احتجاجات واسعة في العراق رفضا لتكليف علاوي بتشكيل الحكومة‎

عرب وعالم

اليمن العربي

تشهد بغداد ومدن جنوب العراق، يوم الأحد، احتجاجات يشارك فيها شباب غاضبون مناهضون للحكومة؛ رفضا لتكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية، بعد أشهر من الاحتجاجات والشلل السياسي.

وأعلن عن تسمية علاوي رئيسا للوزراء، مساء السبت، بعد توافق توصلت إليه الكتل السياسية بشق الأنفس؛ بهدف الوصول لبديل عن رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، الذي استقال منذ شهرين تحت ضغط الشارع.

وتعيش بغداد ومدن جنوب البلاد ذات الغالبية الشيعية، منذ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، احتجاجات مطلبية؛ تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة وتسمية رئيس وزراء مستقل ومحاربة الفساد وملاحقة المسؤولين عن إراقة دماء المتظاهرين.

وتجري، الأحد، تظاهرات يشكل شباب غاضبون مناهضون للحكومة غالبية فيها؛ رفضا لتكليف علاوي الذي يؤكد أنه مستقل، بتشكيل الحكومة العراقية.

ويطالب المحتجون بتسمية رئيس وزراء مستقل سياسيا لم يعمل في الحكومة، ويعتبرون أن ذلك لا ينطبق على علاوي.

ففي مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، رفع متظاهرون، الأحد، لافتة بالقول: ”محمد علاوي مرفوض، بأمر الشعب“.

وأمضى شبان مقنعون، الليل وهم يشعلون إطارات سيارات في الشوارع التي ما زال عدد منها مغلقا الأحد؛ تعبيرا عن غضبهم من تكليف علاوي بهذا المنصب.

وفي مدينة الديوانية جنوب العراق، توجه متظاهرون إلى المقار الحكومية؛ للمطالبة بإغلاقها وتوقفها عن العمل، فيما بدأ طلاب مدارس ثانوية وجامعات تنفيذ اعتصامات.

وفي الحلة (100 كم جنوب بغداد)، قام متظاهرون بإغلاق طرق رئيسية وجسور بإطارات مشتعلة؛ احتجاجا على تولي علاوي رئاسة الوزراء، رافعين صورا منددة به وهم يهتفون ”علاوي ليس اختيار الشعب“.

مسيرات طلابية في بغداد

وتوافد مئات الطلاب إلى شوارع تؤدي إلى ساحة التحرير الرمزية، المعقل الرئيسي للاحتجاج في بغداد، حاملين صورا لمحمد علاوي وقد رسمت إشارة الضرب باللون الأحمر على وجهه.

وقالت المتظاهرة طيبة، الطالبة في كلية الهندسة (22 عاما): ”نحن هنا لرفض رئيس الوزراء الجديد؛ لأن تاريخه معروف ضمن الطبقة السياسية، لا غيرة لديه، ونحن نريد أحدا يغار على الوطن ويعمل من أجله“.

وبدأ علاوي مشواره السياسي عام 2003، عندما انتخب نائبا في برلمان ما بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، عقب الغزو الأمريكي للبلاد.

وقد عين وزيرا للاتصالات في 2006، واستقال في 2007، ثم عاد نائبا في 2008 ليخلف نائبة توفيت وفاز بعضوية المجلس في 2010 أيضا.

وفي العام نفسه، عين مجددا وزيرا للاتصالات في حكومة نوري المالكي، لكن تلك الفترة لم تكتمل، وطبعت سيرته السياسية باستقالته من الحكومة، في آب/ أغسطس 2012.

ويومها اتهم علاوي المالكي بغض النظر عن عمليات فساد يقوم بها مقربون منه.

وجاء تكليف علاوي في الوقت ”بدل الضائع“ للمهلة التي حددها رئيس الجمهورية برهم صالح للكتل السياسية لتسمية شخصية ترأس الحكومة، قبل أن يتخذ الرئيس نفسه قرارا أحادي الجانب.

وقال علاوي (65 عاما) في فيديو نشره عبر صفحته على ”فيسبوك“، متوجها إلى الشعب والمتظاهرين المحتجين باللهجة العراقية: ”الآن أنا موظف عندكم، وأحمل أمانة كبيرة.. وإذا لم أحقق مطالبكم، فأنا لا أستحق هذا التكليف“.

وأضاف: ”بعد أن كلفني رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، قررت أن أتكلم معكم قبل أن أتكلم مع أي أحد؛ لأن سلطتي منكم“.

وفي وقت لاحق، نشرت رئاسة الجمهورية فيديو لرئيس الجمهورية مكلفا علاوي، الذي تلا بعد ذلك كلمة تعهد فيها بتنفيذ مطالب الشارع، وخصوصا الانتخابات المبكرة وحقوق ضحايا التظاهرات.

وهنأ رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي علاوي في اتصال هاتفي، بحسب بيان صادر عن مكتبه.

الصدر يسعى لتقليص الاحتجاجات

وفي أول خطاب رسمي وجهه للعراقيين، تعهد علاوي بتنفيذ مطالب الشارع، وخصوصا الانتخابات المبكرة وحقوق ضحايا التظاهرات.

وأدى العنف إلى مقتل أكثر من 480 شخصا، غالبيتهم العظمى من المتظاهرين، منذ اندلاع التظاهرات في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، في بغداد ومدن جنوب البلاد.

وقال سجاد جياد، عضو مركز ”بيان“ ومقره العراق، إن أمام علاوي شهرا واحدا لتشكيل حكومته، لكن التحدي سيكون بضمان استقلاليتها.

وأوضح جياد: ”إذا تعلمنا شيئا من رئيس الوزراء السابق، فهو أن الأمر الأصعب، هو التراجع عن مطالب الكتل السياسية“.

ويجري تشكيل الحكومة في العراق عبر مفاوضات ماراثونية معقدة تجريها الأحزاب السياسية لتوزيع المناصب الوزارية، بما يضمن مصالحها، بالاستناد إلى المقاعد التي تشغلها في البرلمان.

ويرى جياد أنه إذا فشل علاوي في معارضته لمرشحي الوزارات الذين تقدمهم الأحزاب، فإنه ”سيؤكد ما يقوله المحتجون“ عن ولائه للفصائل.

ويعد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي رحب بتكليف علاوي واعتبره ”خطوة جيدة“، أحد أقوى اللاعبين السياسيين في العراق.

وأكد الصدر عندما أيد الاحتجاجات، في تشرين الأول/ أكتوبر، أن أتباعه هم الأكثر تنظيما وتجهيزا بين المتظاهرين المناهضين للحكومة.

لكنه طالب أنصاره، الأحد، بالتعاون مع قوات الأمن لإعادة فتح المدارس والشوارع، وهو عكس ما يقوم به المحتجون في عموم العراق.

وقال الصدر في رسالة عبر ”تويتر“: ”لا بُد من إرجاع الثورة إلى انضباطها وسلميتها“.

واعتبر المحتجون رسالة الصدر ودعمه لعلاوي خيانة، وهتفوا في ساحة الطيران وسط بغداد: ”مرفوض بأمر الشعب لا تغرد إنت بكيفك“، وأخرى: ”ثورة شبابية ما حد قادها“.