ما وراء زيارة أردوغان لتميم "المعزول" عربيا؟

عرب وعالم

اليمن العربي

يصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى قطر، الخميس، في زيارة يلتقي خلالها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.

 

زيارة أردوغان "المأزوم" داخليا بسبب فشله وخارجيا بسبب أطماعه، لتميم "المعزول" عربيا بسبب سياساته، تجعل الزيارة أشبه "باستنجاد غريق بغريق".

 

ولكن هذا الاستنجاد يأتي في توقيت مهم لكلا الرجلين، حيث يتعرض "تحالف الشر" الذي يقودانه لضربات موجعة ورفض متنامي داخليا وخارجيا.

 

فتنظيم الإخوان الإرهابي المدعوم من نظامي أردوغان وتميم يواجه حصارا متزايدا على الصعيدين العربي والدولي.

 

وتدخلات أردوغان - المدعومة قطريا- في ليبيا وسوريا والعراق، تتوحد حاليا المواقف العربية والدولية لمواجهتها، والتي توجت بإقرار البرلمان العربي استراتيجية لمواجهة أطماع تركيا، وتحرك فرنسا لفرض عقوبات أوروبية ضد أنقرة.

 

على الصعيد الداخلي، يتصاعد الاستياء الشعبي من سياسة الرجلين وفشلهما الاقتصادي، إضافة إلى تزايد الغضب من الابتزاز التركي لقطر، لدعم تدخلاتها والتغطية على فشلها في العديد من الملفات.

 

كل تلك الملفات ستكون حاضرة على أجندة لقاء المأزوم والمعزول بحثا عن سبل لمعالجة تلك الأزمات، وسط توقعات أن تسهم مباحثاتها إلى تكريس فشلهما، في ظل إصرارها على المضي قدما في نفس سياساتهما المستهجنة عربيا ودوليا والمرفوض محليا في دولتيهما.

 

ودائما ما يلجأ البلدان إلى استخدام ترسانتهما الإعلامية المشتركة في مواجهة الأزمات التي يعانونها، عبر شن حملات افتراءات وأكاذيب للدول التي تقف في وجه مؤامراتهم، بدلا من البحث عن حلول حقيقية لأزماتهم، لذلك سيكون ملف التنسيق الإعلامي بينهما حاضرا أيضا خلال اللقاء.

 

 المزيد من التفاصيل حول أسباب الزيارة وأهدافها ودلالاتها وأبرز الملفات التي سيتم بحثها خلالها، ووفقا لـ "العين الإخبارية" 

أفاد بيانان صادران عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية ووكالة الأنباء القطرية الحكومية أن أردوغان، سيجري، الخميس، زيارة عمل إلى الدوحة تستغرق يوما واحدا، سيلتقي خلالها مع تميم بن حمد.

 

وسيبحث الجانبان العلاقات الثنائية ويتبادلان وجهات النظر بشكل موسع حول القضايا الإقليمية والدولية.

 

وكان لافتا أن يشير بيان الرئاسة التركي إلى أن هذه الزيارة لأردوغان " تعتبر الأولى له خارج البلاد، عقب جائحة فيروس كورونا".

 

وهو أمر له دلالتان: الأولى: دغدغة مشاعر الشعب القطري واستمالته لدعم الموقف التركي، لذلك كان لافتا إبراز الإعلاميين الموالين للحمدين وذبابه الإلكتروني تلك النقطة في الترويج لزيارة أردوغان، لإيهام القطريين أنه لهم لدى الرئيس التركي مكانة خاصة، وأن بلادهم أول وجهته بعد جائحة كورونا، في حين أن الحقيقة أنه محاولة ابتزاز مكشوفة لمشاعر القطريين البسطاء تمهيدا لابتزازهم ماديا.

 

 الدلالة الثانية: تعكس حجم الورطة التي يعاني منها أردوغان، حتى إنه هرول لتميم لدفع فاتورة فشله الاقتصادي والسياسي، رغم أنه لم يمر عدة أيام على الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما عقب خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، 20 يونيو/حزيران الماضي، الذي لوح فيه بإمكانية التدخل العسكري في ليبيا، لحفظ أمن واستقرار الدولتين.

 

أما عن دلالات توقيت الزيارة، فيمكن إبراز أكثر من أمر، كل جانب منها سيكون ملفا على أجندة مباحثات الرجلين.

