باحث سياسي بفرنسا: مقاطعة الدوحة غير كافية ويجب محاكمة النظام القطري

عرب وعالم

تميم بن حمد
تميم بن حمد

اعتبر رئيس المركز الدولى للدراسات الجيوسياسية والإستشرافية بباريس، الدكتور مازرى حداد، أن مقاطعة قطر غير كافية وأنه على المجتمع الدولى أن يحاكم حمد بن خليفة آل ثانى وابنه وزوجته ووزيره السابق حمد بن جاسم أمام القضاء الدولى بتهمة التحريض على الإرهاب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.


وحول تقييمه للجهود الإقليمية والدولية للتعامل مع قطر فى ظل استمرار رفضها لمطالب الدول الداعية الى مكافحة الإرهاب، قال مازرى حداد إنه عادة ما تنتهى الأزمات بين الدول المتحضرة بحلول دبلوماسية وتوافقية ترضى جميع الأطراف المتنازعة، أما فى الأزمة الحالية ونظرا لتعنت وتلاعب ووقاحة الكيان القطرى، فقد فشلت كل الجهود الدبلوماسية والمساعي.


جاء ذلك فى حوار أجراه مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس مع مازرى حداد ـ الذى شغل سابقا منصب سفير تونس بمنظمة اليونسكو ـ وذلك على هامش الندوة التى نظمها مؤخرا فى باريس حول (الاستثمارات القطرية فى أوروبا بين السياسة والإرهاب) لكشف أبعاد وخفايا الاستثمارات القطرية فى أوروبا.


وأضاف "وقد كان الرفض الأخير للكيان القطرى متوقعا لأن حكام ولا أقول حكماء قطر اختاروا المراوغة والتعنت والتصعيد منذ اللحظة الأولى للأزمة، عوضا عن الحوار الصريح المبنى على الاعتراف بالأخطاء، بل الذنوب فى حق الشعوب والدول العربية التى سعى ولا يزال يسعى الكيان القطرى الى تفتيتها وزعزعة أمنها واستقرارها".
وتابع :" لقد اختارت الدوحة منذ بداية الأزمة سياسة الفرار إلى الأمام والركض نحو المجهول وقدمت نفسها لدى الغرب والشرق فى ثياب الضحية المسكينة والمستهدفة ، والأخطر من ذلك وضعت نفسها تحت حماية تركيا الإخوانية وإيران الخومينية وهى التى تتشدق بسيادتها الوطنية، وفى هذا الانزلاق نحو الحماية التركية والإيرانية المباشرة دليل قاطع وبرهان ساطع يدل على النوايا الخبيثة والخطيرة لحكماء قطر وحلفائهم الذين أسقطوا الأقنعة وخرجوا عن التقية".


وقال مازرى حداد " كان من المفترض أن تكون مطالب الدول الداعية الى مكافحة الارهاب رادعة لإرجاع قطر إلى الصفوف العربية ولمنظومة مجلس التعاون الخليجى وإجبارها على التخلى عن دعم الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، لكننا لا نستغرب ردود الدوحة ، فقد اختارت التعنت والتصعيد فى ظل الحماية العثمانية الجديدة والحصانة الفارسية بدلا من العربية".


وعن المستفيد من هذه الأزمة ، أشار إلى تركيا وإيران ، قائلا " من الواضح أنهما المستفيدتان من هذه الأزمة ، فهما المتورطتان أيضا فى دعم الإرهاب وبث الفتنة والشقاق فى العالم العربى والإسلامي".


وأضاف " أما المستفيد الثالث فهى إسرائيل بطبيعة الحال، لأن العلاقات بين الكيان الصهيونى والكيان القطرى مكشوفة ومعلومة ، فسياسة قطر تذكرنى بالظاهر والباطن فى فلسفة المعتزلة ، تزعم قطر ظاهرياً الدفاع عن قيم الإسلام الحميدة والسمحاء وبثها والتعريف بديننا الحنيف المعتدل والمسالم، أما باطنياً فهى تخرب الدين بالسياسة وتخرب السياسة بالدين ، وأعتقد جازماً أن فى دعمها الإسلام كسياسة ، استراتيجية خبيثة لتدمير الإسلام كعقيدة ، لننظر الى ما يحدث اليوم فى سوريا والعراق واليمن وليبيا من قتل المسلمين على أيادى المسلمين.


