العمالة الأجنبية في قطر.. مبانٍ تشيد بجثث الموتى

عرب وعالم

اليمن العربي

كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن فضيحة مدوية في طريقة تعامل قطر مع مكافحة الفيروس القاتل، المنتشر وسط عمال ملاعب كأس العالم، قائلة: "إن أكبر معسكر العمال في قطر أصبح سجنا افتراضيا"، إثر حالة الإغلاق التام التي أعقبت إصابة المئات من عمال البناء بالفيروس.

 

وفي الوقت الذي توجه فيه قطر سهام النقد للدول العربية عبر خنجرها المسموم قناة الجزيرة في طريقة التعامل مع مكافحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، متجاهلة أن الدوحة تشهد أكبر عدد من الإصابات المسجلة عربيا، حيث وصل عدد الحالات فيها إلى 470 حالة مؤكدة، وهو الرقم الذي أعلنت عنه السلطات الصحية في الإمارة الصغيرة، ولكن ما خفي أعظم.

 

ويخضع جزء كبير من "المنطقة الصناعية" بالعاصمة القطرية لحراسة الشرطة، ما يترك آلاف العمال محاصرين داخل مخيمات مكتظة وقذرة، تمثل بيئة ملائمة لانتشار الفيروس.

 

وهذه المجمعات الصناعية تؤوي مئات الآلاف من العمال المشاركين في بناء ملاعب كأس العالم 2020، يعيش معظمهم في ظروف عمل مزرية ومكدسة، وسبق وتعرضت قطر لمئات التحذيرات من المنظمات الحقوقية الدولية لتحسين بيئة العمل لديها، فغالبا ما يتراوح العدد في غرفة واحد ما بين 8 لـ10 أشخاص، في ظل سوء حالة الصرف الصحي، وأحيانا عدم تواجد كهرباء أو تشغيل المياه، ما يجعل من المستحيل وقف انتشار الفيروس.

 

وتسود حالة من الخوف والهلع بين العمال في ظل عدم قدرتهم على الدخول أو الخروج من المعسكر وإجبارهم على الحصول إجازة غير مدفوعة الأجر حتى إشعار آخر، مع تغطية نفقات الطعام والإقامة فقط.

 

ورفضت الدوحة مناشدات منظمات عالمية لعلاج العمالة الأجنبية، بتجهيز مستشفى طبي كامل، إضافة إلى رفضها عودتهم للعلاج في بلادهم، وهددت كل من يحاول السفر.

 

كما رفضت السلطات القطرية توصيات المنظمات الحقوقية، بتوفير أماكن إقامة جديدة للعاملين، لمنع انتشار عدوى فيروس كورونا بينهم.

 

وسبق وطالبت منظمات قطر بوجود تأمين صحي للعاملين في مشروعات كأس العالم 2022، لكن الدوحة كعادتها رفضت الأمر.

 

منظمة العفو الدولية العفو الدولية لم تتأخر في إصدار بيان رسمي، تطالب فيه الحكومة القطرية بضمان بقاء حقوق الإنسان في جوهر محاولات الوقاية والاحتواء من فيروس كورونا، وضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية والوقائية والعلاج لجميع المتضررين، وبدون تمييز.

 

اختارت قطر أن تحشد عمالها الأجانب بعيدا عن أعين الجميع ليواجهوا منفردين مأساة متشابكة الخيوط بلا رعاية صحية ودون أدنى حقوق، فى انتهاك واضح لمواثيق قوانين العمل الدولية المتعارف عليها.

 

وبعد أكثر من 3 أشهر على المواجهة التى تخوضها دول الرباعى العربى الذى يضم مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، ضد إمارة قطر ـ الراعى الأول للإرهاب ـ كانت العمالة الأجنبية فى قطر، أحد أبرز الأطراف التى دفعت ثمن عناد تميم بن حمد غاليا، إلا أنها نالت فى الوقت نفسه اهتمام كثيرين ممن قرروا فضح ممارسات الدوحة وانتهاكاتها المستمرة للمواثيق الدولية فى هذا الشأن.

 

وفى صمت لافت من قبل منظمات حقوق الإنسان صاحبة التقارير المدفوعة مسبقا وفى مقدمتها هيومن رايتس ووتش، تتوالى معاناة العمال الأجانب الذين لا يجدون من يروى فصول مأساتهم إلا القليل من وسائل الإعلام الأمريكية والغربية، بخلاف ما ينشره رموز المعارضة القطرية عبر منصات التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر".

 

وبحسب تقارير غربية، يعانى أكثر من ألفى عامل من أصل 4 آلاف يشكلون قوام العمالة الأجنبية داخل قطر، من أوضاع صحية متراجعة، فعلى الرغم من أن الإمارة من قائمة الدول النفطية الغنية إلا أنها لا تقدم أى رعاية صحية أو تدعيم لمعايير السلامة لتحسين أوضاع العمال الأجانب داخل أراضيها رغم اعتمادها عليهم فى مشاريع تنموية كبرى وفى مقدمتها بناء الإنشاءات اللازمة لمونديال 2022.

