أبو شمس .. عبدالله الجابري او الحضرمي الصعب !؟.( 2-2)

اليمن العربي

■ بعد ايام في جدة .. وفي شقة بالكندرة سكن للقادمين من الخريجين من الداخل و الخارج ،من ابناء حضرموت ، باسم الاخ د. عمر بامحسون ، التقيت بالأستاذ عبدالله بن صالح الجابري ـ للمرة الثانية مع بعض الاخوان ، برئاسة بامحسون في سكنه ، وكان يحضر مع بعض زملائه لإصدار "نداء الجنوب "  بعده ذهبت الي الرياض ،حيث سجلت للدراسة و العمل محاسب وامين صندوق في مطابع الشهري .. بالبطحاء ـ امام بلدية الرياض .

 

    صدرت صحيفة نداء الجنوب .. و بعد حدود السنة فوجئت بأبو شمس يقف أمامي والي جانبه الاخ فاروق صالح بن زيمة ـ يرحمهما الله ، وهو يقول يا صاحب "شعران " لم تسأل سألنا عليك ، نحن قدامك في فندق الشرق الاوسط ، كنا عند السيد : عبدالله الحامد ، و ضروري تجيئنا و سنذهب الي عند آل لحمدي ، حيث سيكون هناك لقاء ، حاولت الاعتذار بالدراسة ، رد بحزم مازح اليوم "ما با ينجحك" في انتظارك .

 

   استعرض هذه الواقعة.. لا قدم جانب من الشخصية القيادية ـ في تباسطها و تغليف جدها بأسلوب مازح ، في حزم  لا يقاوم ، تميزت به شخصية ابو شمس .

 

□ كان ذلك اللقاء اواخر1972.. و كان على موعد مع سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز .. وزير الدفاع و الطيران ـ يرحمهما الله، مساء اليوم الثاني ، ويريد من اللقاء الحضرمي استخلاص مواقف و اتجاهات ، في ذلك اللقاء ـ تعددت الطروحات التي تخللها بعض النقد لقيادة "جيش الانقاذ الوطني لحضرموت و المهرة " على اثر خلافات بين السيد :عبدالرحمن الجيلاني  وبعض اعضاء القيادة وعلى راسهم عبدالله سالم باعشن ، الذي انتصر له ،الامير خالد السديري امير منطقة نجران ، في الوقت الذي كان يميل فيه ،الاستاذ : الجابري الي الجيلاني لأسباب وطنية و سياسية ، يسانده الشيخ كرامة بن عاشور ـ المهري، الذي حضرمعه اللقاء ،  تركزت محاور القاء على عدم الدمج بين حضرموت و الجنوب ، حيث تبادر الي سمع الحضور ، وجود فكرة تشكيل وفد موحد للسفر الي ليبيا من مختلف القوى المعارضة لنظام الجبهة القومية في عدن ، ومع رفض الجمع لفكرة المشاركة في ذلك الوفد .. استطاع اقناعهم  بضرورة ذلك ،وان للسياسة مقتضيات تحتم مشاركته ، في ذلك الوفد الذاهب الي طرابلس للقاء العقيد : معمر القذافي ، بصبر القائد السياسي الباحث عن حضرموت في ذلك الجمع .

 

   ذهب الوفد الي طرابلس ..لمقابلة القذافي ، الذي ترك الوفد في حالة انتظار اكثر من اللزوم ، حتى خرج من مكتبه الصحفي اللبناني عبدالرزاق فرفور ، مما اثار حفيظة الاستاذ الجابري ـ الذي قاطع كلمة العقيد ..التي طالت ، قائلا له .. انت لا تتحدث الي فرافير سيادة العقيد ، نحن قيادات الجنوب العربي اتينا لنسمعك ماذا يحدث هناك على ايدي الشيوعين في عدن و حضرموت ، فاخذ  جل وقتك الفرفور.. واذا كان من خوف على امة العرب فمن هذه الفرافير ، الامر الذي اثار العقيد معمر ، ليتوتر جو الاجتماع  و يشتد النقاش ، الي الدرجة التي لم تنفع معها دبلوماسية الاستاذ : عبدالقوي مكاوي ولا غيره ممن بادروا الي محاولة تلطيف اللقاء بالعقيد !!.