وحول موقف مصر من هذه الأزمة فى ظل إصرار تنظيم الحمدين الحاكم فى قطر على إيواء ودعم جماعة الإخوان وتنظيمات إرهابية أخرى، قال مازرى حداد " فى الواقع ؛ مثل الموقف المصرى موقف الأخ الكبير والرشيد تجاه الابن المراهق والطائش، فمصر كبيرة بحجمها التاريخى والجغرافى والحضارى والجيوسياسى ، بينما الكيان القطرى صغير بكل المقاييس".


وأضاف إن "تنظيم الحمدين" لا يخفى عداءه المعلن والمتواصل لمصر شعبا وقيادة منذ سنوات ويرعى الإرهاب ابتداء من جماعة الإخوان ووصولا إلى القاعدة ومرورا بداعش ومشتقاتها ، وإن موقف مصر والسعودية والإمارات والبحرين واليمن حتمى وإجبارى وعادل.


وحول أبرز النقاط التى جرت مناقشتها خلال الندوة التى نظمها مؤخراً بباريس حول مخاطر الاستثمارات القطرية فى فرنسا، قال إن المنظم للندوة كان المركز الدولى للدراسات الجيوسياسية والاستشرافية الذى أتشرف برئاسته ، وكان بالتعاون مع المركز الفرنسى للبحث والمخابرات الذى يديره الخبير الفرنسى ايريك دونيسي، وموضوعها كان الاستثمارات القطرية فى أوروبا بين السياسة والإرهاب.


وأضاف " أردنا محاولة الكشف عن الأبعاد والأهداف المختلفة للاستثمارات القطرية فى أوروبا ، وأثرها على سياسة الدول المضيفة، ومدى توظيف عائدات الاستثمار فى دعم الإرهاب والتطرف وخلق حالة من عدم الاستقرار".


وتابع "تم طرح تساؤلات عن حقيقة الاستثمارات القطرية فى فرنسا، وتوظيف قطر لاستثماراتها الاقتصادية للتأثير فى سياسات دول أوروبا لخدمة مصالحها وأهدافها السياسية، وكذلك توظيف قطر عائدات الاستثمار فى أوروبا لدعم حركات الإسلام السياسي، والتنظيمات المتطرفة، وإحداث حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة، ومدى امتلاك دول الاتحاد الأوروبى وتحديداً بريطانيا وفرنسا القدرة على التخلى عن الاستثمارات القطرية لصالح استقلالية سياساتها ومواجهة الإرهاب والدول الداعمة له، وحقيقة هيمنة قطر على الإسلام فى أوروبا وتحديدا فى فرنسا عبر تمويل شبكة الإخوان المسلمين".


وأشار إلى أن "أجوبة المحاضرين من خبراء أمنين ورجال سياسة وصحفيين فرنسيين اتجهت لإثبات وتأكيد دور قطر وأموالها الفاسدة فى بث الفكر الإخوانى فى أوروبا والعالم الإسلامي، وفى دعم الإرهاب ماديا وأيديولوجيا ولوجستيا فى العالم وتحديدا فى الشرق الأوسط وأوروبا".
وأوضح مازرى أنه خلال الندوة، اتفق وزير الخارجية الفرنسى الأسبق رولان دوما، مع المدير العام السابق للمخابرات الفرنسية السيد ايف بوني، على أنه يجب على فرنسا مراجعة علاقاتها مع قطر شكلا ومضمونا".


يذكر أن الدكتور مازرى حداد أسس المركز الدولى للدراسات الجيوسياسية والاستشرافية ، ونظم ندوات فى باريس ومدينة نيس دعا إليها نخبة من رجال الفكر والسياسة والإعلام والمخابرات ومراكز البحوث.