لماذا كان تنظيم "داعش" المستفيد الوحيد من فيروس كورونا

اليمن العربي

بينما ينشغل العالم بمحاصرة فيروس "كورونا" المستجد الذي ينتشر بسرعة كبيرة في الغالبية العظمى من دول العالم، تنظر التنظيمات الإرهابية، خاصة "داعش"، للأزمة العالمية الحالية كـ"فرصة" سانحة للعودة للواجهة، وتحرير سجنائها، وتجنيد المزيد من الأتباع، وأخيرا شن المزيد من الهجمات استغلالا لتراخي القبضة الأمنية.

 

النسخة الألمانية لـ"دويتشه فيله" نقلت عن مقال نشر على إحدى المنصات التابعة لتنظيم "داعش" على الإنترنت، في وقت سابق من مارس/آذار الجاري، أن كورونا المستجد "يعد معاناة مؤلمة للدول الصليبية" في إشارة للدول التي تشارك في التحالف الدولي الذي يكافح خطر التنظيم منذ 2014.

 

وتابع في منشوره: "الخوف يهدد الحياة والناس في الدول الغربية"، مضيفا: "العالم الغربي على شفا كارثة اقتصادية، وأسواقه تنهار، والحياة العامة في حالة جمود".

 

وبحسب دويتشه فيله، فإن تفشي "كورونا" المستجد وانشغال دول العالم بمواجهته، يعزز موقف "داعش"، مؤكداً أن الفيروس يؤثر بصورة كبيرة على عمليات مكافحة التنظيم الإرهابي، وأنشطة الاستخبارات لجمع المعلومات عنه وعن عناصره. 

 

وعلى سبيل المثال، أعلنت ألمانيا، أمس الأحد، سحب جزء من قواتها في العراق، بعد أيام من إعلان حلف شمال الأطلسي "الناتو" تعليق مهام تدريب الجنود العراقيين لمدة 60 يوما، بسبب تفشي فيروس كورونا.

 

كما أن تفشي الفيروس يقيد جهود الولايات المتحدة لمكافحة "داعش" في العراق، ويؤثر بشكل سلبي على جهود السلطات هناك في مطاردة عناصر التنظيم الإرهابي، وفق "دويتشه فيله".

 

وفي هذا الإطار، قال كولين كلارك، الخبير الأمريكي في شؤون التنظيمات الإرهابية، إن "جائحة كورونا تجذب كل تركيز وموارد الدول الغربية في الوقت الحالي، وبالتالي يتراجع التركيز على تحركات وأنشطة داعش".

 

وتابع: "هذا الوضع يفيد تنظيم داعش بشكل كبير، الذي يتمتع بحرية حركة خلال فترة تفشي الفيروس، وقدرة على إعادة تنظيم صفوفه وتجنيد أتباع جدد، وربما كذلك تنفيذ عمليات إرهابية في العراق وسوريا".

 

وحسب "دويتشه فيله"، فإن "داعش" يمكن أن يستفيد كذلك من تراخي القبضة الأمنية في تحرير مسلحيه من السجون العراقية والسورية. 

 

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هرب أكثر من 750 شخصا يشتبه في انتمائهم لـ"داعش" من مخيم عين عيسى في شمال شرق سوريا، أثناء انشغال قوات سوريا الديمقراطية في صد العدوان التركي.

 

كلارك، قال في هذا الإطار: "إذا انتشر الفيروس في شمال سوريا، سيضطر الأكراد إلى التركيز على مكافحته على حساب تأمين السجون التي يقبع فيها الآلاف من عناصر داعش، ما يمكن أن يسهل عملية هروبهم".

 

بينما يقول الباحث البريطاني أيمن جواد التميمي لـ"دويتشه فيله" إن "داعش" يرى في تفشي فيروس كورونا في العالم فرصة ويريد استغلالها بقوة.

 

ولا يتوقف تهديد التنظيمات الإرهابية، خاصة "داعش"، على نطاق وجودها في الشرق الأوسط فقط، إذ تتخوف الأجهزة الأمنية في دول أوروبية من استغلال "داعش" لانشغالها بأزمة تفشي "كورونا" المستجد، في ترسيخ وجوده فيها، وتجنيد أتباع جدد، وفق "دويتشه فيله". 

 

وفي الإطار نفسه، قال المسؤول السابق في الاستخبارات الخارجية الألمانية (بي إن دي) جرهارد كونراد، وهو أحد أبرز مسؤولي الاستخبارات الأوروبيين، لصحيفة "فيلت أم زونتاج" الألمانية، أمس، إن أزمة تفشي "كورونا" من الممكن أن تؤدي إلى إضعاف الهياكل الأمنية ومن ثم إعادة تقوية شبكات إرهابية، لا سيما في الدول الأكثر تضررا من الوباء.

 

ولهذا السبب، دعا كونراد إلى ضرورة الاستمرار في الضغط على أي هياكل إرهابية في ألمانيا وكذلك على مستوى العالم، ووضعها تحت الرقابة، خاصة في ظل الأزمة الراهنة.

 

بدوره، قال برند شميدباور، منسق شؤون الاستخبارات الأسبق بحكومة المستشار الألماني هلموت كول، للصحيفة الألمانية ذاتها: "سوف أكتب (للمستشارة الألمانية) أنجيلا ميركل خلال الأيام المقبلة وأناشدها زيادة أنشطة الهيئات الأمنية"، مشددا على ضرورة أن تهتم المستشارة الألمانية حاليا بتعديل ملف التكليفات الخاص بهيئة الاستخبارات الخارجية الألمانية (بي إن دي).

 

وأكد شميدباور أن "الخطر الناتج عن أي متطرفين أو إرهابيين يسعون لاستغلال مثل هذا الوضع لأهدافهم، يعد كبيرا"