البخيتي: التحالف المرحلي بين الحوثيين مع المخلوع سينتهي بهذا الشئ

أخبار محلية

اليمن العربي




اعتبر القيادي الحوثي المنشق علي البخيتي، أنه بعد عامين من الحرب في اليمن، وبالمقاييس الوطنية والأخلاقية، فإن جميع الأطراف خاسرة، غير أن الخاسر الأكبر هو اليمن وطناً وإنساناً، كاشفاً تفاصيل الصراع الدائر وكيف نزل الحوثيون من جبال صعدة حتى وصلوا إلى صنعاء وتحالفوا مع عدوهم بالأمس المخلوع علي عبدالله صالح، وفقاً لصحيفة "العرب" اللندنية.
واستهل السياسي المثير للجدل في المشهد اليمني، حديثه من نقطة ارتباطه الفكري ثم السياسي بالجماعة الحوثية، والتي مرت بمنعطفات حادة، وعن إرهاصات انضمامه للحوثيين.

وقال البخيتي: "كنت من المُتعاطفين مع مؤسس جماعة الحوثيين حسين بدرالدين الحوثي لكني لم أؤمن بالأفكار ولا بالمشروع الذي روج له، كوني يسارياً وعلى النقيض من كل تيارات الإسلام السياسي، وأنظر للتقاليد الدينية باعتبارها منظومة عادات وتقاليد وأفكار مجتمعية، وكل شخص وكل منطقة أحرار في تبني وإحياء والتفاعل مع أي موروث ديني".

التعامل مع الحوثيين
كشف البخيتي أن البداية كانت من خلال استقدامه لصحافي بريطاني يعمل لقناة تلفزيونية أمريكية اسمه وليام ماركس، وإدخاله اليمن باعتباره سائحاً، وكان المخطط أن يزور صعدة ويلتقي بعبدالملك الحوثي لاعداد تقارير مصورة وبرنامجاً عن الحركة وأهدافها السياسية وتوجهاتها العقائدية وما تتعرض له من مظالم وتدمير للمناطق التي يعيش فيها الحوثيون.

وأضاف "تم اعتقالنا قبل أن نصل إلى وجهتنا، وسجنت في مكان تابع للأمن السياسي في مايو (أيار) 2008 بجوار غرف كان مسجون فيها عدة أشخاص من أسرة بدرالدين الحوثي، ومنهم (عم عبدالملك) و(رئيس اللجنة الثورية الحوثية)، وآخرون من أحفاد بدرالدين الحوثي. ومن هنا بدأت العلاقة المباشرة، وبعد خروجي من السجن ذهبت إلى صعدة وتعامل معي الحوثيون باعتباري مجاهداً معهم".

واجهة سياسية
وتحدث البخيتي عن آلية اتخاذ القرار في الجماعة الحوثية ودور المجلس السياسي في الجماعة موضحاً، أن المجلس السياسي للحركة هو جناح سياسي لا علاقة له بالأمور الميدانية أو العقائدية، بل كان مختصاً بالملف السياسي مثله مثل حزب "الشين فين" في أيرلندا حيث كان جناحاً سياسياً للجيش الجمهوري الأيرلندي.

وكان المجلس السياسي من يدير فريق الحوثيين في الحوار ويصبغ رؤيتهم السياسية في مختلف القضايا بالتشاور مع قائد الحركة عبدالملك الحوثي، الذي كانت له سلطة القرار النهائي، بمعنى أن سلطة المجلس لا تتعدى تقديم المشورة فقط، كذلك كان مظلة لتحركاتهم السياسية ولقاءاتهم مع القوى والأحزاب اليمنية والسفراء والمنظمات الأجنبية، لكن المجلس لا يستطيع اتخاذ قرارات في أي ملفات أخرى للحركة، بل لا علاقة له مطلقاً بأي ملفات خارج الحوار وتلك اللقاءات.

انتهى دور المجلس الاستشاري في الشأن السياسي عند دخول الحوثيين صنعاء في 21 سبتمبر (كانون الأول) 2014، لم تعد للمجلس أهمية بعد صعود نجم الجناح الأمني والعسكري، وأصبح واجهة ديكورية لا تقدم ولا تؤخر في قرارات الحركة.

ويوضح البخيتي: "شعرت بعد 21 سبتمبر (كانون الأول) أننا لم نعد شركاء في القرار السياسي المتعلق بالحوار وتطبيق مخرجاته أو بكيفية التعامل بعد واقعة دخول صنعاء، بل كان يراد لنا أن نبرر ما يقوم به الجناح الأمني والعسكري من انتهاكات بحق اليمنيين والمكونات السياسية المعارضة ومؤسسات الدولة".

وأكد علي البخيتي صحة ما يطرح عليه حول فرضية فقدان عبدالملك الحوثي السيطرة عملياً على المجاميع المسلحة الحوثية التي باتت كل واحدة منها تأتمر بقائد ميداني.

