خبراء ومراقبون يكشفون : كيف نهبت تركيا ثروات السودان؟

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف خبراء ومراقبون كشف نهبت تركيا ثروات الشعب السوداني عبر الحركة الإسلامية السياسية البائدة التي ارتكبت أكبر جريمة بحق اقتصاد السودان عندما سمحت لتركيا بالتغلغل فيه لنهب ثروات البلاد لصالح التنظيم الدولي للإخوان الإرهابي.

 

وشكل رجل الأعمال المقرب من الرئيس رجب أردوغان، أوكتاي شعبان حسني "أرجان" كلمة السر في نجاح تركيا في نهب أموال الشعب السوداني، عبر شبكات من رجال الأعمال والشركات الوهمية والخفية.

 

ودخل أوكتاي البلاد مطلع الألفية الثانية كتاجر أقمشة وملبوسات صغير، ليصبح خلال فترة وجيزة من أعتى الأثرياء الذين يشار إليهم بالبنان، وذلك بموجب تسهيلات مباشرة من أشقاء الرئيس المعزول عمر البشير.

 

وبحسب تقرير لموقع العين الإخبارية، يواجه أوكتاي المثير للجدل، دعاوى جنائية تتعلق بالتربح وتم القبض عليه بموجبها الشهر الماضي، قبل أن تفرج عنه النيابة السودانية بضمان ويغادر إلى تركيا، لكن قضيته عادت إلى الواجهة مجددا بعد تحريك ملفات جديدة ضده.

 

وبدأت لجنة التفكيك وإزالة التمكين التي شكلتها السلطة الانتقالية في السودان، تحركات عملية لإنهاء شبكات تركية تعمل في مجالات استثمارية مختلفة بطرق مشبوهة، وتنشط منذ سنوات في تدمير ممنهج لاقتصاد البلاد بمباركة من تنظيم الإخوان البائد.

 

وبحسب متابعات "العين الإخبارية" فإن اللجنة وضعت يدها على العديد من الملفات الخاصة بالشبكات التركية، خاصة أوكتاي بغرض تفكيكها واسترداد الأموال السودانية التي حصلت عليها دون وجه حق وتقديم مرتكبي هذه الجرائم المالية إلى محاكمات عادلة.

 

ويرى الصحفي السوداني، المختص في قضايا الفساد والمال العام، علي الدالي أن "ما قامت به تركيا في السودان خلال الـ10 سنوات الماضية على الأقل، يتركز في بناء شبكات لنهب ثروات الشعوب لتقوية التنظيم الدولي للإخوان".

 

وقال الدالي لـ"العين الإخبارية" إن "عملية نهب ثروات السودان من قبل أنقرة تمت بمباركة جماعة الإخوان، التي قدمت كل التسهيلات الممكنة لرجال الأعمال الأتراك ومنحتهم امتيازات استثمارية غير مستحقة، وعطلت لهم مشروعات حكومية حتى يتمددوا بصورة أضرت بالاقتصاد".

 

واستدل، بما حدث مع أوكتاي شعبان، الذي ساعده شقيق البشير "عبدالله" ونافذون في جماعة الإخوان الاستحواذ على عطاءات لمشتريات حكومية ضخمة ومنحه استثمارات في مجال الكهرباء ببورتسودان ومنطقة قري، والتي تدفع البلاد ثمنها الآن.

 

وبعد أن حركت السلطة الانتقالية بالسودان بلاغات جنائية بالتربح، قام أوكتاي بوقف إمداد البلاد بالكهرباء الشهر الماضي من البارجة التركية بالبحر الأحمر بحجة تراكم ديونه على الحكومة في أكبر عملية ابتزاز ترمي إلى تركه وعدم ملاحقته بملفات الفساد، وفق مراقبين.

 

وشدد الدالي على أن "ما حدث في قطاع الكهرباء جريمة كبرى تستوجب الملاحقة العاجلة لأن آثارها ما تزال ماثلة ويدفع فاتورتها السودانيين حاليا من خلال الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي".

 

ويمتد تغلغل أنقرة في جسد الاقتصاد السوداني إلى وجود شراكات خفية بين مستثمرين أتراك وعناصر إخوانية سودانية غير ظاهرة للعيان، بجانب احتكار صناعات مضرة بالاقتصاد لشبكات تركية، وهو ما يثير قلق علي الدالي وغيره من الخبراء.

 

ويقول الدالي: "عثرت لجنة إزالة التمكين على شركات ضخمة تتبع لأشخاص غير معروفين بينهم أتراك، وهو ما يؤكد وجود شراكات بينهم وعناصر تنظيم الإخوان البائد، ويجب الإسراع في تفكيكها حتى يتم قطع الحبل السري المغذي للتنظيم الإرهابي الدولي من السودان".

 

وإلى جانب الشركات الوهمية والخفية، فهناك 200 شركة تركية تعمل في مجالات إستثمارية مختلفة أغلبها في قطاع النفط والبترول، وهي بالطبع حصلت على تسهيلات من نظام الإخوان البائد.

