هل تريد الدوحة إرضاء تركيا وإيران بدعمها لحزب الله؟

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف مراقبون بأن الدوحة تحاول أن ترضي تركيا وإيران من خلال دعمها لحزب الله اللبناني.

 

وتفجير ميناء بيروت، الثلاثاء الماضي، إلى اندلاع احتجاجات عارمة في البلاد؛ وجّه خلالها المتظاهرون أصابع الاتهام نحو حزب الله، الحاكم الفعلي للبلاد، منذ انتهاء الحرب، عام 2006.

 

تريد قطر إثبات حسن النوايا تجاه حليفَيها الكبار (تركيا وإيران)، اللذين يضمنان أمنها ويشكّلان معاً تحالفاً ثلاثياَ تستفيد منه قطر في سدّ ثغرة كونها دولة ضئيلة متناهية الصغر

 

وبعد الحصار الذي فرض على الحزب، عام 2011، والذي استهدف تجفيف منابع التمويل التي يستخدمها لتسليح الحزب، عادت الدوحة من جديد، لتمدّ يدها لحزب طائفي، لم ينل لبنان من حكمه إلّا مزيداً من الخراب.

 

 

وتناول تقرير نشرته شبكة "فوكس نيوز"، إستراتيجية التمويل القطري لحزب الله، والتي أصبحت عملية تهدّد القوات الأمريكية في الخليج، كما أوضح التقرير أنّ الدور القطري تجاوز فكرة تمويل الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب، إلى وصول قطر لمنزلة الحاضنة الأساسية لجميع الجماعات المسلحة في العالم، وحاضنة التطرف في المنطقة، كما يقول محللون وتقارير دولية.

 

حاضنة التطرف

 

رغم الخلافات التي تحاول قطر إظهارها مع حزب الله، إلّا أنّ هذه المناوشات تتلاشى تحت غطاء التمويل السخي الذي تمنحه قطر للحزب منذ أربعة عشر عاماً، حسبما يقول الباحث في العلاقات الدولية، وشؤون الشرق الأوسط، محمد حامد، الذي يعتقد أنّ التمويل القطري بدأ لحزب الله اللبناني بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل، وتضاعف عام 2008.

 

 

 وبينما يعيش العالم أزمة مالية خانقة، "كانت الدوحة الراعي الرسمي لعملية تسليم الحكم إلى ميشال سليمان، الرئيس اللبناني السابق، ثم انتهى الأمر في النهاية بتسلّم الحزب مقاليد البلاد فعلياً، ومنح حزب الله دعماً غير مشروط".

 

ويتابع حامد، في تصريحه لـ "حفريات": "هذه التمويلات القطرية تدرجت من وقت لآخر، كما أنّ مرور الحزب بأزمات مالية، منذ عام 2013، وصولاً لعام 2016، قبل الاتفاق النووي، وتدخله في الأزمة السورية، أدّى إلى تحويل المؤسسات المالية والعلاجية والخدمية، وكافة المؤسسات التي تقع إدراتها تحت حزب الله، إلى مؤسسات مفلسة، كان السبب الرئيس في ذلك، فقدان العنصر البشري، والموارد المالية، ما جعل الانجذاب لتمويلات الدوحة، حلاً سحرياً، وجد فيه الحزب ضالته، وبعد المقاطعة الخليجية / المصرية التي حدثت مع الدوحة، كانت قطر أول الممولين لحزب الله من جديد".

 

 

 وفي رأيي؛ يردف حامد، فإنّ الخلاف الذي حدث بين حزب الله وقطر بعد الحرب السورية، كان محض خلاف شكلي، والدليل على ذلك أنّ الحزب سرعان ما أظهر براغماتيته، وعاد لتلقي التمويلات التي أغدقتها قطر بسخاء".

 

بصفة عامة؛ يؤكد حامد أنّ "قطر وُصمت عالمياً بتمويلها للجماعات الدينية المسلحة، إذ تموّل الجماعة الشيعية في حزب الله، وكذلك في العراق" وهي تفعل ذلك بحسب الباحث محمد حامد؛ لأنّها "تستخدمه، كنوع من النكاية؛ إذ تفضّل الدوحة دائماً أن تكون على علاقة بالتنظيمات المسلحة، السنيّة أو الشيعية، وتعدّها أوراق ضغط تفاوضية في يدها لابتزاز الدول والأنظمة السياسية، والدليل أنّها توسطت بين حزب الله والجماعات المسلحة في سوريا للإفراج عن بعض الراهبات اللبنانيات اللاتي احتجزن في سوريا وقت الأزمة".

 

انتقام ما بعد الحصار

 

بحسب ما أورده تقرير "فوكس نيوز"؛ فقد سعى سفير قطر في بلجيكا وحلف شمال الأطلسي، عبد الرحمن بن محمد سليمان الخليفي، إلى دفع 750 ألف يورو للمقاول الأمني ​​الخاص "جيسون ج."، مقابل سكوته عن دور النظام القطري في إمداد الأنظمة الشيعية اللبنانية بالأموال والأسلحة، حيث قال جيسون في تصريحاته؛ إنّ "أحد أفراد العائلة المالكة زعم أنّه سمح بتسليم عتاد عسكري لكيان حزب الله في لبنان".

