كيف استثمرت تركيا احتلالها لسوريا في معركة لي الأذرع مع أوروبا؟

عرب وعالم

اليمن العربي

استثمرت تركيا الأزمة السورية في معركة لي الأذرع مع أوروبا، موظفة ملفي الإرهاب والمهاجرين للضغط على الشركاء الأوروبيين لانتزاع مكاسب مالية وسياسية بدأت بورقة اللاجئين واتفاق الهجرة في مارس/آذار 2016 والذي كان مصيدة بكل المقاييس للأوروبيين، وصولا إلى خزان من الإرهابيين أعدته أنقرة وضخت فيه استخباراتها كل طاقتها ليكون سيفا مسلطا على دول الاتحاد واحتياطيا من المرتزقة رسم مسارا آخر لحركة هجرة عكسية للتطرف من شمال سوريا إلى غرب ليبيا.

 

وبدا واضحا أن التراخي الأوروبي في لجم الممارسات العدوانية التركية في سوريا وفي ليبيا مردّه خوفا تحول إلى هوس من إطلاق تركيا جحافل من المهاجرين إلى حدود الاتحاد الأوروبي.

 

وبالفعل لم يمض وقت طويل على تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حتى أطلق آلاف اللاجئين والمهاجرين على حدود اليونان، فيما بدا أنه اختبار لرد الفعل الأوروبي وفي نفس الوقت ورقة ضغط لانتزاع دعم أوروبي لحربه في سوريا وتدخله في ليبيا.

 

ويحيل هذا التكتيك التركي إلى بدايات التواصل والمفاوضات حول مهمة كبح الهجرة السرية من السواحل التركية باتجاه اليونان والتي انتهت باتفاق تعهدت فيه أوروبا بدفع 3 مليارات يورو لأنقرة.

 

لكن لم يمض وقت طويل على هذا الاتفاق حتى رفع الرئيس التركي سقف المطالب المالية إلى 6 مليارات يورو، إضافة الى مطالبة أوروبا بتعهدات وضمانات اعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول (شنغن) إلى الفضاء الأوروبي وإعادة احياء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد بمرونة أكبر من تلك التي طبعت سنوات من المفاوضات المتعثرة.

 

وعبر في يناير/كانون الثاني الماضي الحدود التركية اليونانية مئات آلاف المهاجرين كدفعة أولى أطلقتها تركيا ضمن مخططها الابتزازي تجاه الدول الأوروبية لكسب دعمهم في معركة إدلب.

 

وأثارت الخطوة التركية استنكار الدول الأوروبية التي ترفض قطعا ابتزاز تركيا وترهيبها بورقة اللاجئين.

 

وقد توتر الوضع على الحدود اليونانية التركية بشكل كبير منذ بداية العام الماضي، حيث وقعت صدامات بين الشرطة اليونانية التي أطلقت الغاز المسيل للدموع واستخدمت خراطيم المياه والمهاجرين الذين كانوا يرشقون الحجارة.

 

وتتخذ تركيا المتمادية في انتهاكاتها المتعددة في سوريا كل هذه هذه الأوراق لابتزاز أوروبا، فيما زاد غرورها بالتدخل في ليبيا وانتهاك سيادة العراق وعينها على وضع قدم في الصراع اليمني، في تحدي المجتمع الدولي العاجز حتى الآن عن اتخاذ قرار صارم لردع الاستفزازات التركية.

 

وعلى صعيد الممارسات التركية التي وصفت بالعدائية المزعزة لاستقرار المنطقة، تتهم الدول الأوروبية المخابرات التركية بغسل أدمغة مواطنيها بالأفكار المتطرفة وتحويلهم إلى مقاتلين ضمن الجماعات الإرهابية التي أعدتها تركيا للقتال في سوريا، ومن ثم استعمالهم كورقة ابتزاز تجاه دول الاتحاد والتهديد بإعادتهم إلى بلدانهم.

 

وهددت تركيا مرارا الاتحاد الأوروبي بإعادة سجناء تنظيم الدولة الإسلامية المعتقلين لدى الجيش التركي، إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا.

 

وتستخدم تركيا سجناء داعش شمالي سوريا كورقة لابتزاز أوروبا التي تعلم أن عودة الإرهابيين إليها، خطرا على أمنها القومي، لاسيما أنها تعرضت لهجمات إرهابية عدة.

 

ولا يزال يمثل الهجوم التركي في شمال سوريا سببا في تخوف الاتحاد الأوروبي من إعادة تنظيم الدولة الإسلامية ترميم صفوفه واحتمال التسلسل إلى أوروبا، خاصة أن الاعتداء التركي أضعف المقاتلين الأكراد الذين ساهموا بشكل كبير في مساعدة القوات الأميركية على دحر داعش في المنطقة.

 

ودأب أردوغان على استخدام ورقة الإرهابيين لابتزاز أوروبا ماليا وسياسيا والضغط عليهم حين يوجهون انتقادات لسياساته العدائية في المنطقة.

 

وشهدت مناطق شمال سوريا الواقعة تحت "الاحتلال التركي" انتهاكات فضيعة بحق المدنيين، وتتهم تركيا بارتكاب جرائم حرب في منطقة شرق الفرات.

 

وتحولت محافظة إدلب في ظل سيطرة القوات التركية التي ثبتت بقاءها بذريعة مواجهة الأكراد، إلى ساحة خاضعة لنفوذ الجماعات الإرهابية.

 

وكشفت مصادر مطلعة على الشأن السورية عن جرائم فضيعة ترتكبها الفصائل الإرهابية المتشددة بحق سكان شمال سوريا، وصلت إلى حد إعدام عدة مدنيين وتعذيبهم وتجنيد الأطفال قسرا بينهم فتيات.

 

وسلط المرصد السوري لحقوق الإنسان عن عمليات تجنيد لعشرات الأطفال في صفوف الفصائل السورية الموالية إلى تركيا بينهم طفلة بالغة من العمر 14 عاما.

 

أسست تركيا عبر تدخلها العسكري في سوريا إلى إنشاء مجمعات إرهابية في إدلب بهدف خلق حزام ناسف من الإرهابيين في المنطقة لاستعماله لابتزاز الدول الأوروبية من جهة وتوظيفه في مخططها التوسعي في المنطقة من جهة أخرى وتصدير الإرهاب من شمال سوريا إلى غرب ليبيا للتمدد أكثر من منطقة المتوسط وإفريقيا من بوابة طرابلس.

 

وأرسلت أنقرة إلى الآن أكثر من 15 ألف مرتزق بين مقاتلين سوريين متشددين وعناصر إرهابية من جنسيات أخرى ينتمي بعضها إلى تنظيم داعش.

 

وتجاوزت أنشطة تركيا كل القوانين الدولية في انتهاك صارخ لأمن المنطقة وسيادة أكثر من قطر، أمام أنظار العالم الذي يكتفي حتى الآن بإصدار بيانات الإنكار دون اتخاذ قرارات فعالة لردع الممارسات التركية الخطيرة.