انتقام الجغرفيا

اليمن العربي

المجتمعات المتخلفة المتوحشة الجاهلة الغير متمدنة والفقيرة التي تكون بجانب مجتمعات متمدنة أو غنية غالبا ما تستولي عليها ،هكذا يتحدث روبرت كابلان في كتابة انتقام الجغرافيا ، روبرت كابلان لمن لايعرفه هو كاتب ورحالة جيوسياسي وكاتب وصحفي أمريكي يهودي الديانة اشترك في حرب 1973م ،وهو أيضا رحالة زار معظم مناطق الصراع في العالم ويعرف جغرافيتها جيدا وتركيبتها السكانية وطوائفها وعرقياتها وغيرها من التعقيدات التي يعيشها العالم .

كوبلان في رأيه أنه لايمكن فصل التاريخ عن الجغرافيا والحاضر حيث يرى أن التهديدات التاريخية لا تلبث أن تعيد نفسها بشكل أو بآخر إما بدافع التاريخ أو بواقع وواجبات الجغرافيا ،في رأيه أن أمريكا يجب تستوعب المكسيك حيث توجد كثافة سكانية وبيئة مكتظة ونسبة مواليد عالية لذلك يجب إيجاد حل لهم أو أنهم سيكونون سبب في سقوط الحضارة الأمريكية ..

إذا عدنا للتاريخ القديم سنجد أن الإمبراطورية الرومانية ورغم صراعها المرير مع الفرس إلا أن روما سقطت على يد البرابرة القادمين شمال غرب أوروبا ..

على سبيل المثال إذا نظرنا إلى شبه القارة الهندية سنجد أن الغزو يأتي دوما من الشمال الغربي حيث توجد القبائل الرعوية المحاربة والتي غزت الهند على مدى قرون ولم تتعرض الهند لغزو عبر حدودها الشرقية والشمالية أبدا ،أما إذا عدنا إلى منطقة الشرق الاوسط وأخذنا على سبيل المثال مصر فإننا سنجد أن الغزو دائما يأتي من الشرق وعبر سيناء بالتحديد فقد جاء الفرس والرومان والهكسوس واليونان والعرب وغيرهم من الاقوام ،سيناء ضلت مشكلة عصية عن الحل وهذا ماسنجده يتكرر وإلى اليوم , .

أما في جزيرتنا العربية لعبت الجغرافيا والتاريخ الدور الأبرز في تحديد مصير المنطقة ،فعلى مدى قرون كان اليمن أو "الجنوب " شبيه بالإناء كل ما امتلأ فاض وفي الغالب يكون الفيضان إلى الشمال فقد زحف اليمنيون إلى جهة الشمال على شكل أمواج بشرية وعلى مدى قرون ولم يحصل العكس في التاريخ ابدا .

شهدت فترات ماقبل انهيار السد هجرات عديدة لنصل الى مرحلة انهيار السد وتبداء موجه هجرة جماعية كان اثرها تاسيس مملكتي الغساسنه والمناذرة في كل من العراق والشام لنصل الى مرحلة الفتح الاسلامي ويبداء سيل جرار من الهجرات الى ان وصلنا للعصر الحديث دون ان نستطيع تجاوز اشكالية الجغرافيا والتاريخ .

نحن اليوم نقف امام بلد ذو كثافة سكانية وموارد محدودة وادارة فاشله .

نظرية كوبلان نراها تطبق بحذافيرها في منطقتنا العربية لذلك يجب وضع حلول منطقية ومعالجات سريعة مادمنا نستطيع ..وإلا علينا أن ننتظر انتقام الجغرافيا.