 

 

زادت التمويلات القطرية للجماعات المسلحة، خاصة بعد المقاطعة التي فُرضت عليها، كما أنّ الحصار الذي فرض على حزب الله، خاصة من عام 2011، كان محاولة لتجفيف منابع التمويل، فبدأ مرة أخرى للجوء إلى التمويل المباشر.

 

 ويرى حامد هنا "أنّ قطر لديها ولع بتمويل الحركات المتطرفة المسلحة، بشقّيها السنّي والشيعيّ، المسلّح وغير المسلّح، المعتدل والمتطرف، هذه هي إستراتيجية الدوحة، التي ترسمها الأجهزة الأمنية، وبالرغم من طائفية حزب الله، وممارساته الوحشية في سوريا، لم تجد الدوحة غضاضة في تمويله، كما أنّها دفعت ما يزيد عن مليار دولار، لجماعة شيعية احتجزت أشخاصاً من العائلة الحاكمة القطرية في العراق، وهذا يدل على أنّ قطر أصبحت الراعي الرسمي للجماعات المسلحة في سوريا، وفي أيّ مكان، كما أنّها ترنو لأن تظهر كدولة مفاوضة، ومنقذة للإنسانية من الجماعات المتطرفة".

 

التناحر على النفوذ

 

التسريبات الجديدة، بشأن تمويلات قطر لحزب الله، دفعت بالساسة الأوروبيين إلى شجب مثل هذا السلوك، وطالبوا بالوقف الفوري له، وبحسب الباحث في الدراسات الأمنية وشؤون الشرق الأوسط، والمدير التنفيذي لـ "مركز الإنذار المبكر"، أحمد الباز؛ فإنّ "قطر تريد النيل من المملكة العربية السعودية، بأيّ شكل من الأشكال، وتقديم الدوحة الدعم إلى حزب الله، يمكن وصفه بأنّه أحد أشكال "مزاحمة النفوذ" حتى لو بطريقة مؤذية، لما تبقى من استقرار الدول العربية، ومنها لبنان".

 

الباحث محمد حامد : الخلاف بين حزب الله وقطر بعد الحرب السورية، كان محض خلاف شكلي، بدليل أنّ الحزب سرعان ما أظهر براغماتيته، وعاد لتلقي تمويلات الدوحة

 

 ويرى الباز، في حديث صحفي  أنّ "المملكة العربية السعودية كانت قد بدأت منذ أعوام بإتاحة دعم عيني ومادي للبنان وللجيش اللبناني على وجه الخصوص؛ لذلك قدّمت قطر الدعم بدورها إلى الطرف المضاد، وهو حزب الله، حتى لو كان هذا الدعم القطري الموجه للحزب سينتج عنه مزيد من استقواء حزب الله في لبنان والمنطقة".

 

تريد قطر إثبات حسن النوايا تجاه حليفَيها الكبار (تركيا وإيران)، اللذين يضمنان أمنها ويشكّلان معاً تحالفاً ثلاثياَ تستفيد منه قطر في سدّ ثغرة كونها دولة ضئيلة متناهية الصغر، ويضيف الباز: "الدوحة تقوم بهذه المهمة على مسارين؛ الأول تجاه تركيا، عبر تقديم الدعم للوكيل الأيديولوجي لأنقرة، ممثلاً في الإخوان المسلمين؛ حيث تقوم قطر بمهمة الرعاية والإعاشة، وللغرض نفسه؛ فإنّها تقدّم الدعم لحزب الله، الوكيل الأيديولوجي لإيران، حتى تضمن الدوحة علاقات أكثر ارتباطاً بإيران، التي هي، في الوقت نفسه، الطرف الإقليمي المناوىء للملكة العربية السعودية".

 

تقوم قطر، من خلال تمويلها السخي لحزب الله، باللعب على كافة الجبهات؛ فهي من جهة تتحالف مع إيران ضمنياً، والتي تظهر خلافاً معها بشأن ما يحدث في سوريا. ووفق ما يرى الباز: "عند الحديث عن العلاقات الإيرانية القطرية، فإنّنا نتحدث، بشكل آخر، عن أكبر ممولين للتطرف السنّي والتطرف الشيعي؛ ففي حين أنّ قطر تقدّم التمويل للتنظيمات الإرهابية السنّية المسلحة؛ فإنّ إيران تقوم بالمهمة نفسها تجاه التنظيمات الإرهابية الشيعية، وحتى تضمن إيران سيطرة أكبر على الميدان، فإنّها ستكون مهتمة بتوثيق علاقاتها مع راعي التطرف السنّي ليتمكن الطرفان من إدارة الميدان بشكل مفيد لهما، وتجنّباً لتصعيد أو احتكاك بين الطرفين، قد يخرج عن السيطرة