 

     خرج الوفد من اللقاء بجملة وعود ، الا ان المفاجئة لم تتأخر فور وصل الجميع الفندق .. لم يمضي وقت حتى اتصلت المراسم الليبية  بالجابري ، لتبلغه طلب العقيد له منفردا العاشرة مساءا.. رغم توجس الجميع ذهب ابو شمس للقاء القذافي ، ولم يغادره  الا وقد تكونت لديه قناعات حول دور القذافي في العالم العربي .. ضمنها مقال تحت عنوان : راكب موتر سيكل لإزعاج الحي العربي ، ذلك التشبيه لم يأتي من فراغ ، وانما جاء نتيجة قراه مبكرة ، للدور الذي لم يتجاوز دور المراهق على مدي اربعة عقود على ظهر الموتر سيكل في ازعاج سكان الحي .

 

□□ في لقاء بالرياض .. جمع كلا من د. عمر بامحسون ، فاروق بن زيمة الكثيري ، حسن محمد بن منيباري ـ الكثيري.. وكان قادما يرحمه الله مع وفد الجبهة الوطنية المتحدة ـ التي تشكلت في اعقاب زيارة ليبيا .. كان الوفد على مائدة العشاء ، ولم يكن بينهم الاستاذ شيخان الحبشي ..و لا الجابري  ، فهم الجميع بالمغادرة ، في الحظة التي اقبل فيهاـ قادما من لقاء له مع سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز .. رحم الله الجميع .

 

     بعد السلام و المجاملات في مثل هكذا لقاء ..ابلغنا ان الاستاذ :شيخان الحبشي مع السيد : محمد علي الجفري ، فندق صحاري بلس ، اذا لا تريدونني ؟! ، فرد احد الاخوان ـ لعله الاخ بن منيباري قائلا :هي فرصة للتعارف بكم و معرفة مسارات هذه الوفود ؟.

 

    فطلب العوده والجلوس .. وباشر الحديث في اتجاه حضرموت ، وضرورة تطوير العمل السياسي ـ الحضرمي ، من خلال شرح ما طرحه على سمو الامير سلطان ، حيث قال : قلت له المملكة العربية السعودية كبيرة و تحاط بخصوم اقليميين كبار ، شاه ايران اذا "احتبى " في مضيق هورمز ، تحكم في مرور ناقلات النفط ، و سالم ربيع على مضيق باب المندب ، معزز ببحرية الاتحاد السوفييتي ، وموشي ديان يغسل رجوله  في قناة السويس ، المملكة محاطة بأعداء و محاصرة بالمضايق ... آلخ آلخ ـ ذلك الحديث ، الذي قاطعه الاخ منيباري بقولة من فوضكم تتحدثون باسم حضرموت ( هذه العبارة تترد اليوم ـ مع الاسف لكل من يتصدى لقضية حضرموت ـ رغم الفارق الزمني !!) ..انتفض يرحمه الله ، وقال اريد لا بناءكم وطن ، وهنا امعن الاخ حسن في الاستفزاز قائلا نريد نربي عيالنا على نحوا مختلف ، فقاطعه حتى " التان " تربي ابنها يا الكثيري ، وابن التان حمار ، في خدمة من يركبه ، اريدكم تربوا ابناءكم في وطن كريم ، لكي لا يتربوا مسلوبي الارادة ، او فاقدي الرجولة و القيم الحضرمية .. كانت جلسة رغم حدتها الا انها انتهت عند ضرورة عمل حضرمي ..... لم يقم مع الاسف ، فقد حورب الجابري من مختلف القوى الجنوب عربية و تلك الجنوب يمنية.. وبعض الحضارم مع الاسف .

