أبرزهم "ناطق الميليشيا".. الحوثيون المتورطون في سرقة النفط "بالأرقام"

تقارير وتحقيقات

محمد عبد السلام
محمد عبد السلام

محمد العبسي.. صحافي توفي (مسموماً) في صنعاء في ديسمبر الماضي، ومثلت مدونته مرجعاً رئيسياً لوثائق فساد ميليشيا الحوثي، حيث كافح من أجل إيضاحها لليمنيين.

صدرت بيانات من المُسلحين الحوثيين، خلال عام (2015) و(2016)، إضافة إلى الوثائق التي نشرها أصدقاء "العبسي" في ما يمكن وصفه بـ"الإرث" الاستقصائي لمرحلة حكم الأمر الواقع للحوثيين والمخلوع، ويعتقد الكثير من الصحافيين أنه قُتل مسموماً عندما كان ينقب عن معلومات لثلاث شركات نفطية يملكها الحوثيون تدير القطاع النفطي بكاملة (استيراد- تصدير- سوق سوداء).


إيراد ميليشيا الحوثي السنوي


ويكشف "التحقيق" كيف أن المشتقات النفطية (وحدها) تعطي إيراداً للحوثيين بشكل سنوي حوالى مليار و 250 مليون دولار، ما يقرب من (104 مليون 167 ألف دولار شهرياً)، بشكل يومي (3 مليون و472 ألف دولار) في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم. 


صفقة "كارثية"


كانت البداية عندما كان الرئيس عبدربه منصور هادي، قيد الإقامة الجبرية في منزله بصنعاء، مرر الحوثيون صفقة "كارثة" تقضي بتمرير اتفاق عقد شراكة بين شركة توتال وبين الحكومة اليمنية تصبح بموجبها شركة توتال شريكاً في قطاعين نفطيين إنتاجيين هامين هما قطاع 18 (صافر) والقطاع 20 المجاور له (شبوة ومأرب)، وكلاهما قطاعان تشغلهما الشركة المملوكة للدولة "صافر".


 وفي تفاصيل وآثار الصفقة، منحت توتال الفرنسية، المعروفة بفسادها "العابر للقارات"، حسب تعبير الصحافي العبسي، حق الإنتاج في قطاعات نفطية انتاجية مهمة، مقابل لا شيء، ما يعني حرمان خزينة الدولة اليمنية من موارد مالية كبيرة، لقاء رشاوى وعمولات تمنحها توتال لسماسرة الحوثي، الذين زعموا أنهم جاؤوا لإنقاذ اليمنيين من براثن الفساد.


أول زيارة لوزير مالية حكومة الانقلابيين لشركة النفط


موظف له علاقة بالشركة اليمنية للنفط، تحدث بصراحة حول ما دار في أول زيارة لوزير المالية في حكومة الحوثيين (صالح شعبان)، حيث قال لـ"يمن مونيتور": "زار صالح شعبان شركة النفط بعد يومين من إعلانه وزيراً للمالية في محاولة للبحث عن إيرادات لخزينة الدولة بعد نقل البنك المركزي إلى عدن، وطالب بتوريد الإيرادات إلى حساب الحكومة لدى البنك المركزي، واشتاط المسؤولون الحوثيون غضباً".


وأبلغ الحوثيون "شعبان" رفضهم توريد المبالغ لحساب حكومة الشراكة مع حليفهم "صالح"، وما كان عليه إلا المغادرة يجر خلفه أذيال الخيبة. -كما أفاد المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، حيث برر الحوثيون لـ"شعبان" أنهم يستخدمون الإيرادات من أجل "المجهود الحربي"، على حد زعمهم.


تعويم أسعار المشتقات النفطية


في يوليو 2015م، أعلنت ما تسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" لجماعة الحوثي أنها قررت تعويم أسعار المشتقات النفطية وفقا للأسعار العالمية، وهو ما يعني رفع الدعم عن المشتقات بشكل نهائي، وفتح المجال واسعا لاستيراد القطاع الخاص مباشرة.


