وثائقي "فرنسي- بلجيكي" يكشف النقاب عن تمويلات قطرية لقوى التطرف في أوروبا

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف فيلم وثائقي "فرنسي- بلجيكي" النقاب عن تمويلات قطرية لقوى التطرف والإرهاب في أوروبا، ودورها المشبوه في دعم الإرهابيين، راصداً الوجه المشبوه للمنظمات الخيرية الممولة من تنظيم "الحمدين".

 

وتحت عنوان "قطر: حرب نفوذ الإسلام في أوروبا"، كشف الفيلم الذي عرضته محطة "لا أون.تلي" ببرنامج "دوك شوت" الفرنسي، كيف تغمر إمارة في شبه الجزيرة العربية أوروبا بملايين من اليورو عن طريق منظمة إنسانية ذات وجهين، لها أنشطة مشبوهة بدعم وتمويل الإرهاب في أوروبا.

 

 

وتناولت محطة "آر تي بي إف" البلجيكية الفيلم تحت عنوان "الدوافع السرية لمنظمة قطر الخيرية، منظمة إنسانية بوجه مزدوج".

 

وقالت إن "قطر الخيرية" المنظمة الأكبر في الإمارة لكونها ممولة من مكتب أمير قطر شخصياً، وتأسست عام 1992 بزعم تقديم المساعدات الإنسانية في 70 دولة في العالم، لمساعدة اللاجئين وضحايا الكوارث الطبيعية والحروب، وعام 2012 فتحت فرعا لها في لندن ليكون مقر المؤسسة ليصبح هذا المقر فيما بعد قنبلة موقوتة تهدد القارة الأوروبية.

 

وأضافت المحطة البلجيكية أن الفيلم الوثائقي الذي أذيع مساء أمس الخميس، من إخراج جيروم سيسكان، وإعداد الصحفيين الفرنسيين جورج مالبرنو وكريستيان شينو.

 

والصحفيان هما مؤلفا كتاب "أوراق قطر" الذي فجر قضية التمويلات المشبوهة قبل أشهر، وسبق واتخذا رهائن لدى إرهابيين على صلة بقطر في العراق، الأمر الذي دفعهما إلى البحث وراء هذه الإمارة التي تنشر الإرهاب في العالم وصلتها بالإسلام السياسي في أوروبا.

 

وفي أبريل/نيسان الماضي، نشر الصحفيان الفرنسيان الكتاب الذي استغرق عامين في التقصي بعنوان: "أوراق قطر, كيف تمول الإمارة الإسلام السياسي في فرنسا وأوروبا؟"، وذلك لدق ناقوس الخطر حول المد القطري في القارة عبر تمويل تنظيمات ومؤسسات متطرفة.

 

ونقلت المحطة البلجيكية عن الصحفي كريستيان شينو قوله إن "نقطة الانطلاق التي دفعتنا لتقصي الأنشطة المشبوهة للمنظمة غير الحكومية، بعد حصولنا على ذاكرة حفظ (يو إس بي) أرسلها إلينا أحد المبلغين من داخل قطر الخيرية، تحمل الآلاف من المستندات تكشف أنشطة الدوحة عبر المنظمة في أوروبا، وصلتها بتنظيم الإخوان".

 

وأضاف شينو أنهما اكتشفا من الوثائق تعاملات قطر مع 140 مشروعا في أوروبا من مراكز ثقافية ومساجد وجمعيات إسلامية يديرها تنظيم الإخوان فرع أوروبا، وذلك رغم النفي المستمر للدوحة عن علاقتها بهذه المشروعات.

 

ووفقاً للفيلم الوثائقي، فإن "قطر أرادت توسيع نفوذها في جميع القطاعات بأوروبا في مجال الرياضة والتعليم، والأنشطة التجارية، والدبلوماسية، ولكن الصحفيين اكتشفا أنها خلال السنوات العشر ما بين 2007 و2017، أنفقت أكثر من 120 مليون يورو على مشروعات في أوروبا".

 

وعاد شينو قائلاً: "إن هذه المشروعات لم تكن في بلجيكا وفرنسا وإنجلترا فحسب، إنما امتدت إلى أوكرانيا والنرويج وإيطاليا وسويسرا"، مضيفاً: "لقد صعقنا من حجم التمويل الضخم والوسائل الحديثة للتمويل لمنع كشفها".

 

وتابع: "اكتشفنا أيضاً شبكة العلاقات المريبة بين قطر وتنظيم الإخوان الإرهابي في أوروبا".

