بين التنظيمات التركية مثل أتيب وديتيب وميللي جورش، والإخوان الإرهابية في القارة الأوروبية.

 

وفي هذا الإطار، قال الأستاذ في كلية الدراسات الشرقية بجامعة فيينا "حكومية" والمتخصص في شؤون جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية، روديجر لولكر لـ "العين الإخبارية" إن هناك شبكة تربط النظام التركي والإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية، وتهدف لتحقيق مصالح انقرة.

 

وأوضح لولكر الذي نشر خلال الـ20 عاما الماضية، العديد من الدراسات حول الإخوان والقاعدة و"داعش" والمسلمين في النمسا، أن "هناك شبكة علاقات واضحة تمتد من أنقرة -حيث الحكومة التركية- لسوريا، وهي ملاذ العديد من التنظيمات الإرهابية، وفيينا وغيرها من المدن الأوروبية، حيث تتواجد دوائر نفوذ الإخوان وديتيب واتيب".

 

وتابع لولكر "بكلمات واضحة، هذه الشبكة تضم تركيا والإخوان والتنظيمات الإرهابية القريبة من الجماعة أيديولوجيا، وتهدف لخدمة مصالح أنقرة".

 

وأضاف "هناك أيضا تحالف بين الإخوان والجماعات الإسلامية التركية مثل أتيب في النمسا وديتيب في ألمانيا، وهدفه الهيمنة على المجتمعات الإسلامية في أوروبا، وممارسة نفوذ عليها".

 

وذكرت وثيقة للبرلمان الألماني تعود إلى فبراير 2019، واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، أنه "منذ صعود الرئيس التركي لسدة السلطة، تعمل أنقرة على تأسيس منظمات وهياكل في الأراضي الألمانية تعمل على تحقيق هدف أساسي هو محاربة معارضي النظام التركي من الأتراك المقيمين في ألمانيا، وفرض رؤية النظام التركي المتطرفة على المجتمع".

 

وتابعت "منذ محاولة الانقلاب في تركيا في يوليو 2016 ترصد السلطات الألمانية محاولات مكثفة من التنظيمات التركية وخاصة ديتيب، لممارسة نفوذ على المجتمع التركي في ألمانيا، والألمان من أصل تركي، وزعزعة استقرار المجتمع".

 

ولا يتوقف الأمر عند ذلك، حيث تقوم تنظيمات أتيب وديتيب والرؤية الوطنية الخاضعة بالكامل لمؤسسة الشؤون الدينية التركية في أنقرة "ديانيت"، بالتجسس على المعارضين الأتراك والأكراد المقيمين في ألمانيا، وفق الوثيقة ذاتها.

 

بل إن التنظيمات التركية دخلت في تحالف مع الإخوان الإرهابية لتشكيل شبكة قوية تعمل لخدمة مصالح النظام التركي في ألمانيا، وغيرها، وفق وثيقة للبرلمان الألماني صدرت في فبراير 2020.

 

ولمواجهة هذا الخطر قدم حزب البديل لأجل ألمانيا، حزب المعارضة الرئيسي، مشروع قرار للبرلمان في 11 فبراير/شباط الماضي، لفرض رقابة قوية على "ديتيب" والإخوان وغيرها من التنظيمات التي تدور في فلك النظام التركي في ألمانيا من قبل هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية". 

 

وقرر البرلمان في 13 فبراير/شباط تحويل هذا المشروع إلى لجنة الأمن الداخلي لدراسته وإعادته للبرلمان مرة أخرى للتصويت عليه. ويحتاج البرلمان إلى الأغلبية البسيطة (50%+1) لتمرير المشروع، لكن تفشي فيروس كورونا المستجد أدى إلى تأخير عملية التصويت عليه.

 

وفي النمسا، تعمل الحكومة الحالية على إنشاء مركز توثيق الإسلام السياسي، على غرار مركز توثيق اليمين المتطرف، يتولى رقابة التنظيمات التركية والإخوان، ورصد تحركاتها، وتوثيق الجرائم التي ترتكبها

 

كما قال السياسي البارز أرمين بليند، عضو برلمان ولاية فيينا النمساوية عن حزب الحرية "شعبوي"، قبل أيام، إنه قدم مقترحا لبرلمان الولاية يقضي بوقف التعاون مع التنظيمات التركية والإخوان، وغيرها من التنظيمات المتطرفة، والنأي بشكل كامل عنها.

 

كانت السلطات النمساوية أصدرت قانونا في فبراير/شباط 2019، أصبح نافذا في مارس/آذار من العام نفسه، يقضي بحظر شعارات الذئاب الرمادية والإخوان