دبي تنجح في تخفيف التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا

عرب وعالم

اليمن العربي

نجحت السياسة المالية المتوازنة لدبي والتعامل الرشيد مع أزمة "كورونا" في تخفيف تبعاتها الثقلية، وذلك رغم التراجع العالمي الضخم بسبب جائحة كورونا.

 

ويستمر في دبي نمو الأنشطة العقارية والمالية والصناعة التحويلية وقطاع الحكومة رغم التحديات العالمية الصعبة، وينحصر تراجع الناتج المحلي الإجمالي لدبي إلى 3.5%  فقط خلال الربع الأول من 2020.

 

وكشف مركز دبي للإحصاء أنه رغم الركود العالمي الناجم عن جائحة فيروس "كوفيد-19"، تمكنت إمارة دبي من تقليص حجم التراجع إلى أدنى مستويات ممكنة خلال العام الجاري.

 

ويمر العالم بأسوأ ركود عالمي على مدار الثمانين عاما الماضية وفق تقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين توقعا أن يصل تراجع الناتج المحلي العالمي إلى 4.9% و5.2% خلال العام 2020 على التوالي.

 

وأوضح المركز أن اقتصاد دبي بعد أن حقق نموا قدره 2.2% خلال العام 2019، إلا أن الظروف الاستثنائية بالغة الصعوبة التي يمر بها العالم تسببت في تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي "بالأسعار الثابتة" لإمارة دبي بنسبة 3.5% خلال الربع الأول من 2020.

 

وتسببت أزمة كورونا في أزمة طاحنة أصابت مفاصل الاقتصاد العالمي بما يشبه الشلل التام وكانت بداياتها مع مطلع العام الجاري والتي ما لبثت أن أخذت في تداعياتها الصحية والاقتصادية في التصاعد على مدار الأشهر الماضية.

 

وأضاف المركز، أن دبي تمكنت دبي بفضل سياساتها المالية المتوازنة والتعامل الرشيد مع الأزمة بمختلف أبعادها، من التخفيف إلى حد كبير من التبعات الثقيلة التي خلفتها الجائحة على العالم بسبب الإجراءات الاحترازية الصارمة وغير المسبوقة التي أدت إلى إغلاق أغلب دول العالم لحدودها ومنافذها الجوية والبحرية والبرية، ومن ثم تقييد حركة التجارة العالمية.

 

وتابع: كما تمكنت دبي من تخفيف التأثير السلبي على أغلب الأنشطة الأساسية مثل حركة السفر والسياحة ما أثر بصورة سلبية وبدرجة لم يعهدها العالم منذ "الكساد الكبير" الذي ضرب الاقتصاد العالمي في العام 1929.

 

وقال عارف المهيري، المدير التنفيذي لمركز دبي للإحصاء إن ما جاء عليه الأداء الاقتصادي المحلي خلال الربع الأول من العام الجاري هو نتيجة طبيعية لتوقف دولاب العمل حول العالم وتأثر أغلب القطاعات الاقتصادية بالتدابير الوقائية التي سارعت دول العالم إلى تبنيها والتي استوجبت تعليق أنشطة تعد من الموارد الأساسية للاقتصاد العالمي ومن أهمها التجارة والسياحة والسفر.

 

وتابع: وهذه القطاعات تمثل ركائز أساسية لاقتصاد دبي كونها نقطة ربط أساسية لتدفقات التجارة العالمية وكذلك حركة المسافرين حول العالم، فضلا عن كون قطاع السياحة يمثل أحد مصادرها الرئيسية للدخل.

 

وأضاف: إلا أنه على الرغم من صعوبة الأزمة التي أفضت إلى تحقيق أكبر اقتصادات العالم لنتائج سلبية ضخمة خلال الربع الأول من 2020، استطاعت دبي بفضل مرونة اقتصادها وقدرتها على التعاطي بكفاءة مع كافة المتغيرات، في التعامل بنجاح مع هذه الأزمة العالمية بتقليل أثرها إلى الحد الأدنى مقارنة مع الاقتصادات الأخرى.

 

وكان صندوق النقد الدولي قد كشف عن توقعاته بتراجع الاقتصادات المتقدمة بنسبة 8% والاقتصاديات النامية بنسبة 3% في عام 2020 فيما كانت قد حققت نموا مقداره 1.7% و3.7% في عام 2019 على التوالي.

 

فيما توقع الصندوق، تراجع اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بنسبة 4.7% في عام 2020 بعد نمو بلغ 1% في عام 2019.