 

وتبدو الشراكات الخفية للأتراك مع إخوان السودان الأكثر خطرا وتعقيدا، بحسب ما يراه المحلل السياسي أحمد حمدان، لكونها صعبة الاكتشاف والتفكيك.

 

ويقول حمدان لـ"العين الإخبارية" إن "هناك حلقات متراصة من الفساد في هذه الشركات الخفية بحاجة إلى تمحيص دقيق من لجنة تفكيك الإخوان وإزالة التمكين، وتتطلب تعاونا عاليا من أجهزة الدولة المختلفة لا سيما الأمنية والعسكرية حتى يتسنى اجتثاث هذه الشبكات المدمرة للاقتصاد السوداني".

 

وأضاف: "السودان في عهد النظام البائد كان مستباحا لعناصر الإخوان الإرهابي من شتى البقاع لا سيما تركيا، الشي الذي أدى لنهب ثرواته وتدمير قطاعاته الحيوية بغرض خدمة التنظيم العالمي".

 

ولم تتوقف تركيا عند حد الأعمال الكبيرة في السودان، بل تمددت لتسيطر واجهاتها الاستثمارية على الصناعات الحرفية والصغيرة في البلاد مما ترك آثارا سلبية على الاقتصاد السوداني، وفق الخبراء.

 

ويشير الصحفي علي الدالي خلال حديثه وفقا "العين الإخبارية" إلى أن "نظام البشير أغرق السودان بعناصر إخوانية تركية وخصص لها مشاريع استثمارية ذات طابع حرفي وليس إنتاجي كما يجب، كصناعة الطوب "بلوك" والكافتريات والمطاعم، والتي أسهمت في تدمير الاقتصاد الوطني.

 

وأضاف: "صناعة الطوب البلوك التي تنتشر في كل بقاع البلاد استنزفت موارد السودان من المياه الجوفية والإسمنت والرمل الجيد والحصى، دون عائد، بينما يقوم الأتراك بمعاونة رجال البشير بتحويل دخل هذه المصانع إلى عملات أجنبية ونقلها إلى أنقرة طيلة الفترة الماضية مما انعكس سلبا على الوضع المعيشي".

 

حلقة الوصل

وكان أوكتاي شعبان حسني، المقرب من أردوغان، حلقة الوصل بين الخرطوم وأنقرة خلال فترة حكم الحركة الإسلامية السياسية المعزولة، وتمكن من اقتحام مجالات استثمارية متعددة بمساعدة عبدالله البشير، شقيق الرئيس المعزول.

 

ولم يحتاج أوكتاي غير 9 سنوات ليكون رجل أعمال يشار له بالبنان وذاع صيته بعد أن تقدم بمساعدات مالية ضخمة لنادي المريخ الرياضي صاحب القاعدة الجماهيرية العريضة.

 

ووصل أوكتاي للسودان عام 2002م كتاجر أقمشة وملبوسات صغير، وبحلول 2011م، ظهر كرجل ثري، دون أن يعرف أحد مصادر ثروته وقتها.

 

وبحسب تقارير موثقة، فقد نهب أوكتاي مليارات الدولارات من السودان عن طريق صفقات مشبوهة وعمليات غسيل أموال لصالح التنظيم الدولي للإخوان، بمساعدة نافذين في الحركة الإسلامية السياسية.

 

وتنوعت أساليب اوكتاي في نهب ثروات السودان، فهو متهم بالتورط في استيراد تقاوي قمح فاسدة من تركيا للسودان عام 2013 بمساعدة وزير الزراعة السوداني وقتها عبدالحليم المتعافي، مما أكسبه ملايين الدولارات دون وجه حق.

 

كما فعل الشيء نفسه في المشتريات الحكومية حيث أنه متهم باستيراد مولدات غير مطابقة للمواصفات بمعاونة عبدالله البشير، شقيق الرئيس المعزول للحكومة السودانية.

 

ووفق مصادر سودانية واسعة الاضطلاع، فإن أوكتاي شكل حلقة وصل لتغلغل عشرات العناصر التركية الإخوانية داخل منظومة الصناعات الدفاعية السودانية ومواقع بالغة الحساسية وذات طابع أمني، بمباركة قيادة الحركة الإسلامية السياسية.

 

وأكمل شعبان حسني حلقة التآمر على ثروات السودان بعد أن توسط للرئيس المعزول عمر البشير منح جزيرة سواكن ذات العمق الاستراتيجي إلى أردوغان بذريعة إعادة تأهيلها عام 2017م، والتي ما تزال الوكالة التركية للتنمية تعمل بها.

 

وشدد المحلل السياسي حسن فاروق، على أنه حان الوقت لتفكيك الشبكات التركية التي ظلت تنهب خيرات السودان ودمرت اقتصاده بالممارسات الفاسدة المسنودة بواسطة الحركة الإسلامية السياسية.

 

وقال فاروق، خلال حديثه وفقا "للعين الإخبارية"، إن "على لجنة التفكيك الإسراع في استرداد الأموال التي نهبتها هذه الشبكات وإنهاء أي وجود تركي مشبوه في السودان لضمان عدم تغذية نظام الإخوان البائد والقيام بأعمال تخريبية".