ارتفاع ملحوظ بالجرائم في عفرين وعموم مناطق سيطرة القوات التركية بسوريا

عرب وعالم

اليمن العربي

ارتفعت الجرائم بشكل ملحوظ في عفرين وعموم المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية.

 

وتواصل القوات التركية والميليشيات الموالية لها في الشمال السوري جرائمها بحق المدنيين، بتنفيذ المزيد من عمليات القتل والاعتقال والخطف، إلى جانب الانتهاكات الأخرى من تهجير وسرقات، وفق تقارير كثيرة، دولية ومحلية، وثقت هذه الجرائم.

 

 

وشهدت منطقة عفرين وعموم المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة التركية في شمال سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في الجرائم، على الرغم من دعوات وقف عمليات المداهمة اليومية، واعتقال المواطنين وخطفهم بدافع الحصول على الفدية، ومنع ذويهم من معرفة مكان احتجازهم أو أسبابه، ورفض عرضهم على المحاكمة ومنعهم من توكيل محامين، بحسب ما أفاد به مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، عبر موقعه الإلكتروني.

 

 

وأوضح المركز، في تقرير له، أنّ منطقة عفرين شهدت في نيسان (أبريل) اعتقال 60 شخصاً، وفي أيار (مايو) اعتقل 41 شخصاً ممّن تمكّن فريق المركز من توثيق أسمائهم، فيما العدد الفعلي أكثر من ذلك.

 

وفي السياق ذاته، وثّق المركز مقتل مدنيين تحت التعذيب، كما تمّ توثيق تعرّض أكثر من 24 معتقلاً للتعذيب.

 

ونقل المركز الكثير من الشهادات التي توثق أساليب التعذيب التي كان يمارسها عسكريون أتراك وعناصر إرهابية تابعة للميليشيات الموالية الموالية لتركيا شمال سوريا، في السجون.

 

مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا يوثق مقتل مدنيين تحت التعذيب وأساليبه التي تمارس في السجون التركية

 

يُذكر أنّ تلك الفصائل أو الجماعات تقودها، بحسب المركز، أجهزة أمنية وعسكرية أنشأتها تركيا في المنطقة، وهم كلٌّ من قائد الشرطة العسكرية في عفرين محمد الحمادين، وقائد فرع الأمن السياسي في عفرين محمد راجي، وقائد الشرطة المدنية في المدينة "مهند الحسين" وآخرون، إضافة إلى العشرات من قادة المجموعات المسلحة المنتشرة ومسؤولي الحواجز والقرى والأحياء، حيث تمّ تقسيم مدينة عفرين إلى مناطق سيطرة متعددة منفصلة، وبات كل فصيل في المنطقة له سجونه الخاصة، وقوانينه الخاصة.

 

 

 

كما اعتقلت تلك المجموعات عائلات بكامل أفرادها، وسط مصير مجهول لأخرى خطفها ما يُعرف بـ"الجيش الوطني" منذ عامين، وهي ميليشيات تدعمها تركيا أيضاً، حيث قامت تلك العناصر خلال اقتحام القرى والبلدات باعتقال عوائل بكاملها، الأب والأبناء.

 

يشار إلى أنّ عفرين، وغيرها من المناطق شمال البلاد الخاضعة لسيطرة تلك الفصائل، تشهد عمليات نهب شبه يومية، واستيلاء على منازل وممتلكات الناس ومواسم الزيتون، وقطع الأشجار، إضافة إلى الاعتقالات التعسفية.

 

 

ولم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد، بل مورست أبشعها على كبار السن في مناطق شمال سوريا، حيث اعترفت وكالة الأناضول الرسمية يوم 4 تموز (يوليو) الجاري أنّ السلطات التركية اختطفت 3 مسنين بعد مداهمة منازلهم في مدينة عفرين، مبررة عملية "الخطف" أنّ الثلاثة "قتلوا ضابطاً تركيا قبل 30 عاماً"!.  

 

ويأتي الاعتراف والتبرير التركي بعد قيام مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا ببثّ تقرير عن حالات الخطف التي تطال المدنيين في مدينة عفرين، وخاصة كبار السن، وذكر التقرير بالاسم المسنين الثلاثة وأنّهم تعرضوا للتعذيب والإهانة وتمّ نقلهم إلى داخل الأراضي التركية، بعد مداهمة منازلهم في تاريخ 2 يوليو (تموز) الجاري.

 

وكالة الأناضول تعترف باختطاف 3 مسنين بعد مداهمة منازلهم بعفرين بحجة قتل ضابط تركي قبل 30 عاماً

 

وقالت وكالة الأناضول، وهي لسان حكومة حزب العدالة والتنمية، إنّ قوات الأمن التركية في مدينة عفرين، اعتقلت من وصفتهم بـ"المهربين" الذين تسبّبوا في مقتل ضابط تركي قبل 30 عاماً.

 

وقالت الوكالة إنّ "المهربين بادروا حرس الحدود التركي بإطلاق النار خلال محاولتهم التسلل إلى الأراضي التركية عبر ولاية هاتاي/ إسكندرون، وذلك بتاريخ 16 حزيران (يونيو) 1990".

 

وأضافت أنّ الاشتباك أسفر عن إصابة ضابط تركي برتبة ملازم، ما لبث أن فارق الحياة قبيل وصوله إلى المستشفى متأثراً بإصابته البليغة.

 

 

مصادر مركز توثيق الانتهاكات، وفق شهادات، تؤكّد زيف ادّعاءات الوكالة والأجهزة الأمنية التركية، وأنّ السيناريو الذي تمّت روايته غير صحيح، فالمسنّون الثلاثة مدنيّون، ولم يسبق أن شاركوا في أيّ اعتداءات أو قاموا بعمليات تهريب عبر الحدود، وأنّ اعتقالهم هو جزء من حملة تركية ممنهجة تطال الفقراء والبسطاء من عفرين من الذين رفضوا التخلّي عن أرضهم ليتمّ إظهارهم في مقاطع إعلامية مفبركة.

