النظام التركي يحاول فرض واقع مؤلم في سوريا

عرب وعالم

اليمن العربي

أدت الحالة التي تعيشها سوريا للعام العاشر على التوالي، إلى تحولها إلى ثغرة تسلل من خلالها المشروعان التوسعيان الإيراني والتركي على حد سواء، على حساب الأمن القومي العربي والإقليمي، المشروع الإيراني عبر تحالفه مع نظام الأسد في دمشق، والتركي عبر احتضانه العديد من تيارات المعارضة السورية والحالة الفصائلية العسكرية المتشرذمة.

 

الدور الإيراني واضح المعالم، غير أن الأخطر هو الدور التركي الملتبس الذي ومهما اختلفت سياسات الأطياف المتضادة في تركيا حوله، إلا أنها تعود وتتقاطع عند مسألة استعادة النفوذ التركي المفقود الذي يكاد يمر على انحساره اليوم أكثر من قرن من الزمان. حتى تحول هذا الملف إلى أبرز استثمار سياسي شعبوي لكسب الشارع التركي وشحنه والفوز في أي عملية انتخابية تجري في تركيا.

 

أدى التدخل التركي في الملف السوري إلى خلق حالة عشوائية، لم تتمكن جميع المحاولات التركية من تغطيتها والتستر عليها، تبرز في جانب منها بالبعد الاقتصادي الذي أتاح نهب الموارد الطبيعية السورية في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الموالية لتركيا. بعد العمليات العسكرية التركية على امتداد خط الحدود التركية السورية التي تمتد لأكثر 800 كيلومتر.

 

كان أحدثها عملية “نبع السلام” التي خلقت قاطعا عسكريا في منطقة رأس العين، يسيطر على مياه منطقة الجزيرة السورية التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني.

 

ولم تراع تركيا الظروف الصعبة المترتبة على انتشار فايروس كورونا مؤخرا، رغم المناشدات الدولية، التي قالت إنه ينبغي على السلطات التركية “بذل كل جهدها لاستئناف توريد المياه من محطة ضخ المياه في علوك قرب رأس العين والتي تضم أكثر من 450 ألف سوري شمالي الحسكة، إضافة إلى ثلاثة مخيمات للنازحين.

 

 

وقال ماكيل بيج نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش إنه وفي خضم وباء عالمي يثقل كاهل أنظمة حكم وبنى تحتية متطورة “قطعت السلطات التركية إمدادات المياه عن المناطق الأكثر ضعفا في سوريا”.

 

المعارض الكردي السوري المقيم في دبي وليد حاج عبدالقادر يقول في تصريحات وفقا لـ ”العرب” إن “تركيا ومنذ بداية تشكل الدولة التركية وضعت نصب عينيها مسألة المياه، واستعملتها كورقة ضغط على جيرانها.

 

وليس بعيدا عنا التهديد بهذه الورقة في فترة مقايضة حافظ الأسد على تسليم عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، وقد أدت مجموعة السدود التي بنتها إضافة إلى المشروع الذي دشنه بشار الأسد في عين ديوار، إلى تحول نهر دجلة إلى ما يشبه الساقية الصغيرة وجاء اليوم دور نهر الفرات”. واستمرارا للسياسة ذاتها، تواصل تركيا تشييد وإدارة السدود على نهر الفرات بشكل جائر، ما تسبب بتراجع حصة السوريين من النهر إلى أقل من 25 في المئة من النسبة المتفق عليها دوليا. وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ توقيع الاتفاقيتين الدوليتين في العامين 1996 و1997 بين الدول الثلاث تركيا وسوريا والعراق. وأضخم تلك السدود اليوم هو سد أتاتورك في أورفة بالإضافة إلى سد إليسو على نهر دجلة الذي يعبر الأراضي السورية في طريقه إلى العراق. وهذا الأخير أدى بالفعل، إلى انحسار نسبة المياه في دجلة بنسبة 60 في المئة بسبب تشغيل عنفات الكهرباء.

 

الواقع الذي تفرضه تركيا في سوريا يتجاوز الأثر الاقتصادي إلى مفاعيل خطيرة للغاية، تصب في خلخلة البنية السكانية عرقيا وطائفيا، خلخلة تسببت بها المجازر والتجاوزات التي ارتكبتها وترتكبها بعض الفصائل العسكرية السورية التي تخضع للهيمنة التركية، سواء في إدلب أو عفرين، والتي كان من أبرز منفذيها كتيبة السلطان مراد المتهمة بخطف الأطفال والنساء. هذه الكتيبة المشكلة بالكامل من التركمان والتي لم تسلم منها حتى منشآت الطاقة والمرافق الإنشائية في المناطق التي تسيطر عليها.