 

وكشفت تسريبات نشرتها المعارضة القطرية وتقارير خليجية عن إصابة 14 عاملا فى منشأت نفطية بوباء الجرب وذلك نظر لإهمال قطر فى ملف الرعاية الصحية وتوفير بيئة صحية لهم.

 

ونشرت صفحة "قطر مباشر" على "تويتر" تحذير من وزارة الصحة القطرية إلى عمال حقول النفط ، ومطالبتهم بالاستحمام بشكل يومى لعدم انتشار المرض، دون أن تشير إلى المبانى المتهالكة المخصص لإقامتهم وغياب معايير السلامة الصحية فى مساكنهم.

 

ورغم أن الدوحة معروفة بأبراجها الشاهقة وناطحات السحاب والسيارات الفارهة، ومستوى المعيشة المرتفع للسكان، إلا أن أحياء الهنود والبنغال وبعض جنسيات العمالة الوافدة كشفت عن واقع مرير، وعن تعمد من جانب نظام تميم بن حمد لإشاعة حالة أقرب إلى الاستعباد، وتعمد إخفاء هذه الحالة وتصدير صورة مغايرة لها.

 

ومؤخرا، كشف موقع "vox" الإخبارى الأمريكى، أن العمالة المنزلية فى قطر أوضاعها سيئة للغاية، حيث تعانى من سوء معاملة من القطريين، مشيرا إلى أنه على الرغم من إصدار الدوحة قانونا جديدا يمنع أرباب العمل من إجبار العمالة المنزلية على العمل لأكثر من 10 ساعات يوميا خوفا على صحتهم، وستة أيام فى الأسبوع، إلا أن الوضع لم يتحسن.

 

وكشفت تقارير غربية، أن نحو 4 آلاف عامل تحت خطر الموت لتحقيق حلم قطر الزائف والخداع باستضافة مونديال كرة القدم 2022، مشيرة إلى أن العمال يعملون تحت سطوة الكفالة، فى ظروف غير آدمية وفى درجات حرارة لا يقدر الإنسان مهما كانت قوته على تحمل الوقوف فيها، أضف إلى ذلك ظروف المعيشة بعد انتهاء العمل بوجود نحو 15 شخصا داخل غرفة المبيت الصغيرة فى معسكرات العمل سيئة التهوية.

 

وكشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن أن 34 عاملا في منشآت كأس العالم 2022 الذي تستضيفه قطر، لقوا حتفهم خلال 6 سنوات؛ ما يؤكد استمرار أزمة المهاجرين الذين يعانون العمل القسري وتباطؤ نظام الدوحة في تنفيذ إصلاحات.

 

وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير، الإثنين، إن "اللجنة العليا" المنظمة للمونديال أعلنت أن 9 مهاجرين يعملون في ملاعب كأس العالم بقطر توفوا عام 2019؛ وبذلك يرتفع عدد الوفيات في مشاريع كأس العالم إلى 34 منذ بدء البناء قبل 6 سنوات.

 

وأضافت الصحيفة أن اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية المشرفة على تنظيم كأس العالم صنفت 31 حالة وفاة تشمل الـ9 الذين ماتوا العام الماضي، على أنها "غير مرتبطة بالعمل".

 

وأشارت إلى أن هذا المصطلح تستخدمه اللجنة لوصف الوفيات التي تحدث إلى حد كبير خارج موقع المنشآت، ويُعزى معظمها إلى حالات أزمات قلبية أو توقف تنفس مفاجئ وغير مفسر.

 

وتشمل أحدث الأرقام، التي نشرتها اللجنة في تقريرها السنوي حول رفاهية العمال، 4 عمال لقوا حتفهم لما يسمى أسبابا طبيعية، و3 لقوا مصرعهم في حادث حافلة شركة، دون وفيات بسبب حوادث مكان العمل في عام 2019.

 

وزعمت اللجنة أنها تحقق في كل حالة وفاة لتحديد العوامل المساهمة والإجراءات الوقائية، وقال الأمين العام للجنة حسن الذوادي، في التقرير: "أي خسارة في الأرواح على برنامجنا أمر محزن للغاية".

 

ولا يلزم القانون القطري ومعايير رعاية العمال في اللجنة العليا الشركات بدفع تعويضات عن الوفيات التي تصنف "غير المرتبطة بالعمل".

 

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشفت "الجارديان" عن أن قطر نادرا ما تجري عمليات تشريح بعد وفاة العامل المهاجر، ما يجعل من الصعب تحديد سبب الوفاة بدقة وتحديد ما إذا كان غير مرتبط بالعمل.