 

- الملف الأول: بحث سبل مواجهة الرفض العربي والدولي للتدخلات التركية.

 

فقد أقر البرلمان العربي، قبل أسبوع، استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع إيران وتركيا، تدعو إلى إيقاف التبادل التجاري مع أنقرة، وتفعيل مجلس دفاع عربي لردع تركيا، والطلب من الأمم المتحدة سحب القوات التركية المنتشرة في أكثر من بلد عربي.

 

جاء إقرار الاستراتيجية في ظل استمرار تركيا بالتدخل العسكري غير المشروع في ليبيا، وعرقلة الوصول لحل سياسي، وتغذية الصراع عبر تسليح المليشيات التابعة لحكومة فايز السراج غير الدستورية، ونقل مرتزقة وجماعات إرهابية لدعمه، بهدف إطالة أمد الصراع سعيا للسطو على ثروات الشعب الليبي.

 

كما جاء إقرار الاستراتيجية بعد ساعات من إطلاق تركيا عدوانا على شمال العراق وعملية عسكرية أطلقت عليها "مخلب النمر" في منطقة "حفتانين" ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية.

 

واعتادت تركيا اختراق الأجواء العراقية بزعم ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، غير أن تلك الهجمات كثيرا ما تسقط ضحايا من المدنيين.

 

كما تواصل أنقرة عدوانها على سوريا، وتدخلاتها غير المشروعة بالتعاون من حلفاء الشر إيران وقطر وتنظيم الإخوان الإرهابي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

على الصعيد الدولي، تقود فرنسا تحركات أوروبية لعزل تركيا عقابا على التدخل العسكري في ليبيا وإغراق هذا البلد بالمرتزقة.

 

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، الأربعاء، إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيجتمعون في 13 يوليو/تموز لبحث موضوع تركيا، مشيرا إلى إمكانية بحث فرض عقوبات جديدة على أنقرة.

 

وأضاف لو دريان، أمام جلسة في البرلمان: "بناء على طلبنا سيُعقد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 13 يوليو لبحث مسألة تركيا على وجه التحديد.. فرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على تركيا لقيامها بالتنقيب في المنطقة الاقتصادية لقبرص. ربما يجري النظر في فرض عقوبات أخرى".

 

وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريح سابق بـ"اللعبة الخطيرة" التي تمارسها تركيا في ليبيا، معتبرا أنها تشكل تهديدا مباشرا للمنطقة وأوروبا.

 

- الملف الثاني: مواجهة الرفض المتنامي للرجلين داخليا

 

سيحاول كلا الرجلين- عبر الإعلام الممول منهما- في توظيف اللقاء لدعم صورتيهما، حيث سيوظف تميم اللقاء للتأكيد داخليا أنه ليس معزول ولديه حلفاء خارجيا، كما سيوظفه للمكايدة السياسية مع الدول المقاطعة لقطر على خلفية سياساتها الداعمة للإرهاب بالتعاون مع نظام أردوغان.

 

ومنذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، في 5 يونيو/حزيران 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر بسبب إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم، وتنظيم الحمدين يعيش في عزلة عربية وخليجية ودولية.

 

من جهته يحتاج أردوغان مثل تلك اللقاءات الخارجية للهروب من المعارضة المتزايدة لسياساته في ظل الأداء الاقتصادي السيئ لنظامه، وما نتج عنه ارتفاع معدلات التضخم، والبطالة حتى أصبح معظم خريجي الجامعات عاطلين عن العمل بشكل غير مسبوق، إضافة إلى الاستنكار الشعبي لمحاولته تقيدد الحريات وإغلاق منصات التواصل الاجتماعي بالكامل.

 

- الملف الثالث: طلب الدعم المالي

 

هذا الملف يرتبط بالملفين السابقين، حيث أن أردوغان يطمع في أي أموال تساند اقتصاد بلاده المنهار، ودفع فاتورة سياسته الخارجية الفاشلة، في صورة اتفاقيات ثنائية يعقدها مع نظام تميم.

 

وتأتي هذه الزيارة في وقت يعاني فيه الأتراك من وطأة التداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا المستجد.

