كيف تصعد تركيا تجفيف منابع المياه السورية؟

عرب وعالم

اليمن العربي

تصعد تركيا ممارساتها ضد مصادر المياه السورية بشكل غير مسبوق، خلال الفترة الماضية، فبعد مشاهد مفزعة أظهرت انخفاضا كبيرا في منسوب نهر الفرات، نتيجة حجز سدود تركيا الضخمة لمياهه، تقطع أنقرة المياه عن مدينة الحسكة.

 

نهر الفرات العظيم، كما كان يسمى، تحول قسم من مجراه إلى مستنقعات، بعد انخفاض منسوبه إلى مستويات قياسية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

 

وينبع نهر الفرات من جبال طوروس في تركيا ويدخل سوريا من منطقة جرابلس، ويمر بمدن الثورة والرقة ودير الزور والميادين وصولا إلى البوكمال في أقصى شرق سوريا عند الحدود مع العراق.

 

وتناقل ناشطون على موقع ”تويتر“، خلال الأيام القليلة الماضية، مشاهد تظهر الانخفاض في منسوب نهر الفرات.

 

واتهمت الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا، في 27 حزيران الماضي، تركيا بقطع مياه نهر الفرات، محذرة مما سيترتب على ذلك من نقص في المياه القادمة إلى البلاد.

 

وقالت ”الإدارة العامة لسدود الفرات“ التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، في بيان، إن ”متوسط الكمية المائية الواردة منذ بداية شهر حزيران أقل من ربع الكمية المتفق عليها، ما أدى إلى انخفاض مناسيب بحيرات السدود السورية الثلاثة المبنية على نهر الفرات.

 

ولم تكتف تركيا بخنق نهر الفرات، حيث تمارس سياسة التعطيش ضد مدينة الحسكة وريفها.

 

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، إن ”مديرية المياه في بلدة تل تمر، اجتمعت مع قيادات روسية في المنطقة هناك، بغية الضغط على الجانب التركي، من أجل إعادة ضخ المياه إلى محطة علوك الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، والتي تغذي مدينة الحسكة ومناطق بريفها، حيث يستمر انقطاع المياه لليوم الثاني على التوالي.

 

وأشار المرصد إلى أن ”القوات التركية أوقفت مجددا ضخ المياه عن محطة علوك، التي تغذي مدينة الحسكة ومناطق بمحيطها وريفها، وذلك للمرة السابعة منذ سيطرة القوات التركية على المحطة الواقعة بريف الحسكة الشمالي.

 

وتأتي هذه الممارسات بحق الحسكة في ظل رفض أهاليها لوجود الفصائل الموالية لتركيا.

 

وفي منتصف يونيو الماضي، نظم أهالي قرى ريف رأس العين بمحافظة الحسكة، تظاهرات ضد تلك الفصائل، ما أدى إلى إصابة اثنين برصاص الفصائل التي أطلقت النار لتفريق المتظاهرين.

 

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن تلك الفصائل ”تعتدي على المواطنين وتسرق محاصيلهم الزراعية وتحرقها، بالإضافة إلى مصادرة المحاصيل من المزارعين الذين لا يملكون إثباتا بشكل رسمي على ملكية الأرض.

 

وتشكل المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في محافظات دير الزور والرقة والحسكة وريف حلب، سلة سورية الغذائية، بسبب مساحات الأراضي الزراعية الخصبة على ضفتي نهر الفرات، واتساع مشاريع الري الزراعي في تلك المنطقة.

 

وتزرع تلك الأراضي بالمحاصيل الصيفية والإستراتيجية اعتمادا على وفرة مياه نهر الفرات، حيث تضمنت الخطة الزراعية لهذا العام في ريف الرقة نحو 35% من مساحة الأراضي الزراعية.

 

لكن المزارعين يشكون حاليا من نقص المياه وتحملهم أعباء وتكاليف إضافية لاستخراجها وجرها إلى مسافات طويلة.

 

كما يشتكون من تقنين الكهرباء وانقطاعها في بعض المناطق، بسبب انخفاض مستوى المياه في سد تشرين بريف الرقة.

 

ولتركيا مجموعة من السدود الضخمة على نهري دجلة والفرات، الأمر الذي تسبب على الدوام بخلافات حول الحصص المائية مع سوريا والعراق.

 

وتبني أنقرة مجموعة أخرى من السدود على نهر الفرات، الأمر الذي قد يؤدي إلى نقص مستدام في كميات المياه القادمة منها.

 

وخلال الفترة الماضية، بدأت آثار ملء سد ”إليسو“ التركي تظهر على نهر دجلة في العاصمة بغداد ومدينة الموصل، بانخفاض مناسيب المياه إلى حد كبير، وهو ما أثار رعب المواطنين من جفاف سيضرب مناطقهم ويهدد محاصيلهم الزراعية.

 

وأعرب ناشطون وإعلاميون عراقيون عن غضبهم من الممارسات التركية التي وصفوها بـ“الاستفزازية“ تجاه العراق والدول المطلة على النهر، مطالبين حكومة بلادهم بـ“التدخل العاجل وإنهاء الجفاف الحاصل في نهر دجلة، ومنع الكارثة الإنسانية التي بدأت تلوح في الأفق.

 

وفي نهاية يونيو الماضي، كشف وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد مهدي، عن مخاطبة تركيا بهدف إجراء مباحثات بشأن سد ”إليسو.

 

وقال مهدي حينها في تصريحات صحفية: ”وزارة الموارد المائية طلبت من الجانب التركي إجراء محادثات بشأن سد إليسو، للاتفاق على خطة لتشغيل السد من دون الإضرار بحصة العراق المائية، وضمان حقوقنا من المياه، وهدفنا الأساسي هو التوصل إلى اتفاق مُرضٍ للطرفين.

 

وكانت سوريا وتركيا قد وقعتا في 1987 اتفاقاً مؤقتاً، لتقاسم مياه الفرات، قضى بأن تمرر تركيا ما لا يقل عن 500 متر مكعب في الثانية، على أن تقوم سوريا بتمرير ما لا يقل عن 58% منها إلى العراق بموجب اتفاق آخر بين أنقرة وبغداد بداية التسعينيات.