 

وتطرق الفيلم إلى مسألة تشكل خطراً شديداً على القارة الأوروبية، وهي علاقة تنظيم الإخوان المصنف كجماعة إرهابية في عدة دول بالعالم بقطر، حيث كشف الفيلم رعاية الدوحة للتنظيم، لاستخدامه كأداة نفوذ في أوروبا.

 

 

ورأي شينو أن "هدف قطر هو التأثير على كيفية زرع الإسلام السياسي في أوروبا وتعزيز نفوذها في العالم العربي".

 

وأضاف الصحفي الفرنسي أن هذه الإمارة الثرية التي لا يتعدى سكانها 300 ألف نسمة أقل حتى من سكان كورسيكا (جزيرة فرنسية في البحر المتوسط)، ولكن لديها مليارات الدولارات تنفقها في محاولة بائسة لجعل نفسها معروفة في جميع المجالات.

 

ودلل شينو على ذلك "مثل حصول قطر على حق تنظيم مباريات نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 بالرشاوى، وانتهت تلك المحاولات بزرع نفوذها في تمويل الأنشطة الدينية للتحكم ومن ثم التأثير في نهاية المطاف".

 

وتطرق الفيلم إلى الصلات التي هي أشبه بالمصاهرة على حد وصف الفيلم بين قطر والإخوان لفترة طويلة، مشيراً إلى استضافة زعيمهم يوسف القرضاوي، المطلوب في عدة دول لتحريضه على العنف والقتل، والذي ينظر الإخوان إليه بمثابة "بابا الإسلام في الشرق".

 

ويشير الفيلم الوثائقي إلى أن القطريين ينظرون إلى الإسلام في أوروبا والمسلمين بشكل عام كسوق تجاري مربح يمكن الاستفادة منه اقتصادياً والاستثمار فيه.

 

 

وفيما يتعلق بتسمية الفيلم "حرب النفوذ على الإسلام في أوروبا"، أوضح شينو أن "التسمية ليست عملية تنميط للإسلام، إنما إظهار مدى المنافسة القطرية للاستحواذ على الإسلام في أوروبا، موضحاً أن القطريين انتهازيون يرون الإسلام في أوروبا والمسلمين كسلعة في السوق".

 

وأضاف أن القطريين يرون أيضاً أنه بينما للمغرب والجزائر وتركيا سوقها، على حد وصفهم، في أوروبا، لا بد أن يكون لها أيضاً سوق للإسلام في أوروبا وذلك بالاستثمار في المدارس والجمعيات، حتى الشخصيات التي تمثل واجهة لهم، بينهم طارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان، الوسيط لتمويل شبكة الأنشطة القطرية في أوروبا، والمتهم حالياً في قضايا اغتصاب في فرنسا وسويسرا.

 

وأشار إلى أن "خطر هذا التمويل القطري على أوروبا يكمن في رغبتهم في نشر الإسلام السياسي للسيطرة على المجتمعات ونشر الفكر المتطرف بشكل يحفز على الطائفية، بعيداً عن مفهوم الإسلام الحقيقي السلمي".

 

ويكشف الفيلم أيضاً عن حجم التمويل الغامض المقدم لأغراض غير مشروعة مثيرة للريبة عبر حقائب أموال تم تسليمها من قطر عبر طارق رمضان إلى سويسرا وفرنسا في حركة انتقال للأموال رصدتها أجهزة رادارات الأجهزة الاستخبارية الأوروبية، لكون التمويل يفتقر إلى الشفافية ويثير الشبهات حول ازدواجية المشروعات الخيرية.

 

وفيما يتعلق بمخاطر التمويل القطري على بلجيكا، أوضح الفيلم أن "قطر الخيرية تمول مشروعين في بروكسل وأنفير" بقيمة مليون يورو، ولكنها استردت الأموال.

 

وفسر الفيلم عملية الاسترداد بأنه على ما يبدو بعد الأزمة القطرية بمقاطعة دول مكافحة الإرهاب لها عام 2017 وضع قطر تحت ضغط للحد من تمويلها لمشروعات مثيرة للجدل لتوقيف مشروعها التوسعي في أوروبا، ولكنها لا تزال تدعم مراكز فكر ومؤسسات أخرى في بروكسل".

 

وطرح الفيلم تساؤلا عن حجم هذا المشروع القطري التوسعي، ومدى إدراك السلطات الأوروبية لهذا الخطر.