البسطاء.. وصناعة الفارق

اليمن العربي

يلاحظ المتابع عن كثب لقناة «سي إن إن» الأمريكية دأب القائمين علىيها، وحرصهم على بث فقرة ثابتة حول الجهود المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات بهدف إفساح المجال أمام أفراد المجتمع لصناعة الفارق في أزمة جائحة «كورونا» التي تضرب العالم أجمع بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص. ولم يأت تكرار بث تلك الفقرات في مختلف الأوقات من قبيل الصدفة، وإنما بهدف تعزيز الطاقة الإيجابية لدى المتابعين – من جهة - حيث تعميق الإحساس لديهم بتضافر جهود الجميع للتخفيف من آثار الأزمة. ومن جهة أخرى، بهدف تحفيز المجتمع الدولي على المزيد من المساهمات سواء الفردية أو على مستوى المؤسسات الخيرية أو الشركات في تلك الجهود التضامنية. 

 

تخيل معي كيف يشعر المواطنون لدى متابعتهم لتلك الفقرات حيث يتم الإعلان - في إحداها - عن تبرع أحد البنوك البحرينية بـ10 مليون دولار لدعم العاملين في المجال الطبي، وعن قيام بعض المطاعم في مدينة برشلونة الإسبانية بتقديم وجبات مجانية إلى المستشفيات. وفي فقرة أخرى، يتم الإعلان عن تبرع شركة «أفلاك» الأمريكية للتأمين بـ5 مليون دولار لتوفير الإمدادت الطبية ومعدات الوقاية الشخصية، وعن تعهد شركة ليفي شتراوس «ليفايس» بمبلغ 3 مليون دولار لدعم موظفيها، وتعزيز جهود التخفيف من آثار الأزمة، فضلاً عن تأسيس بنك «باركليز» لصندوق إغاثة بقيمة 120 مليون دولار لمساعدة المجتمعات الهشة. من المؤكد أن الموطنين يشعرون بالطمأنينة لتأكدهم من استعداد القادرين على المساعدة.

 

على المستوى المحلي، ومنذ ظهور حالات الإصابة بمرض «كوفيد 19» في مصر، كثرت المطالبات بضرورة تفعيل دور منظمات المجتمع المدني، وتعزيز إسهاماتها لتتواكب مع الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد.  وقد تجلت الاستجابة لذلك في تنفيذ عدد من المبادرات سواء الفردية في صورة تبرعات من بعض رجال الأعمال، أو مؤسستية من بعض الجمعيات والمنظمات الخيرية.

 

 لقد أطلق «بنك الطعام المصري» حملة تحت اسم «دعم العمالة اليومية مسؤولية»؛ والتي تم من خلالها توزيع خمسة آلاف كرتونة طعام كدعم غذائي للعمالة غير المنتظمة. وتقدمت مؤسسة «مصر الخير» بمبادرة للدعم الوقائي؛ حيث ساهمت بتقديم المستلزمات الطبية والملابس الوقائية الخاصة بالأطباء والممرضين، بمستشفيات العزل والحجر الصحي والحميات، على مستوى الجمهورية. وبالإضافة إلى هذا، تم الكشف عن المبادرة المصرية لإنتاج خمسة آلاف جهاز تنفس صناعي؛ باستخدام التصميمات التي أتاحتها إحدى الشركات العالمية؛ وذلك بعد إنتاج نموذج تجريبي، وإجازته من وزارة الصحة. ورغم كل تلك الجهود، تُرى ما مدى تأثير تلك الإسهامات على جموع الشعب المصري؟! وهل أصلاً نجحنا في عرضها بالشكل اللائق الذي يبعث على الاحساس بالتضامن والتكافل، لا على الإحساس بالتفاخر؟!

 

تحتاج «صناعة الفارق» في تلك اللحظات إلى دور إعلامي استثنائي، يبرز تضافر الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية بشكل استثنائي، مع مساهمات منظمات المجمتع المدني، جنبًا إلى جنب مع المساعدات التي يقدمها المستثمرون، والدور الذي تعلبه كبرى الشركات العاملة في مصر في إطار مسئوليتها المجتمعية.

 

يحتاج المواطنون في مدن مصر وريفها، أن يعرفوا - من خلال فقرة توعوية، لا ترويجية - تُبث على جميع الفضائيات مرارًا وتكرارًا، تفاصيل تلك المساهمات، وأكثر! فضلاً عن إحتياجهم للإلمام بالمبادرات الفردية التي يقوم بها شباب مصر الواعي نحو مجتمعه. يحتاج البسطاء من أهالينا أن يروا، على الشاشات، والمواقع، وصفحات الجرائد، مساحات مخصصة لنماذج ناجحة من الشباب الذين يقومون بمبادرات مبتكرة لتوعية الأهل والجيران – في أزقة مصر وحاراتها - بالإجراءت الاحترازية الواجب اتباعها لمواجهة هذا الفيروس اللعين. فإن لم نقم بهذ الجهد الآن، فمتى؟