ومن المصادفة أن الحوثيين اجتاحوا العاصمة صنعاء بمبرر قرار لحكومة الوفاق (التي رأسها محمد سالم باسندوة) في يوليو 2014م رفع الدعم عن المشتقات النفطية.


لكن ما يهم الحوثيين هو فتح المجال نحو استيراد القطاع الخاص مباشرة وبيعه في الأسواق السوداء، وفي ظل تحكم الجماعة بالميناء الذي يمد المحافظات الخاضعة لسيطرتهم بالاحتياجات (الحديدة) -غربي البلاد- فإن الأمور ستكون أكثر وضوحاً وانتاجية للحصول على الإيرادات، وتأسيس رؤوس أموال جديدة في الدولة.


ولتفكيك إجمالي ما حصل عليه الحوثيون لأجل مشاريعهم، وفق قرار التعويم، وصلت كمية المبيعات من الوقود عام 2015 إلى  2.102 مليار لتر، حسب تقارير خاصة بـ"وزارة التخطيط" الخاضعة لسيطرة الحوثيين لكل المحافظات اليمنية.


وبما أن الأوضاع كما هي خلال العام (2016) بل على العكس انفرج استيراد المشتقات النفطية منذ تولي الأمم المتحدة مسألة الرقابة على الوردات إلى اليمن منذ مايو 2016م. خصوصاً وأن دراسة الأرقام ستكتفي للمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.


قرابة مليار دولار كزيادة في قرار التعويم


وإذا فرضنا أن متوسط ما ستأخذه الجماعة في اللتر الواحد للمشروعين (الميناء النفطي- والمحطة الكهربائية) سيكون (65 ريالاً) فإن الجماعة ستحصد، خلال العام الواحد، (136 مليار و 663 مليون ريال)، وفي عام ونصف ستحصل الجماعة المسلحة على (204 مليار و945 مليون ريال)، ما يقارب (819 مليون و780 ألف دولار)، هذا فقط خلال المدة بين يوليو 2015م- عند صدور قرار التعويم- إلى ديسمبر 2016م، فيما يخص ما نص عليه القرار من مبالغ مالية على المشتقات النفطية لإنشاء محطة كهرباء و ميناء نفطي خاص، وهو ما لم يحدث ابداً، أو تظهر نواحي باتجاهه.


فجماعة الحوثي لم ترفع الدعم عن المشتقات النفطية فقط، بل كالعادة كانت الجبايات الجديدة فرضاً لتقوية رؤوس أموال الجماعة المسلحة والحصول على إيرادات تخص الجماعة وحدها.


الأسواق السوداء


خلال عام 2015م و2016م كانت الأسواق السوداء هي المسيطرة بشكل واضح في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وليست فقط الشركات الأخرى بل أيضاً شركة النفط اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة.


مع نهاية عام 2016م انخفضت الأسواق الموازية للباعة الجوالين للمشتقات النفطية، في العاصمة صنعاء، بعد أن كانت دراسة سابقة نشرت بداية العام الماضي تشير إلى وجود 700 سوق سوداء معظمها على مداخل المدينة.


يعود السبب في ذلك إلى أن محطات التعبئة تبيع بسعر (السوق السوداء) عبر شركة النفط التي يفترض بكونها -حتى قبل قرار التعويم- المستورد والموزع الأساس للنفط.


سرقة الحوثيون بالأرقام


وحسب السعر الرسمي للجالون البنزين فإنه لا يتجاوز (2700 ريال) ما يقرب(9 دولار) لكن المحطات تبيع الجالون بـ(5000 ريال) وكحد أدنى (4200 ريال) وفي بعض الفترات والتي استمرت أشهر كانت السوق السوداء تبيع الجالون بـ(6000) ريال، فيما يبلغ سعر الجالون من الديزل (4500 ريال) تقريباً (15 دولار) من السعر الرسمي له والمقدر بـ(2500ريال). (الأسعار الرسمية بعد رفع الدعم عن المشتقات النفطية).


