كيف دفعت بريطانيا ثمن استضافة إرهابيين ليبيين في بلادها؟

عرب وعالم

اليمن العربي

أثار الهجوم الإرهابي في مدينة ريدينغ البريطانية، مجدداً الاتهامات لبريطانيا باحتضانها المتشددين، لتوظيفهم لخدمة أجنداتها، والتغافل عن خطرهم.

 

وأكدت تقارير صحافية كثيرة، أن بريطانيا "تدفع ثمن غض الطرف عن الإرهاب"، بعدما أقدم اللاجئ الليبي، خيري سعد الله، البالغ 25 عاماً، على قتل ثلاثة أشخاص طعناً في مدينة ريدينغ  في أحدث هجوم إرهابي ضد بريطانيا.

 

وأوضحت التقارير، أن الإرهابي لاجئ ليبي وصل إلى بريطانيا ولم يرحل بسبب "النزاع في ليبيا"، لكنه اعتقل 12 شهراً، ولفت انتباه وكالات الأمن والاستخبارات منذ 2019 بسبب محاولته السفر إلى سوريا عبر تركيا للقتال هناك ضمن جماعات مسلحة  خاضعة لمخابرات أردوغان.

 

وحذرت الحكومة البريطانية أمس الاثنين من التهديد المتزايد الذي يشكله المنفذون المنفردون للعمليات الإرهابية بعد الهجوم مساء السبت الماضي على المتنزه في ريدينغ، ووفقاً للمصادر الأمنية كان منفذ الهجوم معروفاً لدى أجهزة المخابرات.

 

وتضع مثل هذه الجرائم، بريطانيا في موقف حرج، لتغاضيها عن خطر التنظيمات الإرهابية على أرضها، مثل تنظيم الإخوان المسلمين، رغم التحذيرات الكثيرة، مثل تحذير النائب في مجلس العموم البريطاني إيان بيزلي، والذي طالب بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية في بريطانيا لتحريضه على الكراهية.

 

وفي ليبيا، تعمدت بريطانيا منذ سنوات طويلة، احتضان عشرات المتشددين والإرهابيين، ومنحهم، خاصةً في 2011، والأحداث التي شهدتها طرابلس والتي انتهت بسقوط معمر القذافي وانهيار نظامه، على يد مسلحين متمردين بينهم مئات اللاجئين السابقين في بريطانيا،  وفق صحيفة "ذي تايمز".

 

فتح هجوم ريدينغ من جديد ملف الإرهابيين الليبيين في بريطانيا، بعد هجوم 22 مايو (آيار) 2017، الذي ارتكبه الليبي سلمان العبيدي الذي فجر نفسه وسط الحشود في حفل بمدينة مانشستر، وقتل 22 شخصاً، بينهم 7 أطفال، فيما أصيب نحو 100 بجروح

 

والعبيدي مولود في مانشستر في 1994 لأبوين ليبيين، هرب والده رمضان العبيدي عنصر الأمن السابق الذي انشق على نظام القذافي وانضم إلى الجماعة الليبية المقاتلة بزعامة عبد الحكيم بالحاج، ليحصل على اللجوء في بريطانيا.

 

ووفقاً لتقارير صحافية، عرف عبيدي بتأثره بفتاوى مفتي طرابلس المعزول، والإخواني الهارب في تركيا، الصادق الغرياني الذي تجمعه علاقته وطيدة بابنه الحاصل بدوره على الجنسية البريطانية سهيل الغرياني، وصاحب قناة "التناصح" التي تمولها قطر للبث من تركيا، وهي إحدى القنوات المدرجة على القائمة السوداء للدول الأربع المناهضة للإرهاب، السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين، وكذلك من قبل البرلمان الليبي الشرعي في طبرق.

 

وكشف موقع "ميدل إيست أي" اعتراف حكومة المملكة المتحدة بوجود اتصالات مع جماعة مسلحة ليبية مرتبطة بمنفذ هجوم مانشستر سلمان عبيدي وعائلته خلال انتفاضة 2011 في البلاد ضد معمر القذافي.

 

وقال الموقع إن أجهزة الأمن البريطانية كانت تعتمد سياسة "الباب المفتوح" التي سمحت للمقيمين الليبيين والبريطانيين من أصل ليبي بالقتال في ليبيا في 2011 رغم أن بعضهم كان يخضع في السابق للمراقبة في إطار مكافحة الإرهاب.

 

ومن الأسماء البارزة التي مرت عبر بريطانيا، الإرهابي الإخواني البارز محمد عماري، عضو المجلس الرئاسي في طرابلس، وداعم لتنظيمي مجلس شورى ثوار بنغازي ومجاهدي درنة الإرهابيين.

 

وسبق لليبي العائد من بريطانيا، أن تولى في 2019 منصب وزير التعليم في حكومة الوفاق، في تأكيد من حكومة السراج على صلتها المتينة بالوجوه الإرهابية الدولية.

 

وتواجه بريطانيا منذ عقود اتهامات باحتضان الإرهابيين الليبيين، مثل أبو أنس الليبي، القيادي البارز في تنظيم القاعدة، والذي وضعه إف بي أي على قائمة أكثر المطلوبين لديه منذ 1998، لتورطه في تفجيرات القاعدة لسفارات أمريكية في كينيا وتنزانيا، ونجحت المخابرات الأمريكية في اعتقاله في طرابلس لكن مات قبل محاكمته في 2015، متأثراً بالسرطان.

 

أما أشهر الإرهابيين الليبيين فهو مؤسس وزعيم الجماعة الليبية المقاتلة ورفيق أسامة بن لادن في أفغانستان، عبد الحكيم بلحاج.

 

وفي 2008، اعتذرت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، رسمياً للإرهابي عبد الحكيم بلحاج، على دور مخابرات بلادها في اعتقاله بتايلاند في 2004، ونقله إلى ليبيا.

 

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي فى الرسالة الموجهة إلى الإرهابي عبد الحكيم بلحاج وزوجته فاطمة "نيابة عن حكومة صاحبة الجلالة، أعتذر لكما بلا تحفظ".

 

ويرى المحللون أن بريطانيا التي تحتضن عناصر إرهابية داخل أراضيها، وتعتبر نفسها عراب جماعات الإسلام السياسي في بلدانها، وارتبطت بعهود ومواثيق مع الإخوان والقاعدة، على أن لا يتعرضوا لها بالأذى، ولكن لندن اليوم تدفع من حين الى آخر، ضريبة احتضان الإرهاب.

 

وكان الجيش الوطني في ليبيا، اتهم بريطانيا في 2019 بدعم الميليشيات المسلحة، بعد دعوتها لاجتماع مجلس الأمن، حول ليبيا ووقف الهجوم على جماعة الإخوان الإرهابية، ونشر المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي أحمد المسماري يومها أن عشرات الإرهابيين من أصل ليبي يقيمون في دول أوروبية مختلفة، في طليعتها بريطانيا بنحو 190 إرهابياً.