 

ويتواصل ارتفاع الأسعار والضرائب في تركيا بفعل أزمة اقتصادية طاحنة تشهدها البلاد، وسط فشل نظام أردوغان في إيجاد حلول لها، وقد تعمقت مع التدابير الاحترازية التي أعلنت عنها أنقرة للحيلولة دون تفشي كورونا.

 

ويرى خبراء واقتصاديون أتراك أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الارتفاع في أسعار المنتجات والسلع المختلفة سواء في القطاعين الخاص أو العام؛ مرجعين ذلك إلى ارتفاع نفقات الإنتاج، وازدياد عجز الموازنة.

 

يأتي ذلك فيما تواصل حكومة أردوغان استنزاف قطر اقتصادياً، من خلال استغلال ثرواتها ومقدّراتها لإنقاذ أنقرة من أزمتها الاقتصادية التي تعصف بها منذ أكثر من عامين، من خلال دفع الدوحة لضخّ مليارات الدولارات لإنعاش الاقتصاد التركي المتعثّر من زاوية الاتفاقيات الثنائية التجارية والمالية، وعلى الصعيد العسكري كذلك.

 

اقتصاديا، تمكنت تركيا من إغواء قطر لضخ استمارات على أراضيها، إذ أعلنت الدوحة في 2018 عن استثمارات في السوق التركية بقيمة 15 مليار دولار أمريكي، سيجري تمريرها إلى الأسواق المالية والبنوك.

 

كذلك، استحوذت تركيا على عديد الواردات القطرية، مقابل الوجود العسكري التركي على أراضيها.

 

وهرعت تركيا لحليف الشر "قطر" في محاولة لإدارة أزمة شح النقد الأجنبي في السوق المحلية، من خلال البحث عن قنوات تبادل تجاري بعملات غير الدولار الأمريكي، في وقت تعيش فيه الأسواق المحلية تراجعا حادا في سعر صرف الليرة التركية.

 

وفي شهر مايو/ آيار الماضي، قال البنك المركزي التركي إنه قام بزيادة حجم اتفاق مبادلة عملة مع قطر لثلاثة أمثاله، إلى ما يعادل 15 مليار دولار من خمسة مليارات دولار سابقا، في اتفاق يوفر سيولة أجنبية تشتد الحاجة إليها داخل السوق التركية.

 

- الملف الرابع: بحث سبل الرفض الشعبي المتزايد لتنظيم الإخوان

 

وتشهد عدة دول عربية انتفاضة شعبية ضد مؤامرات جماعة الإخوان الإرهابية، وسط تحذيرات من خطورة التنظيم الإخواني الإرهابي على الأمن القومي العربي، ومحاولته إعادة الخلافة المزعومة على حساب الهوية الوطنية والعربية.

 

ففي الكويت، طالب محللون وخبراء وكتاب بمحاسبة جماعة الإخوان بعد كشف مؤامرة الإخواني مبارك الدويلة ضد السعودية ومحاولته إحداث فتنة بين بلاده والمملكة، معتبرين أن استماتهم في الدفاع عنه رغم تآمره، يثبت أن ولاؤهم الأول للتنظيم، وليس لوطنهم، داعين إلى محاسبتهم، محذرين من خطرهم.

 

أما السودان، فقد اعتقلت السلطات، الإثنين، خلية من قادة الحركة الإسلامية السياسية وتنظيم الإخوان الإرهابي كانت تخطط لاستهداف ذكرى مظاهرات "30 يونيو".

 

وفي تونس، تواجه حركة النهضة الإخوانية استياء شعبيا وبرلمانيا من محاولات حركة النهضة التغول داخل المنظومة التونسية وفي أجهزتها الوزارية، إضافة إلى الاستياء من تحركات زعيمها في الملف الليبي، عبر اتصالات مشبوهة مع قيادات إخوانية في العاصمة طرابلس، وتأييد التدخل العسكري التركي في ليبيا.

 

وفي اليمن يتزايد الرفض الشعبي لحزب الإصلاح (الذراع اليمنية لتنظيم الإخوان الإرهابي)، ورفض خياناته للمقاومة، ومحاولته عرقلة وقف إطلاق النار الأخير في جنوب اليمن، وتقاربه مع مليشيا الحوثي الإرهابية، ومحاولة تغيير مسار معركة التحالف العربي الرامية إلى إنهاء انقلاب المليشيات.