وقال المسؤول في شركة النفط لـ"يمن مونيتور"، إن الشركة مستمرة في بيع (الجالون) من النبزين ب 3600 ريال في بعض مراكز البيع بالمحافظات، لكن بكميات قليلة ونادراً ما يقوم أصحاب السيارات والشاحنات بالحصول على الكميات المطلوبة لهم بالرغم من الطوابير الطويلة، ويقرر فقط 60 لتر لكل سيارة.


من خلال ما سبق، يمكن الافتراض أن المتوسط الأدنى الذي يجنيه الحوثيون هو (2000 ريال) من كل جالون يقومون بتوزيعه بمعنى (100 ريال)-أقل من 4 دولار) في كل لتر، فإن إجمالي ما يجنيه الحوثيون خلال العام كأقل تقدير (210 مليار و 200 مليون ريال)، بما يعني أن الحوثيين حصلوا خلال العام من خلال فارق (السعر فقط) بين (الرسمي والسوداء) مبلغ (819 مليون و 780 ألف دولار) خلال العام وستصل اليمن العامين منذ بدء عمليات التحالف العربي في اليمن في مارس/ آذار، عندها يكون الحوثيون قد حصلوا على ( مليار و639 مليون و 560 ألف دولار).


احتكار الحوثيون سوق الاستيراد


لا تقتصر أرباح الحوثيين على هذه فقط من الإيرادات، بل إن قرار "التعويم" قام بتفصيل الإستيراد على مقاس الجماعة، أعلن الحوثيون في نوفمبر 2015م عن "لائحة الضوابط والإجراءات المنظمة لاستيراد المشتقات النفطية"، وهي اللائحة التي تمكن من الاستيراد دون الرجوع إلى شركة "النفط" اليمنية.


ورغم الانتقادات التي وجهها مجلس تنسيق اللجان النقابية لشركة النفط اليمنية إلا أن الحوثيين مضوا في طريقهم، ودعا بيان للمجلس أثناء اصدار اللائحة إلى "إلغاء قرار التعويم الكارثي، ووقف التعامل مع التجار المتورطين في السوق السوداء، وعبر الوسطاء المحليين، وتجنيب شركة النفط تدخلات مشرفي جماعة الحوثي غير المؤهلين.


وتُشير مراسلات لـ"العبسي" قبل وفاته مع صحافيين وناشطين، تورط قيادات في جماعة الحوثي بتأسيس شركات تحتكر استيراد المشتقات النفطية من الخارج، وهو ما كشفه الإعلامي محمد الربع عن رسالة وجهها إليه العبسي قبل أيام من وفاته، طلب فيها من الربع الذي يعمل في قناة «يمن شباب» التي تبث برامجها من الأردن، الحديث عن «هوامير الفساد النفطي»، وقال العبسي في رسالته إنه أجرى بحثاً استقصائياً عن تجار السوق السوداء في اليمن واتضح له أن أكبر الشركات النفطية المحتكرة حالياً استيراد النفط ثلاث شركات كلها لقيادات حوثية.


اًصحاب الشركات المُحتركة لاستيراد النفط


وحسب المراسلات فإن الشركة الأولى الكبيرة هي لـ"محمد عبدالسلام" الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي المسلحة وأسماها «يمن لايف» ويديرها شقيقه، والشركة الثانية لتاجر السلاح الحوثي المعروف دغسان محمد دغسان واسمها «أويل برايمر»، بينما تعود الشركة الثالثة واسمها «الذهب الأسود» للحوثي علي قرشة الذي كان عضواً في لجنة الوساطة أثناء الحرب الخامسة، مشيراً إلى أنه تم إنشاء شركة في إمارة "دبي" من قبل الحوثيين كواجهة تقوم بشراء النفط باسمها صورياً حتى لا تواجههم مشاكل في الحصول على تراخيص من قبل دول التحالف.