السعودية لم تتعهد لهادي بإزاحة صالح والحوثي؟ معلومات يكشفها كاتب سعودي بارز

تقارير وتحقيقات

الرئيس هادي
الرئيس هادي

بين الحين والآخر تنطلق «دعوات المُصالحة» بين طرفي الأزمة اليمنية، الحكومة الشرعية من جهة وطرفي الانقلاب المُتمثلين في ميليشيا الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة آخرى، إلا أن خروقات الميليشيا الحوثية العفاشية المُستمرة تُعرقل دائمًا مساعي السلام.

التحالف والمُصالحة اليمنية

التحالف العربي بقيادة المملكة والمُصالحة اليمنية.. في مُفاجاة من العيار الثقيل، قال كاتب سعودي بارز، إن الإدارة السعودية لم تتعهد لأيًا من الأطراف اليمنية بإزاحة الأطراف الموالية لصالح والحوثيين من أي مشاركة سياسية مستقبلية في اليمن.

وأضاف «عبدالرحمن الراشد» في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط، أن الذين يعترضون على إشراك الحوثيين ومنتسبي صالح، ويعتبرونه خذلانا لكل ما تمت التضحية به، مخطئون، مُشيرًا إلى أنه ”لا يوجد أبدا أي تعهد بحرمان الخصوم من المشاركة السياسية، ولم يكن ذلك هدفا للحرب.

وأكد أن هدف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، عودة الحكومة الشرعية، وكانوا جزءا منها، وقد دفعوا ثمنا باهظا بسبب انقلابهم عليها، وكذلك الشعب اليمني، داعيًا إلى دعم خارطة ولد الشيخ للسلام في اليمن.

المُبادرة ستفشل بسبب الانقلابيين

وأكد «الراشد» أنه رغم الانتقادات التي وجهتها أطراف أساسية في الحكومة الشرعية وآخرون، لا زال يعتقد أن مبادرة كيري جيدة، وأشك أن تنجح، ليس لأن رجال الرئيس هادي انتقدوها بل العكس، لأن الانقلابيين سيفشلونها.

المُبادرة تؤكد على شرعية النظام

 المُبادرة تؤكد على شرعية النظام وسلطاته، وأن يسلم الانقلابيون أسلحتهم الثقيلة، وأن يخرجوا من العاصمة والمدن الرئيسية وتسلم للحكومة الشرعية، في المقابل، يتم تعيين نائب رئيس للدولة معتدل، يتفق عليه، تنقل إليه معظم الصلاحيات من الرئيس.

في المبادرة، الانقلابيون تراجعوا عن معظم مطالبهم الرئيسية، كانوا يريدون نظام حكم جديدا لهم فيه اليد العليا، وإقصاء الرئيس عبد ربه منصور هادي، والإبقاء على أسلحتهم، واعتبار ميليشياتهم جزءا من الدولة، والاحتفاظ بوجودهم في المناطق التي استولوا عليها، كل مطالبهم تلك سقطت، الذي كسبوه منها أن المبادرة لا تلغي وجودهم، ولا تسحب أسلحتهم الخفيفة، على اعتبار أن معظم اليمنيين مسلحون أصلا قبل الحرب، وموعودون بالمشاركة في الحكومة، وهذا كان ممنوحا لهم قبل الانقلاب.

لماذا عارض الرئيس هادي المُبادرة؟

لسببين: لأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أخطأ عندما لم يتواصل معه مباشرة، بدلا من الاعتماد على إرسال الرسائل مع آخرين، وقد اعتذر كيري عن ذلك.

والسبب الآخر، توقع «الراشد» أن هادي اعتبر منح معظم صلاحياته لنائب الرئيس تجاوزًا عليه، والحقيقة، الرئيس يعرف، قبل غيره، أن القوى اليمنية والحلفاء تمسكوا به في ظروف صعبة للغاية، وخاضوا حربا من أجل الحفاظ على كيان الدولة، وصيغة الحكم التي تمت بالتوافق بين اليمنيين ورعاية الأمم المتحدة مباشرة، أما منصبه، كرئيس للدولة، فهو مؤقت، حدد بعامين، إلى حين إجراء الانتخابات التي أجهضها الانقلابيون.

ولقد جاهد المخلوع والحوثي، منذ قيامهما بالانقلاب، يساومان على إبعاده، إلا أن الجميع تمسك بالرئيس هادي رمزا للشرعية، والمبادرة الجديدة تحافظ عليه رئيسا، أما الصلاحيات، فنحن نعرف أنها قليلة لأن القليل من الحكومة موجود أصلا، ولا تزال حكومة منفى، رغم عودتها صوريا إلى عدن، لأن البلاد في حالة حرب واسعة عطلت الأجهزة الحكومية وخدماتها.

الصلاحيات ستبقى قليلة حتى بعد وقف الحرب، هذا إن نجحت المبادرة وحقنت الدماء وعمّ السلام، ولن توجد حكومة فاعلة إلا بعد كتابة الدستور، وإجراء انتخابات شاملةن وبالتالي، لن يفقد الرئيس «هادي» الكثير من صلاحياته حتى بعد نقل بعضها، لأنه ببقائه يفشل المتمردون في تحقيق شرطهم الأول، وهو إخراج الرئيس هادي.

بين اليمن وأفغانستان

تنتهي الحروب الأهلية غالبا بالمصالحة، أو يستمر المتقاتلون حتى يتعبوا ويمزقوا بلدهم، هذه أفغانستان التي تشبه كثيرا اليمن، في تضاريسها وخريطتها الاجتماعية، لا تزال حربها مستمرة منذ خمسة عشر عاما تقاتل فيها الولايات المتحدة الأميركية طالبان، الدولة العظمى لم تستطع حسم الحرب رغم إمكانياتها التي سخرتها لها، والتحالف العسكري الواسع الذي يشاركها القتال، ليس لأنه عسير على الأميركيين إفناء خصومهم، بل لأن المطلوب إخضاع كل القوى للسلطة المركزية، الأميركيون لم ينجحوا بعد رغم المفاوضات والقتال مع طالبان.

أما حرب اليمن، فقد مر عليها أقل من عامين قاسيين على الجميع، وقد تحقق فيها أولا إنقاذ اليمن من الانقلابيين الذين استولوا عليه بالكامل، ولولا التدخل العسكري لأصبح دولة في الفلك الإيراني.

قبول الحوثي والمخلوع للمبادرة يُعني تسليم أسلحتهم الثقيلة

من الممكن أن يستمر الطرفان في الاقتتال خمسة عشر عاما أخرى، لكن لماذا؟ الانقلابيون الذين جربوا حظهم في الاستفراد بالحكم فشلوا، في حين كانوا قبل تمردهم طرفا في الحكم والحكومة، وقبولهم بالمبادرة يعني تسليم أسلحتهم الثقيلة، وإخلاءهم المدن، والانخراط في الحكومة تحت هادي، يعني أنهم خسروا رهان السلاح.