 

 

وفي سياق متصل بجرائم القوات التركية والميليشيات الموالية لها، أفاد تقرير نشرته الأمم المتحدة أمس عن ارتكاب جرائم حرب كثيرة يمكن أن ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية في محافظة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة فصائل متطرفة ومقاتلة، والتي تعرّضت لهجوم واسع شنته قوات النظام السوري أواخر العام الماضي ومطلع العام الحالي.

 

وقال رئيس لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الانتهاكات في سوريا باولو بينيرو: إنّ "أطفالاً تعرّضوا للقصف في مدرسة، وأناساً قتلوا في سوق، ومرضى تحوّلوا إلى أشلاء نتيجة استهداف بالأسلحة الثقيلة المستشفيات، وعائلات بأكملها قُصفت فيما كانت تفر"، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".

 

وتسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، مع فصائل متشدّدة وأخرى مقاتلة أقلّ نفوذاً، على نصف مساحة محافظة إدلب ومحيطها.

 

وجاء في التقرير، بحسب بينيرو، "خلال هذه العملية العسكرية، انتهكت قوات النظام السوري والجماعات الموالية لأنقرة، التي تصنّفها الأمم المتحدة إرهابية، بشكل صارخ قوانين الحرب وحقوق المدنيين السوريين".

 

حكومة أردوغان مكّنت الميليشيات التركية ككتيبة السلطان مراد المتورّطة في خطف الأطفال والنساء من ابتزاز الأهالي ونهبهم

 

وتطرّق بينيرو أيضاً إلى تجاوزات هيئة تحرير الشام التي تعمل تحت إمرة أردوغان، والمتهمة بعمليات "نهب واعتقال وتعذيب وإعدام مدنيين بينهم صحافيون".

 

وأفاد التقرير أنّ هيئة تحرير الشام "قصفت أيضاً بشكل عشوائي مناطق مكتظة، وأشاعت بذلك الرعب في صفوف المدنيين الذين يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة الحكومة".

 

وقالت المحققة كارن كونينغ أبو زايد إنّ "النساء والرجال والأطفال الذين قابلناهم كان لديهم خيار التعرض للقصف من قبل النظام أو الفرار إلى عمق المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام حيث يتمّ انتهاك حقوق الإنسان والجرائم الإنسانية، وكانوا للأسف يفضلون البقاء والتعرّض للقصف، ممّا يعكس هول الفظائع التي يتعرّضون لها على يد الميليشيات التركية.

 

وفي تقرير لموقع "أحوال" التركي، فإنّ تركيا رمت بثقلها إلى جانب الميليشيات المتشدّدة، ودعمت جماعات إسلامية متطرّفة على لائحة الإرهاب الدولية، مثل جبهة النصرة، الفرع السابق لتنظيم القاعدة الإرهابي في سوريا، والتي تأتمر بالأوامر التركية، وتستمدّ الدعم والمساندة المادية والإعلامية منها، وتحارب إلى جانبها، وبالنيابة عنها في إدلب ومناطق سورية أخرى.

 

وعملت أنقرة، وفق التقرير، على تمكين الجماعات الإرهابية وتمويلها وتسليحها وتسهيل دخولها من وإلى سوريا عبر الحدود التركية، وعملت على تحويل إدلب إلى بؤرة للإرهاب بإشراف المخابرات التركية التي كانت وما تزال تعيث فساداً في المنطقة.

 

 

وأضافَ التقرير أنّ حكومة أردوغان لم تتوانَ عن ارتكاب انتهاكات إنسانية ومجازر ضدّ المدنيين السوريين في إدلب وعفرين، واشتغلت بشكل ممنهج على تمكين الميليشيات التركية، مثل كتيبة السلطان مراد المتورّطة في خطف الأطفال والنساء، لابتزاز الأهالي، وإرغامهم على الرضوخ للمطالب والإملاءات التركية.

 

 

 

وقد سعت مخابرات أردوغان إلى تحويل محافظة إدلب إلى بؤرة إرهابية، بذريعة مواجهة الأكراد، ودعم نفوذها في سوريا، والتغلغل من خلالها إلى العمق السوري، وتهديد أمن المحافظات الأخرى القريبة منها، مثل؛ حلب واللاذقية وحمص وحماة.

 

وفتحت تركيا حدودها للإرهابيين من مختلف أصقاع الأرض ومطاراتها ومعابرها لإدخالهم إلى سوريا، للقتال إلى جانب تنظيمي داعش والنصرة، قبل أن تنتقل اليوم إلى استغلال الإرهابيين  للضغط بهم على بلدانهم، خاصة الدول الأوروبية.

 

وارتبط أردوغان، وفق موقع "أحوال تركية"، بشراكة اقتصادية متينة مع تنظيم داعش الإرهابي، وكان المشتري الأوّل للنفط من داعش، وأمدّه بالأسلحة وبالمساعدات الطبية واللوجستية. وقد وُصف ابنه بلال بمهرّب النفط الداعشيّ والراعي لإخراجه وتصديره من المناطق التي كان يسيطر عليها إلى تركيا.

 

 ويؤكد التقرير أنّ الأمر بلغ بالحكومة التركية استغلال جائحة كورونا لنقل الأسلحة، تحت غطاء المساعدات الإنسانية، إلى الإرهابيين في إدلب ومناطق أخرى تخضع للاحتلال التركي في سوريا، مثل عفرين ومناطق حدودية أخرى منها تل أبيض ورأس العين