 

ووجدت الصحيفة أيضا أن حرارة الصيف الشديدة في قطر من المحتمل أن تكون عاملا مهما في العديد من وفيات العمال.

 

ولا تزال أرملة أحد العمال الذين توفوا العام الماضي تنتظر ردا على رسالة بعثت بها إلى الذوادي تطلب فيها تعويضا، بعد أن توفي زوجها.

 

وأفادت نيرمالا باكرين بأن زوجها روبتشاندرا رومبا، وهو عامل من نيبال عمره 24 سنة، توفي فجأة أثناء نومه في يونيو/حزيران.

 

وفي الرسالة، التي أرسلتها قبل أكثر من شهر، أوضحت باكرين أن الشركة التي عينت رومبا عرضت عليه 7 آلاف ريال قطري (1500 جنيه إسترليني).

 

وكتبت: "في غياب زوجي الذي كان يعتني باحتياجاتنا، تمر عائلتنا بأزمة خطيرة.. أعتقد أن حياة زوجي تساوي أكثر من 7 آلاف ريال".

 

ويعمل أقل من 2% من العمال المهاجرين في قطر البالغ عددهم 2 مليون عامل في مشاريع منشآت كأس العالم، ويتقاضون أقل من 35 جنيها إسترلينيا في الأسبوع، وفقا للصحيفة.

 

لكن يبدو أن الجهود المبذولة لتحسين أوضاع القوى العاملة بأكملها قد توقفت، حيث لم تنفذ مجموعة كبيرة من الإصلاحات الرئيسية التي أعلنها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

وكان من المتوقع أن تؤدي الإصلاحات التي كشفت عنها السلطات القطرية ومنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى إنهاء نظام عمل لا يستطيع العمال بموجبه تغيير وظائفهم دون إذن صاحب العمل، وهي ممارسة وصفها بعض الناشطين بأنها شكل حديث من أشكال الرق.

 

وفي غضون ذلك، تدعو جماعات حقوق الإنسان قطر إلى تطبيق هذه الإصلاحات على الفور.

 

وفي هذا السياق قالت، هبة زيادين وهي باحثة مساعدة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية إن "العمال المهاجرين يثقلون بالعمل ويقيمون في ظروف كئيبة دون أجر أو نظير أجور زهيدة لشهور متواصلة".

 

وأضافت زيادين: "كل يوم يقضونه محاصرين، هو يوم يقضونه في خوف وقلق وعدم استقرار".

 

وتعرضت قطر لضغوط دولية مكثفة لإصلاح نظام العمل لديها منذ أن كشفت صحيفة الجارديان لأول مرة عن إساءة استخدام واسعة النطاق لقوتها العاملة المهاجرة الهائلة، التي تأتي من بعض أفقر البلدان في المنطقة.

 

لكن نشطاء حقوق العمال ينتقدون عدم إحراز تقدم قبل أقل من 3 سنوات من انطلاق كأس العالم.

 

وفي وقت سابق، انتقدت منظمة العفو الدولية تعريض الحكومة القطرية آلاف العمال والمهاجرين في المنطقة الصناعية بالعاصمة الدوحة لخطر الإصابة بفيروس كورونا الجديد (كوفيد - 19).

 

وكشفت المنظمة الدولية في سلسلة تغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلة: "تفيد تقارير بأن أجزاء من المنطقة الصناعية في قطر، الدوحة –وهي بمثابة مخيمات سكنية لعدد كبير من العمال المهاجرين- قد تم إغلاقها بشكل مُحكم بعد إصابة مئات من عمال البناء بـفيروس كورونا".

 

وأشارت إلى أنه في الوقت الذي يصارع العالم لاحتواء انتشار فيروس كورونا، يتعرض هؤلاء العمال المهاجرون والمحاصرون لخطر الإصابة بالفيروس.

 

وألمحت إلى أنه "من المعروف أن معسكرات سكن العمال في قطر مكتظة وتنقصها خدمات المياه والصرف الصحي الضرورية ما يعني أن العمال هم حتما أقل قدرة على حماية أنفسهم من الفيروس".

 

وأكدت المنظمة أنه يتوجب على الحكومة القطرية أن تضمن بقاء حقوق الإنسان في جوهر محاولات الوقاية والاحتواء من فيروس كورونا، وضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية والوقائية والعلاج لجميع المتضررين، وبدون تمييز.

 

ودعت "العفو الدولية" قطر إلى ضمان عدم تهميش العمال المهاجرين بشكل أكبر في ظل هذه الأزمة.

 

وشددت على ضرورة تمكين العمال الوافدين في قطر من الحصول على رواتب مرضية عندما لا يستطيعون العمل، ومن حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة.

 

ومؤخرا، أعلنت وزارة الصحة القطرية تسجيل 10 إصابات جديدة بفيروس كورونا، ما يرفع العدد الإجمالي للمصابين إلى 470 حالة.