 

□□□ استمر المناضل عبدالله بن صالح (الصقر) الجابري في نضاله بالقلم و الحركة كل ما أتيحت فرصة في اجوى عربية مشغولة بأعقاب هزيمة 1967 ، حيث كان يكتب في عدة صحف لبنانية منها الجديد و الحوادث ، الي جانب نداء الجنوب ، ولم يكن متفائلا بالتقارب العربي بعد حرب اكتوبر تجاه قضيته ، وكان يقلقه  دور الرئيس السادات  للتقارب بين السعودية و اليمن الديمقراطية ، في تلك الأجواء  التقاء في القاهرة  محمد صالح مطيع ، وزير الخارجية و تكرر اللقاء بمطيع  في جدة خلال زيارة سرية في منزل العيسائي بل والرئيس سالم ربيع علي ،اثناء زيارته للمملكة العربية السعودية مع بعض القيادات الجنوبية .. ولكن الجناح الرافض لتقارب الرياض ـ عدن ، كان يترصد الجابري .. الذي تحول الي الكتابة في مجلة إقراء التي يرأس تحريرها د. عبدالله مناع .

 

   وعلى صفحاتها اثار موضوع " مجلس الشورى ـ السعودي " داعيا الي اهمية تجديد دماءه خصوصا وان الألاف من الجيل السعودي المتعلم تدفع بهم الجامعات ، وهي أي السعودية قد استكملت اهليتها لقيادة العالم العربي و الاسلامي .. كان ذلك بعد وفاة الملك فيصل بن عبدالعزيز 1975.. فانبرى له الاستاذ : محمود عارف  عضو مجلس الشورى في ذلك الوقت ، فكانت معركة فكرية ، تخللتها بعض التجاوزات ذات المرامي العنصرية ـ الامر الذي معه اوقف الامير سلطان ـ تلك المعركة التي اخذت ابعاد كادت تصيب الاوساط الصحفية و النخب الفكرية ـ المثقفة بانقسامية ،وعصبوية غير مرغوبة.

 

□□□□ استمر التواصل بين جناح سالم ربيع علي .. ممثلا في الوزير المفوض عبدالله عبدالكريم الملاحي ، والسفير بانافع به، مما سهل لمسئول الاعمال الخارجية في جهاز امن الدولة لنظام عدن : علوي حسين فرحان ، التواصل بالجابري و رصد حركته ، وربما اخذ موعد للقاء به .. في فندق الرياض ـ شارع الريل .

 

  هناك خرج معه الي خارج الفندق .. والي سيارة الجابري لينظم اليهم اربعة رجال ، اثنان ركباء السيارة معهما و لحق الاخران بهما ، الي حيث أخذوه الي خارج الرياض ، الي منطقة صحراوية على جانب طريق خريص و قاموا بتصفيته 1976.

 

     ذلك ما ورد في افادة فرحان اثناء محاكمة الطغمة لعناصر الزمرة بحسب تسمياتهم  او تصنيفهما لبعضهما بعد مجازر عدن ..1986 او صراع القبائل الماركسية كما سماها احد الصحفيين البريطانيين ـ الذي كان على اليخت بريتينيا  الذي تولى اجلاء الروس من عدن ـ بعد اقل من ربع قرن .. رواء ذلك وزير داخلية النظام بعد1986، محافظ عدن لي في مقيل "جعفر بن عانوز" .. على اثر حديث معي عن الجابري ، اكد فيه صالح منصرالسييلي .. مقتل الجابري ، بعد ان سألني عن الفندق و شارع الريل و طريق خريص ..قائلا : كانت "نداء الجنوب " اكثر اقلاقا لنا من كل رموز المعارضة ـ التي وصلت عدن عام 1994.. وللتاريخ اقولها :ردد أمام الجميع ما أحوجنا اليوم الي امثال عبدالله بن صالح الجابري ؟!.

 

□□□□□رثاء الجابري الوسط الاعلامي السعودي .. على نحوا استثنائي ،الا ان محمود عارف اقام ولازم العزاء ولثلاث ايام ـ وأبن الجابري في مقالات ورد في احدها كم خسرت الجزيرة العربية .. برحيل الجابري ـ الحضرمي الصعب !؟.