وقال: "إن الفساد أصبح هو المحرك الأول للحركة والجاذب للكثير من الشخصيات النافذة والانتهازية للانضمام لها وموالاتها سياسياً، ودفع الشباب للقتال في صفوفها، وأي قرارات بالإصلاح أو وقف تجاوزات وانتهاكات البعض قد تطيح بالحركة التي لم يعد من جاذب لها غير ما تقدمه من غطاء للمفسدين وللفساد وعمليات النهب والسلب وغسيل الأموال ومختلف الأنشطة المنوعة".

ويشير إلى أن هناك صراعات داخل الأجنحة الأمنية والعسكرية مدفوعة بالمصالح التي توفّرها السيطرة على المربعات وبالأخص التي توجد بها كثافة سكانية حيث يتنافس الكثيرون على أموال الجباية وعلى مصادرة أموال الخصوم والمعارضين السياسيين والعبث بهم.

صالح والحوثي
وكقيادي حوثي سابق ومقرب من علي عبدالله صالح في الوقت الحالي يقول البخيتي: "نظرية المؤامرة يتفنن فيها المطبخ الإعلامي للإخوان المسلمين (حزب الإصلاح)، مع أنهم كانوا شركاء لعلي عبدالله صالح لأكثر من ثلاثة عقود، وكان رئيسهم محمد اليدومي ضابط استخبارات عنده، ورئيسهم الأسبق عبدالله الأحمر من أعمدة حكم علي عبدالله صالح وأقوى حليف له”.

وأضاف: "علي عبدالله صالح حارب الحوثيين بجدية وكان يتمنى استئصالهم ولا يزال لولا حاجته الآنية لهم، فقد قتل قائدهم حسين الحوثي وأكثر من 12 فرداً من أسرته، إلا أن علي عبدالله صالح وأثناء حربه معهم كان أكثر حرصاً على وحدات الحرس الجمهوري بقيادة نجله أحمد، وكان يدفع الوحدات المحسوبة على علي محسن، فإن انتصرت فهي تنتصر لنظامه وإن خسرت وأجهز عليها الحوثيون فهي خصم من وحدات عسكرية يصنّفها منافسةً لنجله أحمد ومعارضة لمشروع التوريث الذي كان علي عبدالله صالح قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه لولا تفجر أحداث الربيع العربي، كما استغل الرئيس اليمني السابق حروب صعدة لابتزاز دول الخليج".

تحالف مرحلي
عن مستقبل التحالف القائم اليوم بين علي عبدالله صالح والحوثيين يوضح علي البخيتي "تحالف صالح الحوثي مرحلي فرضته الأحداث المحلية والتدخلات العسكرية الإقليمية، ممثلة في عاصفة الحزم والتحالف الذي تقوده السعودية، وهناك مناوئون داخل كل طرف للتحالف وهم في المؤتمر أكثرية باعتقادي، لكن مصلحة علي عبدالله صالح هي المحرك الأهم لتحالفه مع الحوثيين".

ويتوقع السياسي اليمني أن "يستمر التحالف طالما استمر الاستهداف المشترك للطرفين، لكنه سيتفكك فور تغير الأوضاع السياسية لأن هناك سخطاً هائلاً داخل المؤتمر، فذلك التحالف هو الذي جعل المؤتمر تابعاً للحوثيين وشريكاً في الصورة فقط لا شريكاً في السلطة".

خلاف عميق
ولفت البخيتي إلى وجود خلاف عميق بين علي عبدالله صالح والحوثيين بالفعل، لكنه يستبعد أن يتطوّر إلى مرحلة الصدام العسكري، قائلاً "هناك خلافات عميقة تصل أحياناً إلى درجة التهديد بفك التحالف فيما يتعلق بالشراكة في المجلس السياسي الأعلى والحكومة، وليس فيما يتعلق بمواجهة عاصفة الحزم وحلفائها اليمنيين، فذلك تحالف مصيري بالنسبة للطرفين لن ينفك إلا بتوقف العاصفة وحدوث تسوية سياسية تغير الملعب والأدوات".

وأضاف "مع كل الخلافات لن يتحول أيّ صراع بين المؤتمر والحوثيين إلى صدام مسلح، وسيكون أكبر مظاهره انسحاب المؤتمر من السلطة الانقلابية الممثلة في الحكومة والمجلس السياسي الأعلى، لكنه لن يتحول إلى مواجهات عسكرية لأن الميزان العسكري مختل لفائدة الحوثيين حيث يمكنهم حسم أيّ معركة مع علي عبدالله صالح خلال ساعات، وسيكون الرئيس اليمني السابق عندها رهن الاعتقال أو سيتم قتله أو يضطر للاختباء وتلك سيناريوهات لا أتوقع حدوثها من الأساس".