الرئيس علي ناصر يكتب في رثاء الشيخ باثواب

أخبار محلية

علي ناصر محمد
علي ناصر محمد

كتب الرئيس الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، مقالاً، رثى فيه نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية في عدن، ورجال الأعمال المعروف الشيخ صالح باثواب، الذي وافاه الأجل قبل أيام إثر مرض عضال الم به .

وقال ناصر في مقاله الذي حمل عنوان "مال في غير بلدك" : كان أول لقاء لي بالشيخ صالح باثواب في عدن مطلع العام 1972م، في مكتبي وكنت حينها رئيساً لمجلس الوزراء في حكومة اليمن الديمقراطية.. فإذا بي أمام رجل نحيل، ضئيل الجسم، قصير، لكن عيناه تتقدان ذكاءً، وبعد أن استمعت إليه وجدته رجلاً ملئاً بالأمل والطموح، والرغبة في خدمة وطنه .

وأضاف أنه كان قادماً من تنزانيا حيث كوّن ثروته، والتي هاجر والده إليها ذات قرن، كغيره من الحضارم الذين حملتهم البحار وأحلام المغامرة إلى شرق أفريقيا، كما حملتهم من قبل إلى شرق آسيا حيث نشروا الإسلام عبر التجارة وحسن المعاملة حتى صار عدد المسلمين فيها اليوم تجاوز المليار نسمة … كما ساهموا في تطوير وتعمير بعض دول المنطقة.

وتابع "إلى عدن، جاء صالح باثواب الذي وافته المنية في مستشفى بالأردن في الثامن عشر من فبراير الحالي، للاستقرار فيها بعد رحلة الإغتراب الطويلة، ليس هذا فقط بل ولاستثمار ماله في مشروع صناعي تجاري".

ويرى ناصر في مقاله أنه كانت لباثواب أسبابه، ولعدن أسبابها في ذلك الوقت، وقال "وكان هذا غريباً بعض الشيء.. أن يأتي تاجر، أو رجل أعمال لاستثمار ماله أو جزء منه في عدن في وقت كان فيه التجار وأصحاب رؤوس الأموال يهربون منها بسبب إجراءات التأميم التي اتخذتها الحكومة للهو في عام ١٩٦٩م، للبنوك والشركات التجارية وشركات التأمين والتموين وغيرها، وبعد سيطرة الدولة على التجارتين الداخلية والخارجية، لكنها أعلنت نفس الوقت أنها على استعداد لنوع من الشراكة بين الدولة ممثلة لقطاع العام والقطاع الخاص في إقامة مشروعات مشتركة" .

ويتابع "ولعل هذا ما جعل صالح باثواب يجتاز حاجز الخوف.. ويقدم على مغامراته المأمونه في ظل دولة القانون والنظام" .. مشيراً إلى أن الحضارم معروفون بأنهم تجار بالفطرة.. وتجار شطار بالطبع، وبهذه الفطرة والشطارة دون أن يكونوا في حاجة إلى ارتياد الجامعات، أو دراسة الإدارة والاقتصاد والمحاسبة، استطاعوا أن يكونوا (ريبوتات) تجارية كبرى في عدن وفي المهاجر، ويسيطروا على التجارة فيها في ظل منافسة شديدة من أصحاب الشركات الأجنبية.. وكان تجار مثل بازرعة، وباشتفر، وباعبيد، وغيرهم يشكلون عصب التجارة في عدن بالإضافة إلى التجار وأصحاب رؤوس الأموال من تعز والأجانب الهنود والغربيين ..

ويضيف ناصر "يقال أن رأس المال جبان بطبعه.. والحضارم حذرون بطبعهم وعقلانيون، واقتصاديون من الدرجة الأولى.. لهذا كنت احرص على تولية الحقائب المالية والاقتصادية للحضارم كما نصح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب واليه على مصر عمرو بن العاص بتولية الحضارم المال والقضاء .. لكن هذا موضوع آخر، لكن أن يأتي الحضرمي صالح باثواب إلى عدن في تلك الظروف فذلك ما يثير
الدهشة، فالظروف القائمة حينها كانت لا تشجع احداً على القيام بهذه المغامرة..لكنه كان قد حزم أمره، وقرر المضي فيما عزم عليه.. وكانت الدولة أيضا تحتاج إلى هذا النوع من العقول الاقتصادية وإلى مشروعات صناعية توظف اليد العاملة وترفد الاقتصاد الوطني "..

ويؤكد ناصر أن ذلك كان مثاراً للدهشة في تلك الظروف.. لكن الرجل بدد نظرة الاستغراب تلك التي ربنا قرأها في وجوه الآخرين، وفي وجهي ايضاً.. ولعل البعض تجرأ وسأله ؛ ماذا جئت تفعل هنا ؟!!! كان جوابه بسيطاً كبساطته: قال لي أبي ذات يوم : ” مال ليس في بلادك لا هو لك.. ولا هو لأولادك”.

ويشير ناصر إلى أن تلك كانت نصيحة أو وصية أب لأبنه.. رجل خبر الحياة، وعصرته التحارب، ورأى بأم عينيه ما حدث من قاسي للحضارم ولسواهم في مهاجرهم الأفريقية والآسيوية خاصة في ستينيات القرن العشرين سبب الثورات والقلاقل التي حدثت هناك وفقد الكثيرون منهم بسببها ( شقى العمر) ..

ويوضح ناصر أن صالح باثواب فلسفته التي ورثها عن أبيه هكذا إختصر فلسفته التي ورثها عن والده، وجاء الآن إلى عدن لينفذها عبر مشروعي مصنع السجائر والكبريت اللذين أقامهما ولا يزالان ..

ويختتم ناصر مقاله بالقول "رحل عنا الشيخ صالح باثواب، وقد حزنت لموته، وكنت التقيته قبل رحيله بأشهر قليله فقط. في دبي مع ابنه عبد السلام . لكنه ترك وراءه سيرة عطرة، وحياة حافلة تميزت بالعمل الصالح والتواضع الجم الذي لم تفسده الثروة.. ومشروعه الاقتصادي الذي يعيل مئات العمال ولآلاف الأسر.. وكان مشاركاً في حقبة من التعاون المثمر والناضج بين الدولة والقطاع الخاص.. وشاهداً على حقبة مهمة من التاريخ .. . رحم الله الشيخ صالح باثواب، واسكنه فسيح جناته والهم اهله وذويه الصبر والسلوان" .