 

وهو الأمر الذي يبين أنه عند استقراء واقع الاقتصاد العالمي لعام 2019 وللربع الأول من العام الجاري فإنه يبين أن الأداء الاقتصادي لإمارة دبي يتبع نفس النهج في كلا الفترتين.

 

وذلك قياسا على أداء وظروف الاقتصاد الإقليمي والعالمي، مع تحقيق اقتصاد الإمارة نموا إيجابيا في العام 2019 إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي للإمارة 407,424 مليار درهم محققا نموا بنسبة 2.2% مقارنة بالعام 2018.

وعلق المهيري أن أداء عموم الأنشطة الاقتصادية يظهر بشكل واضح مدى المرونة التي يتمتع بها اقتصاد دبي إلى جانب السياسات الاقتصادية الرشيدة التي كان لها دور رئيسي في تحفيز النمو الاقتصادي خاصة في ظل الظروف التي كانت تسود الاقتصاد العالمي خلال عام 2019.

 

وكشف المهيري عن التأثر السلبي في أداء كل من نشاط التجارة ونشاط النقل والتخزين في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

 

وتابع: تراجع نشاط التجارة تراجع بنسبة 7.5%، وعلى الرغم من ذلك التراجع إلا أن نشاط التجارة استمر في المحافظة على نسبة المساهمة الأكبر في اقتصاد الإمارة حيث أسهم بمقدار 23% في مجمل الاقتصاد.

 

كما تراجع نشاط النقل والتخزين بنسبة 5.5% ودفع مجمل اقتصاد الإمارة نحو التراجع بمقدار 0.67% فقط مستفيدا من الخفض الكبير في تكاليف التشغيل وخاصة وقود الطيران.

 

واستمر كذلك نشاط النقل والتخزين في نسبة المساهمة العالية في اقتصاد الإمارة إذ ساهم بنسبة 12.1% وجاء ثانيا من حيث المساهمة، واعتبر المهيري بأن ذلك التأثر هو نتيجة طبيعية نظرا للدور المحوري للنشاطين في دعم الأنشطة الاقتصادية الأخرى ولارتباطهما المباشر بتعزيز التبادل التجاري مع دول المنطقة وبقية دول العالم.

 

وحقق النشاط العقاري نموا إيجابيا بنسبة 3.7% في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وقد أسهم بنسبة 8% في اقتصاد الإمارة خلال الربع الأول دافعا إياه نحو الإيجاب بمقدار 0.27% مما أسهم في تخفيف حدة أثر الأزمة العالمية على اقتصاد الإمارة.

 

ويقاس أداء القطاع على أساس الاستحقاق للفترة بقياس القيمة المضافة المتحققة خلال الربع من إيرادات الإيجارات المستحقة من العقود السارية إذ لم تتأثر تلك العقود بتداعيات الأزمة العالمية.

 

أما في العام الماضي فقد حققت الأنشطة العقارية نموا بنسبة 3.3% وساهمت بنسبة 7.2% من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي وبقيمة مضافة بلغت 29.4 مليار درهم مقابل 28.5 مليار درهم لعام 2018، مساهمة في مجمل النمو الاقتصادي المتحقق في الإمارة بمعدل 10.70%.

 

وأكد المهيري أن إمارة دبي تتمتع ببنية تحتية وخدمات لوجستية متميزة وذات مستوى استثنائي إضافة إلى منظومة تشريعية وإدارية جاذبة ومشجعة للاستثمار العقاري.

 

وأوضح، أن أداء النشاط يقاس من خلال المعاملات التأجيرية للعقارات إضافة إلى الهوامش المتحققة من عمليات البيع والشراء بالإضافة إلى العمولات المتحققة من الوساطة العقارية.

 

كما تراجع نمو نشاط الصحة بنسبة 3.7% خلال الربع الأول من عام 2020 في ظل توجيه معظم الإمكانيات الصحية لإجراءات مكافحة جائحة كوفيد-19 والتي أثبتت نجاعتها، في حين نما نشاط التعليم بنسبة 1.1% خلال نفس الفترة نتيجة استمرار العملية التعليمية من خلال وسائل التعليم عن بعد.

 

وكشف عارف المهيري أن قطاع الحكومة العامة حقق نموا بنسبة 0.6% خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي مساهما بنسبة 5.1% من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للإمارة ودافعا اقتصادها بمقدار 0.028%، مما أسهم في تخفيف أثر التراجع الاقتصادي في تلك الفترة.