لماذا أفرجت بريطانيا عن ناقلة النفط الإيرانية

عرب وعالم

صورة أرشيفبة
صورة أرشيفبة

في ظل العلاقات السياسية القوية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون، اصطدمت واشنطن بقرار سلطات جبل طارق الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1".

أفرجت حكومة جبل طارق عن السفينة، الجمعة الماضية، بعد أن تعهدت طهران بعدم تسليم الوقود لمصفاة نفط سورية تخضع للعقوبات الأوروبية، فيما رفضت الحكومة طلبا أمريكيا بمصادرة ناقلة النفط الإيرانية.

وفيما أعلنت واشنطن أسفها من قرار الإفراج، رحب الاتحاد الأوروبي بمساعي خفض التوترات بين إيران وبريطانيا، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات حول الأسباب، التي دفعت بريطانيا للإفراج عن السفينة رغم لهجتها التصعيدية السابقة. الإفراج عن السفينة قال الدكتور عادل درويش، المحلل السياسي والصحفي المعتمد لدى مجلس العموم البريطاني، قال إن "احتجاز الناقلة الإيرانية لا علاقة له بأمريكا، بل كان تنفيذا لقرار مقاطعة وحصار من جانب الاتحاد الأوروبي". 

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن طاقم الناقلة لجأ إلى محكمة جبل طارق، وقدموا إليها رسالة ضمان على الأوراق الرسمية للجمهورية الإيرانية بأن الحمولة لن تصل إلى أي بلد في قائمة المقاطعة التجارية للاتحاد الأوروبي".

وأكد أنه "في حال خالفت السفينة ذلك فيما بعد، سيكون انتهاكا لقرار المحكمة، وستتخذ موانئ 28 بلدا في الاتحاد إجراءات ضد السفن الإيرانية". 

وبشأن موقف أمريكا، قال إن الإدارة الأمريكية لم تتقدم بطلب يتضمن أوراقا قانونية لمحكمة جبل طارق، وبالتالي لا يوجد سند قانوني لمنع الناقلة من التحرك، مضيفا: "مشكلة أمريكا أنها تدرج الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية وهو ما لا تعترف به المحاكم الأوروبية". 

وعن محاولات أمريكا لإيقاف السفينة، أضاف: "يجب أن تعثر إدارة ترامب على سبب قانوني يقنع أي ميناء أوروبي باحتجاز السفينة الإيرانية".

وبسؤاله عن كيفية الإفراج عن السفينة رغم العلاقات القوية بين جونسون وترامب، أجاب قائلا: "الناقلة مسألة قانونية، والعلاقة بين جونسون وترامب سياسية خارج إطار القوانين".

من جانبه قال الدكتور مأمون فندي، مدير برنامج الشرق الأوسط وأمن الخليج بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: "الأوروبيون بشكل عام لا يرون خطورة إيران بذات العين الأمريكية". وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك": "هم يرون أن ترويض إيران أفضل من مواجهتها، لأن ثمن المواجهة وتبعاتها على الأمن الإقليمي أشد خطورة على أوروبا، وأن أمريكا بعيدة جدا عن أي ثأر إيراني محتمل".

وفي السياق ذاته، قال محمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن "إفراج بريطانيا عن الناقلة الإيرانية المحتجزة، كان متوقعا بشكل كبير، في ظل محاولات الحكومة البريطانية الابتعاد عن فتح أي جبهات جديدة، خصوصا مع إيران".

وأضاف لـ "سبوتنيك": "طهران تتحكم في أمور كثيرة متعلقة بالمصالح البريطانية عند مضيق هرمز، وفي جنوب الخليج العربي وشمال بحر عمان، وتلك المنطقة الحيوية والمهمة جدا للندن، التي تمر منها مصالح متعددة لبريطانيا".

واستطرد "بريطانيا ليس لديها جاهزية قيادية سياسية ولا عسكرية للدخول في أي نزاع عسكري مع إيران"، مشيرا إلى أن "البوارج والفرقاطات البريطانية حاولت بالفعل التدخل في تلك المنطقة لحماية الناقلات لكنها لم تفلح".

وتابع "من جانب آخر، فإن مسألة انتقال السلطة في لندن بعد استقالة تريزا ماي، وتعيين بوريس جونسون لا يمكن لبريطانيا اتخاذ القرار السياسي السليم، وعلى درجة عالية من الأهمية مع دولة مثل إيران".

وتابع "تحدثت في السابق أن هناك انفراجة قريبة بسبب الضغط الدائم من قبل الإيرانيين، والدليل على ذلك أن بريطانيا لم تصطف مع أمريكا في عملية الحارس المتعلقة بحماية الملاحة في تلك المنطقة".

وأوضح "إيران نجحت بشكل كبير في الضغط على بريطانيا واستغلال حالة السيولة السياسية في مقر رئاسة الوزراء، التي مكنتها الخروج من هذه المشكلة بشكل دبلوماسي، ربما يحقق لها مكاسب كبيرة أمام الرأي العام الداخلي".

انتصار إيراني بدوره قال محمد غروي، الإعلامي والمحلل السياسي الإيراني، إن "مشكلة احتجاز السفينة الإيرانية من قبل بريطانيا ليست تقنية بل كانت سياسية من الدرجة الأولى، وكانت لندن تريد إرغام طهران لتقديم تنازلات، ليس رغبة منهم، بل كانت هناك ضغوط أمريكية أوقعت البريطانيين في هذا الفخ".