"كورونا" واليمن... السلطة والشعب طينة واحدة

اليمن العربي

استشعار دول شرق آسيا بأهمية الكمامات والقفازات كاجراءات احترازية أولية لمواجهة انتشار وباء كورونا جعلها تطلق عليهما مسمى "التروس" لأنها باتت تدرك جيداً اننا نخوض معركة حياة أو موت في مواجهة الفيروس التاجي، الذي وصفه ترامب بالعدو الخفي، وكتاب ومفكرين بداعش الفيروسات الذي يجد مراعيه الخصبة في التجمعات بما فيها الدينية التي أدخلت ماليزيا في مواجهة ثاني موجة اجتياح من الفيروس بعدما اعتقدت أنها قد تخلصت من اثاره مبكراً، ويخشي أن تقود اندونيسيا من بوابة جزيرة بالي إلى أن تكون إيطاليا شرق آسيا في عداد الضحايا كوفيات وإصابات محتملة.

الحرب العالمية الثالثة التي تخوضها معظم الدول الكبرى والصغرى ضد "كورونا"، جعلتنا في اليمن نعي الحقيقة التي حاولنا تجاهلها مرارا وتكراراً، اسقطت قناع كنا نعتقد بأنه من صنع حكامنا فقط، ولسنا شركاء في قولبته ورسم حفرياته، ترسيخ الصورة النمطية السلبية عن المواطن اليمني، الذي لا يلتزم بالقوانين ويتعمد ضربها عرض الحائط ويتباهى بكسره للنظام واحتقار هيبة الدولة.

 كنا في الماضي القريب نحمل مسؤولية الإساءة لسمعتنا لزعمائنا وقادتنا الساسة، كنا نعتبرهم هم مصدر تعاستنا وضعفنا وفقرنا وجهلنا، لكن "كورونا" وحده أثبت أننا وولاة أمرنا خلية واحدة وانقسمت نصفين، نسخة طبق الأصل، ركزنا فقط على أنه بصلاحهم تصلح الرعية ونصل إلى بر الأمان، لكن إصلاح الرعية من منطق اخر لا يستقيم إذا كانت تعاني من العطب الفكري والشلل الإرادي والتوهان الذهني والتفسخ الأخلاقي، فهي بيئة الحكام الذين تسلموا زمام القيادة بعدما ترعرعوا في أحضانها، حكامنا لم يأتوا من الفضاء، لم يهبطوا علينا ببرشوت من السماء، هم ليسوا كائنات من فصيلة الزومبي، لكنهم أناس من طيتنا، كيف نحاول التبرؤ منهم ونحن ندعي فهم كلمات الخليفة عبدالملك بن مروان عندما قال تريدون منا أن نسير بكم بسيرة سادتنا أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وأنتم لا تسيرون بنا في سيرة رعية أبي بكر ولا رعية عمر، ارتقي بنفسك كمواطن فيرتقي من أمامك. الحكام إذاً إفرازات طبيعية للشعوب التي إذا لم تراعي مصالحها، لم تحافظ على سلامتها، لم تصون مقدساتها، فكيف تريدون الحكام أو الغرباء والدخلاء أن يقدروا قيمتنا، ويعلوا من مكانتنا التي هبطنا بها جميعاً إلى الحضيض. وكيفما تكونوا يولى عليكم.